ترى في الشعر إطلالة على العالم من أعلى الشرفات وأوسع المساحات تؤمن بالمرأة وقدرتها على خوض مجالات الحياة والعمل والعلم، إنها الشاعرة "دعد طويل قنواتي".
عنها قالت الدكتورة "لبانة مشوح "عميدة المعهد العالي للغات وعضو مجمع اللغة العربية: «"دعد" إنسانة متميزة بحسها المرهف وشفافيتها ورقيها الأخلاقي والفكري، شعرها مرآة لثقافتها الواسعة يتجلى فيه انتماؤها القومي وعمق تمسكها بجذورها الإنسانية والوطنية، تتألم لما يلم بأمتها وتطمح أن تستعيد نصاعة الماضي المشرق.
"دعد" إنسانة متميزة بحسها المرهف وشفافيتها ورقيها الأخلاقي والفكري، شعرها مرآة لثقافتها الواسعة يتجلى فيه انتماؤها القومي وعمق تمسكها بجذورها الإنسانية والوطنية، تتألم لما يلم بأمتها وتطمح أن تستعيد نصاعة الماضي المشرق. وأعتقد أنها مثال المرأة العربية المثقفة المعطاءة، أنوثتها متدفقة كزوجة وأم متصالحة مع ذاتها كشرقية منفتحة على الثقافات الأخرى أُحيّيها وأتمنى لها مزيداً من العطاء
وأعتقد أنها مثال المرأة العربية المثقفة المعطاءة، أنوثتها متدفقة كزوجة وأم متصالحة مع ذاتها كشرقية منفتحة على الثقافات الأخرى أُحيّيها وأتمنى لها مزيداً من العطاء».
"eSyria" زار الشاعرة في منزلها بتاريخ "22/11/2011" وكان الحوار التالي:
** أنا من مواليد "حمص" /1944/ أحمل إجازة في الآداب قسم اللغة الإنكليزية من جامعة دمشق أتمتت قسماً من الدراسات العليا في الأدب الإنكليزي في الجامعة الأميركية ببيروت.
عملت مدرسة للغة لإنكليزية والترجمة والشعر الفيكتوري بجامعة البعث منذ تأسيسها و حتى بداية العام 1995حيث فضلت أن أكرس وقتي للكتابة فغادرت الجامعة بعد تجربة طيبة وممتعة في مجال التدريس الذي منحني رضاً عميقاً ومتعة صادقة.
انتسبت فيما بعد لإتحاد الكتاب العرب وتابعت نشاطي في كتابة الشعر والترجمة إضافة إلى مداخلات نقدية عديدة في مجالات القصة القصيرة والشعر الحديث والنقد.
** نشأت في منزل محب للمطالعة والثقافة والعلم فكان من الطبيعي أن ينمو بي ولعٌ بالكتب وبمتابعة ما تنشره الصحف والمجلات من أمور عامة وأن تتفتح نفسي على ماهو أوسع وأعم من الأمور الفردية المحددة، وقد كانت بداية حبي للمطالعة مع "جبران خليل جبران" وأذكر أنني أنهيت قراءة كل ما كتبه ما عدا "النبي" في الخامسة عشرة من عمري كما أولعت بشعر المهجر، ثم قرأت لـ"فدوى طوقان "فاستراحت نفسي إلى التآلف العميق بين حديث القلب وحديث النفس في شعرها وصبتّ نفسي لكتابة شعر يماثل ما كتبته.
حظيت بعد إنتهاء امتحان الدراسة الثانوية بقراءة "جان جاك روسو" وكان أن التهمت كل ما كتب وقد وعيت بعد قراءة العقد الإجتماعي وجود علاقات سوى العلاقات الإجتماعية والعاطفية وهي العلاقة بين الفرد والمجتمع الذي ينتمي إليه وكان في هذا تعميق لرؤيتي إلى المجتمع والعالم بشكل عام.
ومن هنا أَنطلق للإجابة عن مدى تأثير العائلة والمحيط في عملية الإبداع فقد تمت القراءة المذكورة ضمن نطاق العائلة وتبدو لي الأمور الآن وكأنني كنت محتضنة داخل رعاية ما لطيفة وجدية في آن واحد ولم يكن المحيط الإجتماعي معارضاً للقراءة والكتابة آنذاك إذ لم يكن هنالك تلفزيون أو انترنيت ينشغل بهما المرء عن المطالعة التي كانت آنذاك هواية الناس الأولى وسبيلهم الأوحد للمعرفة والمتعة الرفيعة ويبدو لي تضافر التأثيرين العائلي والإجتماعي في رعاية الميول الأدبية.
** كنت في الحادية عشرة من عمري كان الوقت مساءً وأهلي يمضون السهرة مع أصدقاء لهم فوجدت نفسي بعد أن نام جميع إخوتي الصغار أكتب سبعة أبيات على النمط الخليلي فقفزت من فراشي وهرعت لغرفة الإستقبال أزف خبر كتابتي القصيدة فاستمع إليها الجميع وأبدوا إعجابهم و تضافر القبول العائلي والإجتماعي للتجربة الأدبية مع تشجيع مدرسات اللغة العربية لي وبالأخص السيدة "إسعاف عبد الرزاق الحمصي" وقد كانت تثني على شعري وتشجعني وما زلت أذكر بعضا من الأبيات.
