إلى الشرق من مدينة "معرة النعمان" بحوالي 15 كم، وفي سهل منبسط تقريباً تقع قرية "أبو دفنة" التي تعتبر إحدى قرى الكتلة البازلتية التي تنتشر في القسم الشرقي من ريف منطقة "المعرة"، حيث تتميز كباقي القرى المجاورة بحجارتها البازلتية السوداء.
موقع eIdleb زار القرية والتقى مع الأستاذ "سليمان سليمان" مدير مدرسة "أبو دفنة" الذي قال: «تتبع قرية "أبو دفنة" لمنطقة "معرة النعمان"، يحدها من الغرب بلدة "الغدفة" ومن الجنوب "الحراكي" ومن الشرق قريتي "البرسة وفروان" ومن الشمال قرية "معصران"، تبلغ مساحتها 700 هكتار وجميع أراضيها ملك ويبلغ عدد سكانها حوالي ألف نسمة يعمل معظمهم في الزراعة والأعمال الحرة وتربية المواشي، ويعود انبعاث الحياة في القرية لأكثر من 130 عاما، وبخصوص تسمية القرية فهناك وبحسب رواية الأهالي ثلاثة آراء: الأول بسبب كثرة المدافن القديمة فيها، والثاني نظراً للأشجار التي كانت تزرع فيها سابقاً بكثافة ومن خشب هذه الأشجار كانت تصنع "دفنة الحيلان" وهي قطعة خشبية تدخل في صنع آلة "الحيلان" والتي كانت تستخدم سابقاً لفصل الحب عن التبن في المحاصيل الحبوبية (قمح وشعير وعدس)، أما الرأي الثالث فيرجع سبب التسمية إلى نبات "الدفلة" والذي يقول الأهالي بأنه كان ينبت بكثرة في القرية في السنوات الماضية».
الحمد لله تربة القرية خصبة وهي مناسبة تقريباً لعدد كبير من المحاصيل، لكن المحاصيل الرئيسية التي نزرعها هي القمح والشعير والعدس والزيتون والكرمة والفستق الحلبي والتين، وتعتبر تربتنا مناسبة جدا لزراعة الزيتون وهذه الشجرة دخلت إلى قريتنا منذ حوالي 25 عاما وشجرة التين هي أقدم شجرة في القرية
وبخصوص الواقع التعليمي في القرية يبين الأستاذ "سليمان": «في قرية "أبو دفنة" مدرسة تعليم أساسي واحدة من الصف الأول حتى التاسع تأسست عام 1978 ويداوم فيها أكثر من 225 تلميذا وهي بدوام واحد، وقبل إحداث المدرسة كان التعليم محصورا على الذكور فقط بسبب قلة المواصلات وبعد المسافة بين القرية ومدارس القرى المجاورة، حيث كان التلاميذ يدرسون في قرية "معصران" التي تبعد حوالي 7 كم أو في قرية "الغدفة" التي تبعد حوالي 4 كم، ومعظم الكادر التدريسي من نفس القرية وعندنا من أبناء القرية أصحاب مستويات تعليمية عالية، فهناك طبيب جراحة عامة وثلاث مهندسين وضابط ومحامون وأكثر من 20 خريجا جامعيا بمختلف الاختصاصات وحوالي 30 طالبا وطالبة مازالوا يتابعون دراستهم في جامعات القطر إلى جانب 20 طالب معهد، وتشهد القرية تنافسا بين أبنائها في مجال التعليم بين الذكور والإناث إلى جانب الاهتمام الكبير من قبل الأهالي وتشجيعهم، وهناك تواصل وتجاوب بين أولياء أمور التلاميذ وإدارة المدرسة بغية التعاون للوصول إلى أحسن النتائج والنهوض بالواقع التعليمي في القرية، إذ لا يوجد أي عائق يعيق العملية التربوية سوى أن الغرف الصفية عددها قليل، حيث لا يوجد لدينا سوى سبع غرف صفية وهناك تسع شعب لذلك اضطرت إدارة المدرسة لاستخدام غرف إدارية كغرف صفية حتى لا نلجأ إلى الدوام النصفي».
