لم تعرف هذه البقعة من الأرض إلا مكاناً للعبادة منذ قامت أول حضارة في المنطقة من المملوكية فالعثمانية حتى المرحلة الحديثة، هو مكان الجامع الكبير في مدينة "كفرنبل" الذي يتميز بمئذنة من الطراز المملوكي، وبجانبه يوجد جامع الأربعين الذي له حظه الوفير من القصص التي حيكت حول قصص المساجد التي يطلق عليها جامع الأربعين والتي يعتقد أن عددها أربعون مسجداً في بلاد الشام.
موقع eIdleb وللوقوف على تاريخ هذه الجوامع زارها والتقى عدداً من سكان المدينة حيث قال الأستاذ "زكريا الحنيني" أحد المدرسين للتاريخ: «لا يعرف بالتحديد قدم مدينة "كفرنبل" إلا أنه وجد فيها بعض اللقى الأثرية التي يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد في أحد المدافن الموجودة في الطبقة الصخرية قرب الجامع، ومكان المسجد الكبير ربما قبل وجود الرومان في المنطقة كان عبارة عن بيت بجانب البيوت الأثرية، وبقيت "كفرنبل" بسكانها الروم خلال فترة الفتح الإسلامي، وفي فترة الحروب الصليبية انضم أهلها إلى الجيش الذي حارب "معرة النعمان" وكانت معسكراً للروم في الحملة الصليبية الثالثة، إلى أن حرر المنطقة "الظاهر بيبرس" فهرب أهلها سراً إلى بلاد الروم بعد الاتفاق مع الروم وهذا ما أيده الكاتب "محمد سليم الجندي" في كتابه "تاريخ معرة النعمان"، وهنا بدأ العمل ببناء الجامع الكبير والذي يعتقد أن "الظاهر بيبرس" هو من أمر ببنائه والدليل وجود المئذنة ذات الطراز المملوكي».
هو مقام لأحد الأولياء ولكنه مسجد مبني بأحجار كبيرة الحجم وكانت تعود ملكيته للآثار لوجود محراب ومصلى فيه، معظم أجزائه مهدمة إلى أن أخذ رأي مديرية الآثار بهدمه وإعادة بنائه مجدداً على الشكل الحديث
ويضيف هنا الأستاذ "سليم الخطيب" مدير أوقاف "المعرة" سابقاً: «بعد تحرير "كفرنبل" بني الجامع الكبير من قبل "الظاهر بيبرس" والمئذنة التي تتفرد بطريقة بناء جميلة بقيت إلى الآن منذ بنيت أول مرة، وتعود ملكيتها لمديرية الآثار، وتأخذ تقريباً نفس طريقة بناء الجامع الكبير في "المعرة" وهناك قصة تروى أن من بنى مئذنة هذا الجامع ذهب وبنى مئذنة الجامع الكبير في "معرة النعمان"، ويمنع إلى الآن تغيير أي شيء في المئذنة إذا لم يكن في ذلك خطر عليها».
أما عن شكل بنائه الذي يشبه "التكية السليمانية" في "دمشق" فتابع "الخطيب": «تطور الجامع الكبير ففي سنة /1880/ رمم ما بقي من المئذنة بنفس الشكل الذي بنيت فيه أول مرة وطور الجامع ببناء أربع غرف متصلة على طريق بناء "الغمس" ومركزة على قواعد كبيرة، تأخذ شكل "التكية السليمانية" في "دمشق"، وبقي على هذه الحال حتى بداية القرن الماضي حيث أضيفت له ثمانية غرف بطريقة بناء الغمس، وفي عام /1973/ بني الجامع الحديث فوق الجامع القديم، وتم هدم غرف "الغمس" إلى أن أصبح بشكله الحالي، دون أي تغيير في المئذنة وبقي مفصولاً عنها برواق كبير، واستخدم هذا الجامع في تدريس العلم الشرعي بتناوب العلماء آخرهم الشيخ الراحل "خيرو الخطيب"».
وعن جامع "الأربعين" يضيف: «لا تعرف بالضبط قصة جوامع الأربعين هناك قصة تقول إن هناك أربعين رجلا صالحا وهم شهداء يتناوبون بوجودهم في الزمان ويقال إنهم يجتمعون كل جمعة في مسجد من مساجد الأربعين، وهي موجودة في كافة أنحاء بلاد الشام، وهذا الجامع كان في البداية مزارا لأحد الأولياء في غرفة أسفل المسجد يوجد قبر قديم، ولذلك أعيد بناؤه بطريقة هندسية تشبه العمارة الرومانية منذ /100/عام وتم قص الأحجار بالحجم الكبير من الجبل المجاور عن طريق سكان القرية».
أما مسجد "الشعراني" فيقول عنه: «هو مقام لأحد الأولياء ولكنه مسجد مبني بأحجار كبيرة الحجم وكانت تعود ملكيته للآثار لوجود محراب ومصلى فيه، معظم أجزائه مهدمة إلى أن أخذ رأي مديرية الآثار بهدمه وإعادة بنائه مجدداً على الشكل الحديث».
الجدير بالذكر أن مدينة "كفرنبل" فيها العديد من الأوابد الأثرية وخصوصاً في البلدة القديمة وفيها مجموعة من الأنفاق التي تعبر تحت كامل البلدة وكانت تستخدم عند مقاومة الفرنسيين.