بين جنبات لوحات الفسيفساء والقطع الأثرية المتناثرة في باحة متحف "معرة النعمان" أو خان "مراد باشا"، يلتقي على مدار خمسة أيام عدد من الفنانين التشكيلين الوافدين من دول مختلفة وهي إسبانيا- إيطاليا- فنلندا- فرنسا- الكويت- الأردن- البحرين- عمان وسورية، وذلك للمشاركة في الملتقى الفني التشكيلي الدولي الثالث في "ادلب" الذي تقيمه مديرية الفنون الجميلة التابعة لوزارة الثقافة بين يومي 18 و23 تموز الجاري.
موقع eSyria توجه إلى المكان والتقى بدايةً أحد أبرز الفنانين المشاركين وأكبرهم سناً الأستاذ "غسان السباعي" ابن مدينة "حمص" الذي يشارك للمرة الثالثة، وليتحدث لنا عن هذه المشاركة قائلاً: «جميع الملتقيات الفنية التي شاركت فيها كانت في العاصمة، لكن أتمنى أن تراعى مسألة إقامته في بقية المحافظات أيضاً، فالاغتراب الزماني والمكاني الذي نحن فيه يُقدم إبداعاً من نوع آخر، أنا شخصياً لا أتقيد بما هو موجود حولي لا باللون ولا بالشكل، على الرغم من اقتباس بعض الفنانين لمقتنيات المكان وتجسيدها في لوحاتهم، وأقول أنه ليس ذلك من الضرورة طالما أن كل فنان له تجربته ورأيه الخاص».
لا تخضع اللوحة الفنية لأية مخططات، فنحن لا نقوم بتأليف رواية أو عمل أدبي معين، بل الأمر شبيه بالموسيقا المنسابة بهدوء وتأنٍ، وهناك فرق شاسع بين الفن التشكيلي والقصة الأدبية، وتبعاً لذلك لا يخضع عملنا إلى الكم مهما كانت الظروف والمناسبات
وفي سؤال عن وجود مخطط سابق لعمله الفني في الملتقى أضاف: «لا تخضع اللوحة الفنية لأية مخططات، فنحن لا نقوم بتأليف رواية أو عمل أدبي معين، بل الأمر شبيه بالموسيقا المنسابة بهدوء وتأنٍ، وهناك فرق شاسع بين الفن التشكيلي والقصة الأدبية، وتبعاً لذلك لا يخضع عملنا إلى الكم مهما كانت الظروف والمناسبات».
مشارك يُعتبر من الأساسيين في الملتقى لكونه ابن مدينة "المعرة" وأحد أشهر فنانيها، وهو الأستاذ "مصطفى قطيني" الذي أجاب عن سؤالنا إن كان الملتقى يمثل سباقاً فنياً أم لا، قائلاً: «ظاهرة الملتقى الفني الدولي لا تشكل فكرة سباق فني بل هي تعبير مختلف يجسده فنانون معاصرون، ودور كل واحد منهم هو إبراز الثقافة التي اكتسبها، صحيح أن الفنان التشكيلي واحد لكن التأثر قد يكون مختلفاً تماماً بين فنان إيطالي وآخر كويتي مثلاً، فنحن لسنا في سباق بل في إطار عرض تجارب مختلفة في الأداء لنقل خبرات بشرية متباينة من حضارات متنوعة وبيئات مجهولة».
وبالنسبة لمشاركته، أضاف الفنان "قطيني": «اتبعت المدرسة الواقعية فقدمت في البداية منظراً طبيعياً نال إعجاب الحضور، وقدمت مشهداً فنياً آخر أسميته "عازفة الكمان"، ولكوني من أبناء هذه المدينة أتمنى من خلال إقامة مثل هذه الملتقيات في المستقبل أن تفسح المجال لصقل المواهب الفنية لدينا ويساهم في نشر المعرفة الفنية في بيئة اجتماعية لا تمت للفن التشكيلي سوى بروابط ضعيفة».
الفنان التشكيلي الكويتي "حسين أشكناني" يشارك مع ابنته الفنانة "شيماء" في الملتقى، وقد عبر عن سروره العميق في إقامة الملتقى ضمن خان قديم، حيث قال: «استوحيت من الآثار الرومانية المحطة بين اللون والشكل، وفي لوحتي اللتين رمزت فيهما إلى سيطرة الإنسان على الكائنات الحية من أسماك البحر، هناك ما يدل على عمق العلاقة التي تجمعني بالمحيط، حيث اقتبست رمزاً دينياً بشكل مباشر ورسمته في لوحتي، وهذه هي التجربة الثانية لي في الملتقى الدولي الذي تقيمه وزارة الثقافة، حيث أثار الملتقى إعجابي وتقديري».
السيدة "نبال بكفلوني" وهي مديرة الفنون الجميلة التي تُمثل الجهة الراعية للملتقى، وقد أفادت بمعلومات عن تنظيم الملتقى قائلةً: «ارتأت وزارة الثقافة إقامة الملتقى في "إدلب" وهذه هي الدورة الثالثة له على التوالي بعد إقامته في "دمشق" و"اللاذقية" العامين الماضيين، وبناءً على الأهمية التاريخية التي تميز خان "مراد باشا" نُقل الملتقى من "إدلب" إليه، ويشترك فيه عدد من فناني سورية والعالم أهمهم فنانو إيطاليا وفرنسا، حيث يبلغ عدد الفنانين ثلاثة عشر فناناً بين محاضرين ورسامين، وبدورنا طلبنا منهم تقديم لوحات فنية مناسبة لعرضها يوم الخميس في قاعة المركز الثقافي في مدينة "إدلب"، كما يضم التجمع الفني محاضرة بعنوان "أهمية الحوار الثقافي في الفن التشكيلي" يُشارك فيها محاضرون عرب وأجانب، وبالنسبة لاختيار المكان فهو مميز هذا العام أكثر من الأعوام الماضية، وأذكر أن الفنانين الأجانب شكرونا على حسن الاختيار، لأن المتحف يشمل التاريخ الذي يوحي بالفكرة ويشمل الآثار التي تجسدها».