في المنطقة الوسطى من سورية وعلى بعد (25) كم شمال مدينة "حمص" وجنوب مدينة "حماه" يشقها الطريق الدولي المتجه شمالاً نحو تركيا والذي يمر فوق نهر العاصي من خلال ما يعرف بجسر "الرستن". وتتربع مدينة "الرستن" بمبانيها الحجرية الجميلة القائمة فوق الهضبة والمشرفة على نهر العاصي. وكلمة "الرستن" تعني باليونانية "أريتوزا" وترجمتها ربة النهر.
وكما جاء في سلسلته الباحث التاريخي "نعيم الزهراوي" عن تاريخ وجذور "حمص" أن "الرستن": «تعتبر بمثابة قلعة عالية تشرف على نهر العاصي، وقيل عنها: لم تكن "حمص" قبل العصر الروماني، وإنما كانت "الرستن" المدينة الرئيسية في المنطقة التي أسسها "سلوتس نيكاتور"، وكانت قاعدة إمارة عربية، دخلت تحت حماية الدولة الرومانية في عهد "أغسطس" و"طيباريوس"».
وجود معمل الإسمنت بجوار المدينة يشكل نقطة ضعف تؤثر على صحة المواطنين والثروة الحيوانية والمزروعات، خاصة بعد التوسع الجديد للمدينة، نقترح نقله إلى خارج المدينة أو القيام بتطوير وتحديثه بشكل لا يضر بصحة المواطنين ولا يضر بالبيئة المحيطة
وللتعرف أكثر على هذه المدينة العريقة وواقعها الحالي التقينا الأستاذ "عبد الله الشيحان" رئيس مجلس مدينة "الرستن" فحدثنا قائلاً: «يبلغ عدد سكان مدينة "الرستن" حوالي (60) ألف نسمة. والمخطط التنظيمي للمدينة مصدّق منذ عام /1994/، تبلغ مساحته (350) هكتاراً، وفي التوسع الجديد للمدينة تمت دراسة (1350) هكتاراً، لتلحظ التقدم العمراني والتطور السكاني واحتياجات الناس من الأبنية والحدائق المرافق الخدمية الأخرى، وهذا المخطط التنظيمي الجديد قيد التصديق حالياً».
وأضاف "الشيحان": «تقسم مدينة "الرستن" إلى عدد من الأحياء السكنية نذكر منها أحياء: "المحطة"، "الحرية"، "الروضة"، "القلعة"، "المنارة"، "البستان".
و"الرستن" مدينة تقع بحيرة سد "الرستن" ونهر "العاصي" على حدودها الغربية والشمالية، وهو الحد الفاصل بينها وبين محافظة "حماة"، وتشكل هذه الضفاف إطلالة رائعة لمناطق سياحية مستقبلية منتظرة، تكاد تكون جوهر نهضتها العمرانية، وإحدى أكثر النقاط قوة في هذه المدينة.
لكن المعوقات في هذا الموضوع هي أن معظم عقارات تلك المنطقة هي عقارات ذات ملكية خاصة، لذا لم يستطع مجلس المدينة أن يقوم باستثمارات سياحية فيها، إلا أنه هناك دراسة حالية لإعادة تأهيل مطعم ومقهى سياحي على ضفاف البحيرة تابع لمجلس المدينة».
وعن واقع الصرف الصحي والخدمات الطبية في المدينة قال "الشيحان": «يصب الصرف الصحي في نهر العاصي، مما يشكل نقطة ضعف كبرى في موضوع الحفاظ على البيئة، لكن هناك مشروع قيد الدراسة والتنفيذ من قبل وزارة الإسكان لنقل هذا المصب إلى محطة المعالجة الواقعة شرق معمل الإسمنت. أما الوضع الطبي فهو جيد ويوجد مركزين صحيين ومستشفى وطني، إضافة إلى مشفى أهلي آخر يفي بالغرض».
