تعيشُ صورها الشعرية وتبحرُ في أعماقها من خلال الإحساس والشعور بكل تفاصيلها، ثم تطلق العنان لقلمها بكتابة الشعر من محيط مجتمعها الذي يعجُّ بالوجع، وتتصدر قضايا الفقراء قصائدها، كما أسست "الملتقى السوري للثقافة" ليكون منبراً للفائدة ونشر ثقافة الانتماء.
درست الشاعرة "وديعة درويش" العلوم الطبيعية والصحافة وعملت مراسلةً صحفيةً لعدة مجلات وجرائد كانت تصدر في "اليونان"، وكتبت في جرائد سورية محلية وكتبت كلمات الأغاني، تأثرت تجربتها الأدبية بواقعها وذاكرتها التي تحمل وجه والدتها، وفي حديثها لمدوّنة وطن "eSyria" قالت: «كتابي "بائعة الهندباء" مستوحى مما حملته ذاكرتي عن والدتي تلك المرأة المكافحة التي تعبت أربعين عاماً على أحد أرصفة "اللاذقية" تبيع الهندباء وبعض الأعشاب البرية التي تنبت في الطبيعة في سبيل تعليمنا وتربيتنا، أكتب الشعر بدموع والدتي وجهد أخي الذي كان بائعاً متجولاً وأعتز بكفاحهما ليحضرا لي القلم والدفتر والكتاب، وبتُّ أكتب في قصائدي كل الفقراء كأنهم والدتي وأخي وكل عائلتي.
ركزت على دعوة أدباء ومفكرين وكتّاب وشعراء من المحافظات كافة لإحياء الروح الأدبية السورية بالإضافة لفتح الباب أمام كل صاحب فكرة تحمل فائدة ليكون الملتقى منبراً له، يحمل الملتقى المفهوم الثقافي العام من كل النواحي ولا ينحصر بنوع واحد فقط من الأدب، كما أحاول دعم المواهب من الأطفال والشباب من موسيقيين ومطربين وأطفال شعراء، بالإضافة للفعاليات المنوعة التي تعزز أهدافنا بالتمسك بالهوية والانتماء للوطن، وهو منبر لمن ليس له منبر
أما قصيدة "سوف أترك الشعر"، فكانت أول قصيدة أعلنت من خلالها بداياتي الأدبية المنوّعة، كتبتها لمدرّسة اللغة العربية، ولم أكن قد بدأت بالكتابة ونشرتها في جريدة "الوحدة" حينها كنت في الصف الأول الإعدادي، وكتبت في زاوية "وقال البحر"، وفي كل أنواع الأدب، شعراً وقصةً وسيناريو للإذاعة والتلفزيون، حين حوّلت قصة للكاتب "حنا مينة" إلى سيناريو لمسلسل يُذاع في إذاعة "دمشق" وكنت بعمر 15 عاماً عندما تقاضيت أول مبلغ عن أعمالي الأدبية في الإذاعة، وكتبت قصيدة بالشعر الموزون منذ كنت في صفوف اتحاد شبيبة الثورة واتحاد الطلبة وشاركت بمهرجانات شعر في كل محافظات "سورية"».
تستقي "درويش" أدبها من الواقع المحيط بها، مستخدمة الشعر الغنائي والمحكي لإيصال رسالتها، فتقول: «لا أرى الأدب الذي يلامس واقعنا ويحكي عن وجع الناس وهمومهم إلا ما ندر، حيث يوجد في الثقافة ما يسمى -العهر الثقافي- يغزونا من أعداء الخارج، أجد أغلب الشعر عن الغزل والمرأة وجسد المرأة، أستقي صوري الشعرية من محيطي الذي أحسه وأشعره، ثم أقوم بكتابة الوجع، وكوني من الناس الفقراء والكادحين في المجتمع حملت هذه الرسالة والقضية، ويجب أن أحدث تغييراً من خلال الأدب مستندة إلى قضايا تلامس المجتمع بتسليط الضوء عليها بواسطة الشعر الغنائي والمحكي لتصل إلى المتلقي بواقعية وشفافية، وهذا ما أثبتته تجربتي مع الفنان "ساري الشام" والطفل "يعقوب طه"، وقصيدتي "وجه الفقير" التي جسدت فيها الفقير».
