استضافت مدينة "حمص" وعلى مدى أربعة أيام نحو عشرين قاصاً وقاصة من مختلف المحافظات السورية جاؤوا للمشاركة في مهرجان القصة القصيرة الخامس عشر الذي أقامته "رابطة الخريجين الجامعيين" بعد انقطاع سنتين، وذلك في مقر الرابطة بالفترة ما بين 13 و16 آذار 2011.
eHoms تابع بعض فعاليات المهرجان واستطلع آراء عدد من القاصين المشاركين فيه وتعرف على مشاركاتهم القصصية، فذكر القاص "نجم الدين سمان" من "حلب" أنه من المشاركين الدائمي العضوية في مهرجانات رابطة الخريجين الجامعيين وقال: «أحب أن آتي دوماً إلى "حمص" لأنها مدينة جميلة عشت فيها لأكثر من عام ونصف خلال فترة خدمة العلم، لي ذكريات وأصدقاء كثر، وأشارك في هذا المهرجان بقصة من مجموعتي الجديدة التي هي بعنوان "المدن النساء"، وتتحدث عن علاقة الراوي مع المدن والنساء».
المميز أن هذا المهرجان متخصص بالقصة القصيرة، هذا الفن الأدبي الذي بدأ يأخذ مكانه بين الفنون الأدبية الأخرى بجدارة وأصبح له جمهوره الواسع الذي لا يقل عن جمهور الشعر
وعن رأيه بالمهرجان قال: «رابطة "الخريجين" سنوياً تقيم "بانوراما" شاملة للقصة السورية، خاصة أن الاهتمام بالقصة تراجع قليلاً بالسنوات الماضية، لكن من تقاليد الرابطة أن تقيم مهرجاناً للقصة وهذا شيء جميل، فالأمسيات المتفرقة لا تعطي هذا الحجم والدعم للقصة القصيرة، وحتى المجلات والصحف كانت بالخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تنشر قصصاً أما اليوم فلم تعد تنشر».
وأضاف: «مبادرة مميزة أن يكون هناك مهرجان للقصة وفي "حمص" التي تتوسط سورية، ويجمع هذا المهرجان من كل الأطياف والأجيال والأصوات القصصية، أتمنى أن يستمر هذا التقليد ويدعمه المثقفين في "حمص" ليبقى في ذاكرة هذه المدينة المثقفة والقارئة والملأى بالفعاليات والنوادي الثقافية».
من جهتها قالت الإعلامية والقاصة "كوليت بهنا" إحدى المشاركات في المهرجان من "دمشق": «هذه هي مشاركتي الأولى في المهرجان، قدمت قصة قصيرة ممكن أن تكون مناسبة للتطورات العربية، وأعتقد أن أي نشاط يقام خارج العاصمة؛ التي يكون فيها التركيز على الأنشطة الثقافية عادة أكثر، هو مكسب للكاتب بالدرجة الأولى وللجمهور الثقافي في المدينة التي يزورها، فيحدث ما يسمى التبادل الثقافي والإنساني، لكن بالتأكيد يغتني الكاتب حين يتعرف على جمهور جديد وخاصة في "حمص" التي وجدت فيها تفاعلاً لدى الجمهور المتابع للمهرجان».
وأضافت: «الحقيقة أنني لم أشعر بأن هناك زخماً إعلامياً لهذا النشاط الذي كان من الممكن أن تقام له حملة إعلامية أكبر، لكن هذا حال الثقافة اليوم ولا نلوم الناس لابتعادهم عن الثقافة بل علينا نحن كأدباء ومثقفين أن نسعى لترغيبهم لمتابعة الفعاليات الثقافية».
أما رئيس تحرير جريدة "العروبة" القاص "عيسى اسماعيل" أحد المشاركين بالمهرجان فقال: «المميز أن هذا المهرجان متخصص بالقصة القصيرة، هذا الفن الأدبي الذي بدأ يأخذ مكانه بين الفنون الأدبية الأخرى بجدارة وأصبح له جمهوره الواسع الذي لا يقل عن جمهور الشعر».
وأضاف: «هذه هي مشاركتي الثانية، وأنا اليوم أشارك بقصة مختلفة عن قصصي السابقة، قصة رمزية يمكن تفسيرها بأكثر من وجه، قصة البحث عن مفقودة ربما تكون رمزاً لأمنية، ربما تكون هي فلسطين، وربما تكون رمزاً لمستقبل نبحث عنه».
وعن رأيه بالقصة القصيرة في "حمص" وبالمهرجان قال: «القصة القصيرة في "حمص" قصة مزدهرة قياساً بمثيلاتها في المحافظات الأخرى، أتمنى أن يكون المهرجان دائماً وأبداً، أن نرى وجوهاً جديدة من مختلف المحافظات، وأقلاماً جديدة لكي نتعرف عليها وعندها يمكن أن نتابعها، ومن حق الأقلام والوجوه الجديدة أن تعطى فرصة الظهور في هذا المهرجان المتميز والنوعي،
كما أتمنى على وسائل الإعلام ألا تقصر كما هي مقصرة في تغطية هذا المهرجان وخاصة وسائل الإعلام المرئية والصحف المركزية».
