أعلام من مدينة "المعرة" زخرت بهم ندوة أُقيمت في قاعة المركز الثقافي في هذه المدينة، وعرض ذلك باحثا تراث في محافظة "إدلب" الأستاذ الباحث "فايز قوصرة" والأستاذ "أحمد غريب" أمين متحف "المعرة"، اللذان تناولا شخصيتين هامتين في تاريخ "معرة النعمان" الحديث والمعاصر هما المؤرخ والعلامة "محمد سليم الجندي" وحافظ تراث المنطقة الأثري "كامل شحادة".
موقع eSyria حضر الندوة وسجل أهم ما عرضه المحاضران، وبدايةً من العلامة "محمد سليم الجندي" الذي تحدث عنه الأستاذ "فايز قوصرة" حيث قال: «هو أول المؤسسين لمجمع اللغة العربية في سورية، كان الشعر هاجسه لذلك أبدع في الاطلاع على شعر "المعري" والدفاع عنه في المحافل الأدبية، وهو أول من أفاد الحكومة العربية التي دخلت "دمشق"، حيث أدخل بعض المصطلحات الإدارية في شؤون الحكم، كان فقيهاً في الشريعة، وجمع الأدب مع التاريخ فاقترن ببعض الأدباء أمثال "موليير" وابن خلدون"، أصبح أستاذاً في كلية الآداب في "دمشق"، ومُساهماً في مكتب "عنبر" الثانوية الوحيدة في "دمشق"، له مؤلفات عدة في التاريخ والأدب وأشهر مؤلفاته كتاب "الجامع في أخبار أبي العلاء"، ومخطوطة عن تاريخ مدينة "أبي العلاء" طُبعت مرتين في ستينيات القرن الماضي».
التراث متواصل سواء أكان قديماً أم جديداً وهو سلسلة متواصلة من الشخصيات التي عاصرت التاريخ، ولا يمنع أن نعيد التاريخ ونتحدث عن التاريخ القديم ونقف بإجلال أمام الشخصيات التي نقبت عن التاريخ وبحثت فيه لتظهره للأجيال القادمة، فهذه الشخصيات لا تنكر، فـ "الجندي" كتب عن "المعرة" وتاريخها في مرحلة من الزمن وكتب عن قامة من قامات "المعرة" وهو "المعري" وما كتابه "الجامع في أخبار أبي العلاء" إلا كتاب عظيم وهو ذو أسلوب موثق ودقيق
العلامة الأثري "كامل شحادة" تناوله أمين متحف "المعرة" الأستاذ "أحمد غريب" الذي شرح عنه قائلاً: «هو من أهم القامات الثقافية والفكرية في النصف الثاني من القرن العشرين في المنطقة الشمالية، منحه القائد "حافظ الأسد" على مسيرته الدؤوبة في في خدمة الآثار وسام الاستحقاق من الدرجة الثانية، له الفضل في إنقاذ العديد من المباني الأثرية والتاريخية التي كانت على حافة الانهيار، دخل مجال الدراسات الأثرية فمزج بين الحداثة في هذا المجال وبين العمق التاريخي لأوابدنا، حيث اكتشف ودرس العديد من الأوابد التاريخية في محافظتي "إدلب" و"حماه" ومنها قناة "العاشق" والطواحين المائية على نهر "العاصي"، كما درس التلال الأثرية والجامع الكبيرة بـ "المعرة"، وقام بترميم بعض الشواهد الحضارية والمشاهد الأثرية مثل متحف "حماه" وقصر "أفاميا" و"ابن وردان"، والاهتمام بضريح الخليفة "عمر بن عبد العزيز" في قرية "دير شرقي"، وليُحقق رغبته في خدمة التراث الإنساني للمنطقة كان يجوب المواقع الأثرية بين "حماه" و"المعرة" على ظهر دابته، ومن أعماله الكبرى إقامة متحف في خان "مراد باشا" وهو اليوم من أشهر متاحف الفسيفساء التي لا مثيل لها في العالم».
وبعد الندوة كان للأستاذ "فايز قوصرة" نبذة فكرية عن أهمية الندوة وسبب ربط علمين من زمنين مختلفين في موضوع واحد، حيث قال: «اليوم المدرسة الحضارية باعتبار أن علم الآثار تطور في سورية وهو وجه التاريخ ومادته الأساسية فجمعنا بين مؤرخ كتب أوراقاً عن تاريخ "معرة النعمان" وشاعرها، وبين آثاري نبش أراضي هذه المنطقة في محافظتي "حماه" و"إدلب"، كما أردنا أن نجمع بين شاعر وناقد أدبي فالشاعر لا يتقوم إلا بالنقد الأدبي، لأن الاثنين وجهان أيضاً لعملة واحدة، فالتاريخ ليس "سمعتُ وقلنا وقال" إنما هو وثائق ومخطوطات وتماثيل ونصب أثرية وبعثات أثرية تقدم مادة تاريخية، ومثلاً اكتُشف نقود في "المعرة" منذ عهد "الجندي" لكنه لم يعرف عنها، لكن "شحادة ربط التاريخ بالواقع الأثري لاطلاعه الكبير».
حول سؤال آخر وجهناه للأستاذ "عبد الوهاب البر" عن سبب الالتفات إلى رمزين علمين دون غيرهما على الرغم من إغفال الجوانب الحضارية والعلمية الأخرى في منطقة "المعرة"، فأجاب قائلاً: «التراث متواصل سواء أكان قديماً أم جديداً وهو سلسلة متواصلة من الشخصيات التي عاصرت التاريخ، ولا يمنع أن نعيد التاريخ ونتحدث عن التاريخ القديم ونقف بإجلال أمام الشخصيات التي نقبت عن التاريخ وبحثت فيه لتظهره للأجيال القادمة، فهذه الشخصيات لا تنكر، فـ "الجندي" كتب عن "المعرة" وتاريخها في مرحلة من الزمن وكتب عن قامة من قامات "المعرة" وهو "المعري" وما كتابه "الجامع في أخبار أبي العلاء" إلا كتاب عظيم وهو ذو أسلوب موثق ودقيق».