أسست الشاعرة "وديعة درويش" "الملتقى السوري للثقافة" الذي بدأت فكرته منذ عامين وبلورتها من خلال النشاطات في الملتقيات الأخرى، بهدف إيصال رسالتها كما قالت، لأنها كانت تشعر بأن الرسالة لا تصل، فالأدب هو القوة الداعمة للمجتمع بتغيير بعض الأفكار والنهوض به والارتقاء بأفكاره وعاداته وتقاليده، من هنا جاءت الفكرة، وخاصة أننا في "سورية" مررنا بأزمة وتعرضت الكثير من المفاهيم للتشتت وأصاب نسيجها الخلل، وتمّت تسميته "الملتقى السوري للثقافة" ليكون مجسماً صغيراً للفسيفساء السورية والأسرة السورية.
وتضيف عن الطابع الذي أرادته للملتقى قائلة: «ركزت على دعوة أدباء ومفكرين وكتّاب وشعراء من المحافظات كافة لإحياء الروح الأدبية السورية بالإضافة لفتح الباب أمام كل صاحب فكرة تحمل فائدة ليكون الملتقى منبراً له، يحمل الملتقى المفهوم الثقافي العام من كل النواحي ولا ينحصر بنوع واحد فقط من الأدب، كما أحاول دعم المواهب من الأطفال والشباب من موسيقيين ومطربين وأطفال شعراء، بالإضافة للفعاليات المنوعة التي تعزز أهدافنا بالتمسك بالهوية والانتماء للوطن، وهو منبر لمن ليس له منبر».
الشاعرة "سارة خير بك" تحدثت عنها قائلة: «هي ابنة "سنجوان" الجميلة شاعرة منذ الطفولة عشقت الطيون ومشاتل النعناع والورد البري، نشأت في مساعدة أمها بائعة الهندباء التي ربتها وأخوتها بشظف وشقاء الحياة، لكنها بفراستها أدركت أن العلم نجاة لها من واقع الفقر المزري، فتابعت تحصيلها واجتهدت وبدأت تكتب الشعر منذ المرحلة الإعدادية، وشاركت في العديد من مهرجانات الشعر ولها أنشطة موثقة بالصور في المركز الثقافي في "دمشق" و"اللاذقية"، دخلت الجامعة وهي عاشقة للشعر الذي كان متنفسها الوحيد من معاناة الفقر وخيبة الحب، فعبرت وكتبت العديد من الأغاني».
وتتابع قولها: «كان هاجسها أن تشبه "مي زيادة" وتقيم داراً للأدب في رقعة تملكها، وتابعت أسرتها الدأب والتعب وتحقق حلم الأسرة ببناء المنزل، وهي التي كانت تعيش في كوخ واتخذت من المنزل مقراً للملتقى الأدبي يأتيه الرواد والشعراء من كل أنحاء الوطن، ومنذ عامين بدأت من لا شيء بصبرها وتتالى المبدعون إلى دارها وتبادل أهل الشعر والأدب نتاجهم وأفكارهم وأشعارهم وتوسعت بنشاطها، تستقبل زوارها بغدق الضيافة والكرم ونجحت بتحقيق حلمها في ملتقى أدبي ضم معظم شعراء الوطن وكثرت أنشطته، ومن يقرأ ديواني الشاعرة "دروب المنى" و"بائعة الهندباء" يتلمس حلماً راودها صغيرة وحققته وهي كبيرة بوعيها وإيمانها بموهبتها وعشقها للأدب وسعيها لتمتين لحمة أبناء "سورية" في فكر وطني يسعى الى بناء الوطن بالعلم والحب».
الجدير بالذكر أنّ الشاعرة "وديعة درويش" من مواليد "قطنا" في ريف "دمشق" عام 1970، وتقيم في قرية "سنجوان" التابعة لمدينة "اللاذقية".
تمّ التواصل بتاريخ 25 تشرين الثاني 2020.