ويضيف الحاج "محمد نجار الحاج" من أهالي القرية: «كان يسكن قرية "أبو دفنة" سابقاً العديد من العوائل التي لم تعد موجودة اليوم، منهم "آل زهران" الذين انتقلوا إلى قرية "بابيلا" و"آل دربلة" انتقلوا إلى "الغاب" و"آل الدبيس" الذين استقروا في "أبو مكي"، ومازال يعيش في القرية حالياً عوائل "السليمان والحاج والقاسم والحردان والجرك"، وكانت القرية أيام الاقطاع ملك للبيك "حمدو آغا اليوسفي"، حيث كانت خرابا عندما اشتراها هو وأولاد أخيه "عثمان ومحمد" من بيك "الغدفة" وجلبوا إليها الفلاحين، ونحن عندما قدمنا للسكن في القرية منذ 70 عاماً كانت تسكنها عوائل "حمود زهران" وعائلة "دربالة ودبيس وحويجة والكنوري"، وما أذكره عند قدومنا للسكن في القرية وكان عمري آنذاك ثمانية أعوام أنني شهدت محادثة بين والدي وشخص يسمى "برجس" حيث سأله والدي رحمه الله كم سنة مضى على عمار هذه القرية؟ فأجابه "برجس" بحدود ستين عاما، وما زلت أذكر تاريخ تلك الحادثة وكان 1360 للهجرة، وبما أننا نسكن القرية منذ سبعين عاماً فهذا يعني أن الناس يعيشون في قرية "أبو دفنة" منذ أكثر من 130 عاما، ومن المعروف أن الفلاحين سكان القرى أيام "البيكوات" لم يكونوا يستقرون في قرية من القرى إلا القليل منهم بسبب ظلم "البيك" أو معاونيه الذين كانوا يقومون بترحيل الأسر بذنب ودون ذنب، فكانت الأسر دائماً تتبدل تذهب أسرة وتأتي أخرى، وبعد قدومنا إلى القرية أذكر أن عوائل أتت بعدنا ومن ثم غادرت منهم "صطوف وعبدو العثمان" وعائلة "عيد والحج عمر وبيت عيسى أبو ردان" من "الغدفة" و"حمدو العوض من معصران" وعائلة "الصفوري" من "كفرباسين" وعائلة "الأسود" من "حزان"».
وعن نشاط القرية الزراعي يقول السيد "عبد الكريم القاسم": «الحمد لله تربة القرية خصبة وهي مناسبة تقريباً لعدد كبير من المحاصيل، لكن المحاصيل الرئيسية التي نزرعها هي القمح والشعير والعدس والزيتون والكرمة والفستق الحلبي والتين، وتعتبر تربتنا مناسبة جدا لزراعة الزيتون وهذه الشجرة دخلت إلى قريتنا منذ حوالي 25 عاما وشجرة التين هي أقدم شجرة في القرية».
الأستاذ "اسماعيل سليمان" قال: «إن مستوى التعليم في القرية يمكن تقييمه بالممتاز قياساً بوضعها وعدد سكانها، فهناك حماس وتنافس بين أبناء القرية في مجال التعليم ورغم صغر القرية فقد خرج منها الطبيب والمحامي والمهندس والمعلم، وبفضل الله حتى إن النسبة الكبرى من الأوائل في ثانوية الغدفة تكون من نصيب أبناء قرية أبو دفنة، وطبعاً لهذه الفورة التعليمية أسباب منها الدور الذي يلعبه الكادر التعليمي في المدرسة ومعظمه من أبناء القرية، وهناك لقاءات عديدة تتم بين الأهالي وكادر المدرسة ولعل ذلك يشكل كلمة السر بنجاح المدرسة في تأدية دورها التعليمي، ولكون القرية صغيرة ومعظم الكادر التعليمي من أبناء القرية فمعظم التلاميذ هم من أقارب المعلمين وهذا يجعل الطلاب تحت رقابة المعلمين في حال الغياب أو التهاون في الدراسة».
وحول تاريخ القرية يقول الباحث الأستاذ "أحمد غريب": «بدأ نشوء القرية في أوائل انتشار العهد المسيحي في الفترة المسيحية المبكرة (القرن الثالث الميلادي)، وقد انتشر في القرية العديد من الجدران الأثرية التي كانت بالأصل لأبنيه مدينة سكنية، وبين هذه الأبنية يوجد بناء كنيسة ترقى للقرن الخامس الميلادي عثر فيها على بعض من أجزاء جدرانها كما تم في عام 1991 الكشف عن أرضية فسيفسائية ضمن أرضية هذه الكنيسة تعود للقرن الخامس الميلادي».