«في "معرّة النعمان" عايشت الوحدة والانفصال والثورة، وكنت أول رئيس مركز ثقافي في "المعرة"»، والكلام للشاعر والأديب "عبد العزيز دقماق"، و"دقماق" من مواليد "أرواد"/1936م/يحمل إجازة في الحقوق منذ عام/1965م/ حين التقاه موقع eIdleb ليحدّثنا عن تجربته أثناء زيارة قام بها "للمعرة" بقوله: «عيّنت نتيجة مسابقة في ثقافي "معرّة النعمان" رئيساً للمركزعام/1960م/، وقد كنت وقتها أحمل شهادة الثانوية العامّة، وحين مرّ رئيس الهيئة التفتيشية "مطيع المرابط" قدّم لي شكراً، وكتب: «عدم تعيين شخص من حملة الشهادات العالية طالما أنّ "عبد العزيز الدقماق" يقوم بعمله على أفضل وجه»، وفي اليوم الثاني لمروره مرّ رئيس مجلس الأمة في دولة الوحدة فاجتمعت "المعرّة" عن بكرة أبيها لاستقباله».
وأضاف "دقماق" لقد كانت "معرّة النعمان"، وخاصة المركز الثقافي محجّاً للشعراء والأدباء والشخصيات السياسية على مستوى الوطن العربي، لوجود ضريح الشاعر الكبير "أبي العلاء المعرّي"، في باحة المركز، وقد زاره عدد كبير منهم "طه حسين"، "بدوي الجبل"، "الجواهري"، وأيضاً "بورقيبة" الرئيس الجزائري الأسبق، و"أنور السادات"، و"شكري القوتلي"، "جمال عبد الناصر"، و"صلاح الدين البيطار"، وآخرون».
حللتم مركز الإرشاد أهلا، وزرتم شاعر الأجيال سهلا. فأنتم أخوة منكم "جمال" ومنّا العهد والميثاق فعلا
وعن طبيعة عمله الثقافي قال "دقماق": «كنت أقوم بجولات على المدارس وأدعو الطلاب والمدرّسين لحضور الأنشطة الثقافية المختلفة، وكنت أقدّم لكل طالب متميز كتاباً، حتى صارت هذه التجربة سنة اقتدت بها باقي المراكز آنذاك، وقد وصل عدد رواد المركز إلى أكثر من مئة وخمسين شخصاً يتابعون الأنشطة بشكل مستمر».
وعن العروض التي كان المركز يقيمها قال "دقماق": «أمسيات شعرية، أمسيات قصصية، عروض سينمائية، وأنشطة خاصة بالأطفال، أمسيات خاصة بالطلاب المبدعين وكنت أشجع الطلاب المبدعين على تقديم ما يبدعون، وأقدّم للمتميز منهم هدية، وعلى ذكر الهدايا أتذكر (أضاف "دقماق") أن إحدى الفتيات المتميزات كانت تدعى "سمر" ارتجلت قصّيدة فأهديتها كتاباً فقالت "سمر" معترضة، وكيف؟ وأنت الشاعر لا تكتب لي تقديماً على غلافه؟
فكتبت لها: «إنّ الكتاب هدية يهدى إلى أغلى البشر، هلاّ قبلت هديتي وعلمت قصدي "ياسمر"».
وأمّا عن الحياة الاجتماعية في "معرّة النعمان"والتي كانت تسود في تلك الفترة قال "دقماق": «كانت "المعرّة" تتميز ببساطتها وطيبة ناسها وكرمهم، وأذكر أننا كنّا نجتمع في بيت أحد الأصدقاء على(صدر كنافة) أو "سيّالة" من محل "الريحاني"، وأغلب الأحيان كان اجتماعنا يتمّ في منزل الشهيد "وليد بلاني" رحمه الله، لكونه من وجوه "المعرّة" الكرماء».
وأيضا في منزل المرحوم "جمال الجندي" الذي جاء مرّة إلى المركز بحضور رئيس مجلس الشعب زمن الوحدة فأراد "جمال" أن يقدّمه فرفضت ذلك، وقلت مرتجلاً:
«حللتم مركز الإرشاد أهلا، وزرتم شاعر الأجيال سهلا.
فأنتم أخوة منكم "جمال" ومنّا العهد والميثاق فعلا»
للشاعر والمحامي"عبد العزيز الدقماق" الذي يعيش حالياً في "طرطوس" عدد من الدواوين المطبوعة منها: (قصائد للوطن والثورة، الإبحار، والبحر أيضاً، وبكى الشراع).
أخيراً قال الباحث والمدرّس"عبد الوهاب البر" عن "عبد العزيز دقماق": «هو شاعر مجيد، وصديق لـ"لمعرّة" تعتز به المدينة إلى اليوم، وكان برحيله إلى بلده يفقدنا، ويفقد "المعرّة" رجلاً شاعراً ومثقفاً خدم الثقافة والمثقفين، فقد كان له فضل كبير في دعم الحركة الثقافية في هذا البلد، إضافة إلى دماثته التي جعلته يدخل في النسيج الاجتماعي لهذه البلدة، حتى أصبح واحداً من أبنائها».