أشرقت شمس الضحى بقدومها ثم غابت وتوارت خلفها
وهو كالمحزون يبكي حبه نادبا إياه يطلب ودها
** صدر لي عن وزارة الثقافة "حزمة ضوء" عام /1986/ و"حكايات شهرزاد الحمصية " عام 1993 و"حصاد الأسئلة " 2007 إضافة لمقدمة للنقد الأدبي 2011 مترجماً عن الإنكليزية للناقد "رتشاردداتون" وإضافة لهذه الإصدارات لي العديد من المداخلات النقدية في مجال القصة القصيرة والشعر الحديث والشعر عامة.
** تهمني الصور كثيرا في شعري وأنا ألجأ إليها لتحمل بعض ما أريد نقله ولتعميق الشحنة الوجدانية وأحرص دائما على نقاء الصورة وعدم المبالغة في تشعبها أو احتوائها عناصراً متناقضة حتى لايضطرب تأثيرها في نفس المتلقي ذلك أن للصورة وظيفة مهمة في الشعر وهي ليست مجرد زينة وقد ألجأ إلى صورة تشتمل على عناصر متناقضة إذا كان هدفي نقل حالة اضطراب.
كما أنني أحرص أن تأتي القصيدة كاملة التبلور فلا تأتي كقطعة من شعر قصت أو اقتطعت من شريط أطول أريد أن يكون للقصيدة بداية ونهاية كمولود كامل وأن يحمل نغمها أو لهجتها موقفي من الموضوع المتناول أو من المؤثر الشعري الذي قاد لكتابة القصيدة وأنا أهتم كثيراً بالناحية الموسيقية لاكأمر سطحي بل كحامل للحالة الوجدانية بكاملها وأحرص أن ينتمي كل مافي القصيدة إلى لبها الجوهري و أحرص على استعمال اللغة المعاصرة ولا أحب استعمال العامية أو المفردات الأجنبية ما دام لها مقابل في العربية كما أحرص على سلاسة التعبير ونعومته.
** نعم؛ هناك شهرزاد والخيام وزنوبيا وتدمر وأطلس وعمورية وسوى هذا الكثير، إن استخدام الماضي من أجل مناقشة قضايا معاصرة تقنية تساعد الشاعر على قطع الروابط القائمة بين هذه القضايا وبين عصره أو واقعه وتحقق بالتالي موضوعية أكبر في تناول هذه القضايا وذلك إضافة إلى أن هذه الشخصيات المتناولة تفجر في نفسي كماً من العواطف والإنفعالات ومراجعة الذات مما له علاقة بحياة هذه الشخصيات وأعمالهم سواء في أرض الواقع أو الأسطورة.
** لي محاضرات عديدة حول الشعر الإنكليزي والتربية والمرأة كما شاركت بعدة ندوات شعرية ونقدية وتحكيمية في سورية ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة للعديد من المقابلات الإذاعية والصحفية كما نشر لي عدد من المقالات في صحف ودوريات سورية ولبنانية وأردنية وخليجية.
** لابدأن للترجمة أثراً على اللغة من حيث نقل مصطلحات جديدة إليها وأسماء موجودات واختراعات جديدة وهي بذلك تغني اللغة الأم وتوطد التواصل بين ثقافات العالم ولكن للترجمة أحياناً أثراً غير إيجابياً من حيث تأثيرها في طريقة صياغة العبارة وسكبها في اللغة الأم بحكم ألفة المترجم مع اللغة الأخرى واعتياده على إنموذجات الصياغة.
غير أن إرادة المترجم القوية وإخلاصه لعمله وللغة الأم يلجمان هذا الميل في حال وجوده فتخرج الترجمة مشرقة وسليمة كما ينبغي أن يكون أفضل ما يقال للمترجم أن نتاجه يبدو وكأنه قد كتب بالأصل باللغة العربية أو أن رائحة الترجمة لاتفوح منه.
* ماذا عن علاقتك بالكتاب؟
** أرى الكتاب عالما لاحدود من زمان أو مكان له وأشعر أنني معه أنطلق في نزهة بين جهات الأرض كلها وفي كل الأزمنة وأنا قابعة بين جدران غرفتي الأربع، الكتاب صديق ومبعث شرار في الفكر والروح.
** علاقتي بالقلم والورق وطيدة وهناك حميمية خاصة في الإمساك بهما ربما لأنني نشأت على التعامل معهما حيث لم يكن هناك إنترنت وطابعة وأقر أنني لاأنزعج من رؤية بقع الحبر على أصابعي على الرغم من إسراعي لإزالتها ذاك أنها تشكل رمزا لتلك العلاقة الوثيقة بيني وبين الورق والقلم.
** التكريم يسعد المرء ويمده بالرضا لأنه دليلا على الإحساس بوجود المكرمة واعترافا بإنتاجه.
لقد تم تكريمي لمرتين المرة الأولى في الثامن من آذار /2008/ من قبل سيدات غرفة التجارة بحمص والتكريم الثاني في الحادي والعشرين من آذار من ذات العام من قبل السيدة أسماء الأسد حيث كرمت سبعين أماً ممن يعملن في عدد من المجالات الثقافية وكان ذلك بمناسبة إعلان دمشق عاصمة للثقافة.
** يوجد في سورية شعر رائعا يمليه الوجدان النسائي وحيث لكل شاعرة نمطها وجوها مما يغطي ساحة واسعة من الإهتمام بالأمر الخاص والشأن العام وحقيقة أقرأ الكثير من إنتاج الشاعرات المعاصرات.