اختار من بين الأغراض الشعرية فن الغزل فما زالت الأنثى بجمالها وفتنتها قطباً مركزياً في دنياه، متأثراً بالمذهب الرومانسي دون أن يلغي تمسكه بالنزعة الكلاسيكية التي تعود إلى عصر الإحياء وما قبله في العصرين العباسي والأموي، متوخياً الابتعاد عن التراكيب المعقدة في الصورة والوحشي من الألفاظ.
"عدنان جاسم الناعمة" الذي التقاه موقع eHoms في منزله وكانت بداية الحديث عن الكتابة الشعرية حيث قال: «كنت أكتب وما زلت، لمن أُحب وربما ورثت جانباً من شخصية أمي الأنثوية الطافحة بالحنان واللطف والكلام الجميل الدافئ، فنشأت أعشق الكلمة الدافئة- رغم إيماني الكبير بوجود أو ضرورة الإلهام الشعري- ويمكنني أن أسمي الشعر ومضة تأتي ويستغلها الشاعر لتخدم غرضه، وأعتبر أن الشعر نابع من مشاعر الإنسان وعواطفه وذاته ولا يمنح من أي مركز آخر بل لا يُعلّم إطلاقاً، قد أستطيع أن أُعلّم طالبي كيف يزن الشعر من خلال عرضه على بحور الشعر ولكن أن أُعلّمه كيف يشعر ويعبّر بقالب شعري فيه العواطف وفيه الموسيقا والطرب فهذا غير ممكن وكثير من الشعراء أبدعوا الشعر دون تعلمه بدءاً من الجاهلية وانتهاءً بشعر الزجل فهؤلاء لم يعرفوا مدارس شعرية أو أدبية، بل كان الشعر بالفطرة عندهم».
منذ زمن طويل لم أشارك في أمسيات شعرية ولا لقاءات أدبية فانشغالي بطلابي وطالباتي فوّت عليّ الكثير من هذه الفرص وقمت بمشاركة ابني "متيّم" بأكثر من أمسية شعرية ولقاء شعري في جامعة البعث
وعن سبب اعتماد الشاعر على اللون الغزلي يوضح لنا قائلاً: «ربما كانت طفولتي وراء ذلك بسبب أنني تعرضت لحادثٍ أثر في نفسي وجعلني أكبت عواطفي وأعشق بصمت دون أن أبوح بحبي، فمعظم كتاباتي كانت في الغزل وكتبت في موضوعات أخرى ولكني أحس وأنا أعود إليها بأنها لشخص آخر وليست لي، أما قصائد الغزل فعند العودة إلى أية قصيدة ولو كانت قبل عشرين عاماً أحس بدفئها وبنبضها وأعود إلى اللحظة التي كتبتها فيها فكأنها قطعة من قلبي وقد أنصفني ابني "متيّم" في تقديمه لديواني الأول "بيني وبين المها" حين قال: "قصائد أبي باقاتُ وردٍ ينثرها في كل مكان يفاجئه بالحنان وقلب أبي يتسع لحب ألف امرأة دفعة واحدة"».
وفي نوعية قصائده يرى الشاعر أن قصائده عمودية موزونة حيث يقول:
«قصائدي أكثرها من الشعر العمودي وأكتب كثيراً في شعر التفعيلة ولكني حتى في شعر التفعيلة أحرص على العروض الشعرية وألتزم بحور الخليل ابن أحمد بل ولا أرى الشعر شعراً إلا من خلالها كما أحرص على القوافي في شعر التفعيلة وفي حدودها الدنيا في كل مقطعٍ من مقاطع قصيدة التفعيلة إن لم يكن في القصيدة كلها أما ذلك الشعر الذي يسمونه الشعر المنثور فأنا أراه نثراً مشعوراً لا شعراً منثوراً ولا أقرؤه بل أقف منه موقف المعادي فأهم ما يميز الشعر موسيقاه ونغماته التي يمكن أن تجعله يُغنى ويُطرب».
وفيما إذا كان "الناعمة" متأثراً بأحد الشعراء، يرى بأن كل ما نقرؤه يؤثر فينا إلى حدٍّ ما حيث يقول:
«لا شك في أن ما نقرؤه يمكن أن يؤثر فينا ويختزنه اللاشعور لنفيد منه فيما بعد وأنا قارئٌ شغوف أحس بالمتعة الحقيقية مع الكتاب وكأني مع حبيبة فأقرأ كثيراً ولكني لا أعتبر نفسي متأثراً بشكل مباشر بأي شاعر، وإن ظهر لبعضهم أن أشعاري تنهج نهج "نزار قباني" أو غيره من شعراء الغزل ولكني ما قلدته ولن أقلده ولن أقلد سواه والذوق العام يرى هذا الرأي حتى مع مطربٍ صاعد يمتلك نبرة صوت خاصة تشبه صوت نجمٍ معروف عندهم فيتهمونه بتقليده ورحم الله "توفيق الحكيم" الذي يقول: "إنها لمضنيةٌ شاقة تلك الجهود التي تبذلها النجوم لتضيء في حضرة الشموس"».
وعن أمسياته القليلة يخبرنا "الناعمة" قائلاً:
«منذ زمن طويل لم أشارك في أمسيات شعرية ولا لقاءات أدبية فانشغالي بطلابي وطالباتي فوّت عليّ الكثير من هذه الفرص وقمت بمشاركة ابني "متيّم" بأكثر من أمسية شعرية ولقاء شعري في جامعة البعث».
وختاماً اختار لنا هذه الأبيات من قصيدة "يا كُل حِسان الأرض":
«ريما.. يا أوّل من أَحببتُ بعُمقٍ زَلْزَلَ أركاني
ريما.. يا آخرَ من ألَّهتُ بعشقٍ عانق إيماني
ريما.. يا كُل حِسان الأرض جُبلنَ فكُنَّ لأحْضاني
لم أعرف قبلكِ فاتنةً.. ملكت أوهامي وجناني
جعلتني أركع معترفاً.. بالأسر فؤادي ولساني
يا أذكى امرأةٍ في الدنيا.. يا أكبر من كل بيان
يا كوثر حُبٍّ قُدسيٍّ.. يتدفق خمْراً بِدِناني
يا أجمل أنثى عَرَفَتْها.. من بعد زحامٍ شطآني
يا أطرى من أوراق الزهر وأقسى من حدِّ سنانِ
كالسُّكرِ أنتِ تذوبين وطوْراً كالجمرِ القاني».
الجدير ذكره أن الشاعر "عدنان جاسم الناعمة" من مواليد /1951/ حاصل على إجازة في اللغة العربية– جامعة دمشق– يزاول مهنة التدريس في ثانويات مدينة "حمص" صدر له ديوانان، الأول "بيني وبين المها" عام /2007/ والثاني "حكايات في قصائد" عام /2010/