الكاتبة "غادة اليوسف" إحدى المشاركات الدائمات في مهرجان القصة من "حمص" تحدثت عن مشاركتها قائلة: «لا شك أن كل مهرجان أو نشاط أدبي يصب في النهاية في خدمة الإنسان وتطوره وبصيرورة تكامله الذاتي لكون الثقافة والفكر هما الوسيلة لترقي البشرية.
وقصتي التي قدمتها كانت بعنوان "ليلة الكرز المر" وهذه القصة تجسد الأزدواجية بين الطرح المؤسساتي للقضايا الإنسانية الكبرى كقضية العنف ضد المرأة والطفل وسوء التطبيق حينما تمارس أقسى درجات العنف على المرأة والطفل حتى من خلال هؤلاء الناس الذين يتبجحون في المؤتمرات وفي الاحتفاليات بهذه القضايا التي تهم الإنسان».
وللتعرف على المهرجان بشكل عام والهدف من إقامته التقينا الأديب "محمد ديب الزهر" المسؤول الثقافي في "رابطة الخريجين" وعضو مجلس الإدارة فتحدث قائلاً: «رابطة الخريجين الجامعيين هي رابطة أهلية اجتماعية ثقافية ونشاطاتها متعددة الجوانب مختلفة الألوان والظلال لكنها متلاقية في الطيوف، نحن نؤمن أن أي تجمع لا يحمل فكراً أو ثقافة هو تجمع فاشل، لذلك عملنا على تنشيط الحرف العربي والعقل العربي والإبداع العربي، من خلال إقامة نشاطات متنوعة منها مهرجان القصة القصيرة ومهرجان الشعر العربي ومهرجان الشعراء الشباب».
وأضاف: «لقد وجدنا هذا الفن الأدبي، القصة، والذي هو تكثيف للحياة وخلق لشخصيات الحياة وجدناه مهملاً في كثير من الأحايين، ويعتبره البعض أنه للقراءة في آخر الليل أو في النهار أو لسد الفراغ لكننا وجدنا وآمنا أن القصة عامل إثارة للسؤال وللبحث عن الجواب ولذلك أنشأنا مهرجان القصة القصيرة.
ها هوذا مهرجاننا يبلغ عامه الخامس عشر قدمنا فيه نماذج مختلفة من مدارس أدبية قصصية كثيرة فيها القصة الذاتية وفي الوقت نفسه فيها القصة الوطنية وفيها اللون الإبداعي والشخوص السلبيون والشخوص الإيجابيون وفي الوقت نفسه حاول المبدعون القاصون أن يثيروا السؤال وأن يثيروا الجواب».
وتابع حديثه عن المشاركون في المهرجان بالقول: «حاول القاصون أن يثيروا مشكلات إحساسات القلب وبالتالي العلاقات الإنسانية الاجتماعية، مجتمعنا فيه اليوم بعض التغيير في العلاقات الاجتماعية، وحاول القاصون أن يثيروا هذه المشكلات وفي الوقت نفسه يسلطوا الأضواء على الإيجابيات وعلى السلبيات وبالتالي وجدنا قاصين مبدعين فعلاً استطاعوا أن ينقلوا لنا ضفاف المجتمع وأمواج ما بين الضفاف واستطاعوا أن ينقلونا من حالة الركود الفكري القصصي إلى حالة الحراك الفكري القصصي، وكل ذلك إيماناً بأن الثقافة هي الرافع الأساس للوطن وبالتالي وطن بلا ثقافة هو أرض بلا أشجار وهو أرض بلا ماء وبلا حياة».
وعن الطموحات التي تسعى الرابطة لتحقيقها على مستوى المهرجان قال: «إننا نطمح في نشاطاتنا جميعها على أن نحرك الحركة الثقافية إلى الأمام أن نجعلها عماد نهضة هذا الإنسان العربي، إن تنشيط الثقافة هو تنشيط للوحدة الوطنية تنشيط للإبداع الوطني وصنع للحضارة الإنسانية.
سأحاول في المهرجانات القادمة أن أختصر العدد وأن أجعل نصف أو ربع ساعة للنقاش بين القاص والجمهور حول الشخوص، حول الهدفية، حول البناء القصصي، حول البيئة الزمانية المكانية الاجتماعية الخيالية، فلا شيء يخلق من فراغ حتى الشيء الذي يقولون إنه خيال فهذا الخيال ليس خيالاً لأن الخيال نحن نخلقه من رؤانا الطفلية ومن رؤانا المبدعة التي تتخيل الأشياء وتصنع الأشياء وتخلق الكون من حولها».