أكثر من عشر سنوات مضت على إطلاق لقب مدينة الفسيفساء على "كفرنبل" هذه المدينة التي تحلم دوماً بحياة أفضل، حيث اتجه أغلب أهالي المدينة إلى تصنيع لوحات الفسيفساء إلى جانب المهن الزراعية الأخرى التي يمارسونها وراحوا يصدّرون اللوحات الى أغلب دول العالم، وذاع صيتهم في كل البلدان، لكن ماذا حققوا؟ وهل تحسن مستوى معيشتهم؟؟ وهل باتت ممارسة هذه المهنة تفي بالغرض؟
عن هذا الموضوع حدثنا "أحمد الحمادي" مدير شركة "إيبلا" للفسيفساء في "كفرنبل" قائلاً: «عام 1995 بدأ عملنا في ورشة صغيرة أنا وإخوتي الخمسة وبعدها أسسنا شركة كبيرة وحدنا وصرنا نصدّر اللوحات إلى دور الجوار، ولكن وبصراحة الأسعار مرتفعة جداً وأقصد أسعار المواد الأولية لأننا نصدرها إلى الدول العربية بيعاً وهي التي تبيع وهنا نطرح عدة أسئلة لماذا لا يأتي التاجر الأجنبي إلى سورية ويأخذ اللوحة شخصياً؟ بدلاً من بيعها "للأردن" و"لبنان" مثلاًَ، ولماذا لا تعطى هذه الحرفة حقها؟ فالزبون الأجنبي لم يسمع بعد عن "كفرنبل" وكيف تبدع فأين دور إعلامنا السوري وأين فضائياتنا وأين إذاعاتنا وصحفنا؟؟ ولماذا المواد الأولية قبل أن نستعملها كانت رخيصة وبعد أن صرنا نستعملها صارت غالية جداً».
وأنا أيضاً طالب جامعي وأدرس في "اللاذقية" وأعمل بهذه المهنة أيضاً وهي مصدر رزق لعدد كبير من الناس في "كفرنبل" خاصة الشباب ولن أضيف كثيراً على كلام "فادي" لأنه (كفى ووفى)
مثل هذه الحرفة تحتاج إلى ترويج من كافة الجهات وتحتاج إلى توفر بيئة مناسبة لأن الموهبة كما قال لنا الأهالي بالفطرة، فيكف يتم الترويج لها؟
عن هذا حدثنا "خالد الحمادي" قائلاً: «المعارض تكلف مبالغ باهظة فلماذا لا تقيم لنا مديرية الثقافة معارض لكي يتم تعريف العالم أجمع بهذه المهنة، كما أنها لا تصدر بروشورات ولا تؤمّن الأماكن المناسبة، فنحن نحتاج إلى أماكن للعمل لأن رائحة الغراء أثناء التصنيع تضر العامل فنحتاج إلى أماكن منظمة، فنحن نعمل في "قبو" وهو مضر جداً ونريد أن نعمل لتأتي الدول كلها تشتري منا لا أن تأتي الدول المجاورة وتشتري منّا لتبيع باسمها وبأسعار عالية جداً، وإن عملنا باسمنا سترتفع أجرة العامل والرسام والمهندس على الكومبيوتر، وسيتحرك الاقتصاد في"كفرنبل"».
الشاب "فادي الموسى" وهو طالب جامعي قال: «أنا أدرس اللغة العربية بجامعة "حلب" وأعمل في هذه المهنة إلى جانب دراستي وهي تساعدني في مصاريف الجامعة، ولكن ما تزال هذه الحرفة دون المأمول بها مالياً، فنحن نتعب وغيرنا يحصد وأقصد بهذا ليس من نعمل عندهم بل الدول المجاورة التي تشتري اللوحات بسعر قليل جداً وتذهب لتبيع إلى دول أوروبا بمبالغ باهظة، أتمنى أن تأخذ هذه المهنة حقها في سورية وأن تعمل الجهات الإعلامية على الترويج لها»، وجاء صديقه "حسن السطيف" ليقول: «وأنا أيضاً طالب جامعي وأدرس في "اللاذقية" وأعمل بهذه المهنة أيضاً وهي مصدر رزق لعدد كبير من الناس في "كفرنبل" خاصة الشباب ولن أضيف كثيراً على كلام "فادي" لأنه (كفى ووفى)».
لفت نظري عدد العاملين في هذه المهنة، حيث لا يخلو شارع أو حارة من صوت "طقطقة القطاعة"، وهي الأداة التي يتم تقطيع الرخام بها، فالكل يعمل ويكافح من أجل حياة الأفضل، ليأتي السؤال كم عدد العاملين في هذه المهنة؟؟
"أحمد حمادي" تحدث قائلاً: «قياساً بعدد سكان مدينة "كفرنبل" كــ 40 ألف نسمة تقريباً فإن عدد العاملين هو أكثر من 10000 نسمة وهو في تزايد، أما من حيث العلم بالعمل فكل الأهالي على امتداد المدينة يعرف كيف ينجز لوحة، هذا يعني أنها ظاهرة فريدة من نوعها أن تجد مدينة يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة كلهم فنانون رجال ونساء شباب وبنات وأيضاً الأطفال، وأنا مسؤول عن كلامي، فنحن مدينة مكافحة، ولا نحتاج سوى الدعم البسيط وهذه الحرفة حلت مشكلة البطالة بشكل كبير فأكثر من 2000 شاب يعمل بها وهي تدرّ أموالاً كبيرة إن توفرت لها بيئة مناسبة».