وبالنسبة للواقع التعليمي في "الرستن" تحدث رئيس مجلس مدينتها: «يوجد في "الرستن" عدد كبير من المدارس بمختلف المراحل لكنها لا تفي بالغرض المطلوب من حيث الاستيعاب، لذلك تضطر أغلب هذه المدارس لإقامة دوامين للطلاب صباحي ومسائي،وبهذا الشأن يقوم مجلس المدينة باستملاك عدد من الأراضي ضمن المخطط الجديد وتخصيصها لبناء مدارس جديدة ومعالجة هذه المشكلة».
وعن أبرز ما يعتمد عليه أهالي "الرستن" في وضعهم المعاشي فقال "الشيحان": «تشتهر "الرستن" بخصوبة أراضيها وتزرع فيها الأشجار المثمرة، والحبوب، والخضراوات، والحمضيات واللوزيات، لكن نسبة كبيرة من هذه الزراعات تراجعت في السنوات الأخيرة بسبب نقص المياه وشحّها.
كما تشتهر "الرستن" بالنقل ولدى الأهالي أسطول كبير من آليات النقل البري (الشاحنات) و(الميكرو لاصات)، مما اضطر مجلس المدينة لإنشاء مرآب كبير على مساحة (50) دونماً خارج المدينة مخصص لوقوف الآليات.
وفي المدينة العديد من الصناعات الحرفية، التي تحتاج إلى منطقة صناعية كبيرة ومستقلة، وهذا ما تم لحظه على التوسع الجديد في تخصيص منطقة صناعية وحرفية بمساحة (1250) دونماً في منطقة "الكن"، ولكن اقترح تغيير هذه المنطقة كونها منطة أملاك خاصة، فوجه السيد محافظ "حمص" مشكوراً بلحظ منطقة "كفرنان" كمنطقة حرفية لمجموعة مدن وبلدات مثل "الرستن" و"كفرنان" و"كيسين" وغيرها».
وأكد "عبد الله الشيحان" أن: «وجود معمل الإسمنت بجوار المدينة يشكل نقطة ضعف تؤثر على صحة المواطنين والثروة الحيوانية والمزروعات، خاصة بعد التوسع الجديد للمدينة، نقترح نقله إلى خارج المدينة أو القيام بتطوير وتحديثه بشكل لا يضر بصحة المواطنين ولا يضر بالبيئة المحيطة».
وعن أبرز الشخصيات الفكرية والعلمية من أهالي "الرستن" ذكر "الشيحان": «برز من أبناء "الرستن" عدد كبير من الشخصيات التي كان لها دور فاعل في خدمة وطنها ومجتمعها أذكر منهم على سبيل المثال سيادة العماد أول "مصطفى طلاس" وزير الدفاع السابق، المعروف بمشاريع الثقافية المعددة التي أقامها، كما نذكر الدكتور "عبد الرزاق أيوب" الذي بقي أكثر من (10) سنوات عضوا في القيادة القطرية للحزب، ونذكر الدكتور "أحمد الأشقر" الذي كان عميداً لكلية الحقوق ومن ثم عميداً لكلية الاقتصاد في جامعة "حلب"، وفيما بعد أصبح نائباً لرئيس هيئة تخطيط الدولة في الدورة السابقة. وهناك الدكتور "جمال طلاس" عميد كلية الاقتصاد في جامعة البعث.
وخرّجت "الرستن" الكثير من الأدباء والمفكرين ورجال الأعمال، والاقتصاديين، فعلى سبيل المثال نذكر الدكتور "محمود طلاس فرزات" الذي أسس مصنعاً كبيراً لإنتاج الزيوت وساهم في عدد من المصارف الخاصة والمجموعات الاقتصادية السورية. ومن سيدات الأعمال نذكر السيدة "رندة طلاس فرزات" مديرة شركة العربية للتأمين.
وهناك الكثير من حملة الشهادات العليا والإجازات الجامعية، وبشكل عام لا نلحظ الكثير من المغتربين من أبناء "الرستن" كونها مدينة مستقرة، مكتفية ذاتياً، ومستقرة اجتماعياً يعيش سكانها مآلفين متحابين، يتمتع أهلها بالشهامة وإغاثة الملهوف».