«"الغدفة" كلمة سريانية، وتعني ذات اللون الأسود المائل إلى الحمرة»، والكلام لـ"غازي علولو" رئيس دائرة الآثار في "معرة النعمان" حين التقاه موقع eIdleb. و"الغدفة" قرية تقع شرقي "معرّة النعمان" بعشرة كيلومترات تقريباً، وتحتضن أكبر مساحة للآثار في محافظة "إدلب"، وقد اندثر قسم كبير منها بفعل البناء العشوائي الذي أقيم على أنقاض الأبنية القديمة، وتابع "علولو" عن التسمية قائلاً: «هي قرية بيزنطيّة لم يبق من آثارها سوى "القصر العريض"، وهو موقع يرقى إلى الفترة الرومانية البيزنطية ويقع شمال شرق الغدفة على مساحة تقدّر بـ /30×20م/ وما تزال بعض جدرانه قائمة إلى اليوم.
وأيضاً في الجنوب الشرقي من القرية يقع مدفن "إرميا" وهو قدّيس بيزنطي أو أحد رجال الكهنوت، ويسمى إلى اليوم قبر النبي، وهذا المدفن منحوت في الصخر ويرتكز سقفه على أقواس وقناطر حجرية وبجانبه يقوم قصر كبير أبعاده /40×30م/ وكان هذا القصر يتألف من ثلاث طبقات، ولم يبق منه سوى جدارين».
بعض المعمّرين تحدّثوا عن وجود آثار كبيرة في "الغدفة"، لكن لماذا لا يوجد تنقيب؟
وككلّ الآثار في منطقة "معرّة النعمان" يقع الموقعان ضمن طبيعة جميلة تتميز بهوائها العليل وخاصة في الصيف، لذلك أصبح المكان مقصداً للسهر بالنسبة لسكان القرية فقد حدّثنا الشاعر "عبد الرحمن الابراهيم" قائلاً: «القصر العريض هو وطن لذاكرة الحالمين والمراهقين والعشّاق، وكانت نسيماته تجفف عرق المتعبين الكادحين الذين يتفيّؤون بظلاله الوارفة فاريّن من قيظ الظهيرة وقت الحصاد، وفي زواياه خلّد المراهقون ذكرياتهم عن قصص الحب التي عاشوها، إضافة إلى أنه مقصد الناس في فصل الربيع للتنزه واجترار الغوافي من الأيام، وهو محطّة للسهر البريء في ليالي الصيف»، وختم "الابراهيم": «لقدّ مرّ على وجه هذا القصر ألوان كثيرة من مشاعر الناس في أحزانهم وأفراحهم، وطوى كثيراً من الأعمار، وما زال شامخاً ينتظر القادمين».
أمّا الحاج "محمد بديع الاسماعيل" فقد قال متسائلاً: «بعض المعمّرين تحدّثوا عن وجود آثار كبيرة في "الغدفة"، لكن لماذا لا يوجد تنقيب؟»
وأضاف: «إنّ القصر الجنوبي تهدّم جزء كبير منه نتيجة العوامل الطبيعيّة التي مرّت على المنطقة، وبفعل عوامل الزمن وبجانب هذا القصر يوجد مسجد قديم يعود إلى بداية الفتح الإسلامي إضافة إلى وجود مقابر إسلامية كثيرة في القرية، وقد كان المسجد واضح المعالم، ولم يبق منه سوى ثلاث واجهات متكاملة، وقد كان سكان "الغدفة" حتى وقت قريب يتقرّبون إلى الله سبحانه وتعالى بطلاء جدرانه بالطين مع مقام النبي "إرميا" ونحن نطالب من خلال موقعكم بالتنقيب عن الآثار، فهذه القرية سياحية وجديرة بأن تصبح مقصداً للسائحين كغيرها من القرى والمدن المنسيّة».