على مدى قرون مضت كانت الصدفة سبباً في اكتشاف الكثير من قوانين وأفكار لعلماء تحولت أفكارهم مع الأيام إلى واقع يخدم البشرية، وها هي الصدفة من جديد تكون نقطة انطلاق للفنان "عبد الحميد هلال" المصور الضوئي والذي التقاه موقع eLatakia في معرضه بدار الأسد للثقافة حيث قال: «بالصدفة تحولت إلى فنان يعشق التصوير ويعود ذلك إلى عام 1979 عندما كنت أعمل في "الجماهيرية العربية الليبية" الشقيقة في لحظة أحسست بالضجر من القراءة وتنقلت في أرجاء المنزل ومللت الجلوس فقررت الخروج إلى السوق وكنت قد اشتريت آلة تصوير (كاميرا) من أول راتب قبضته وأثناء تجوالي شاهدت عمالاً من "باكستان" فقمت بتصويرهم كما صورت عدداً من الأشقاء الليبيين وكانت النتيجة صوراً متميزة أشاد بها كل من شاهدها».
ويتابع الفنان "عبد الحميد" حديثه قائلاً: «بعد عودتي من "ليبيا" بدأت أتنقل في الريف ما بين البراري والجبال وألتقط الصور النادرة لريف الساحل السوري وأهله وعاداتهم وتقاليدهم وكان عملي بمثابة أرشفة لواقع إنساني قد لا يتكرر».
صور عدة قريبة من قلبي لكن تتميز منها صورة واحدة لشجرة التين والتي يظهر عليها لفظ الجلالة (الله)
ولدى سؤالنا له إن كان تأثر بأحد مما سبقوه قال: «ليس هناك اسم معين وقد كنت أتابع الصور في الصحف والمجلات لكنني كنت أحرص على تطوير هوايتي والتي تحولت إلى احتراف فيما بعد وذلك من خلال اقتنائي لكتب عن التصوير والرسم الذي كنت أمارسه بكثرة في فترة دراستي الثانوية».
وعن اللوحات والصور الأقرب إلى نفسه قال: «صور عدة قريبة من قلبي لكن تتميز منها صورة واحدة لشجرة التين والتي يظهر عليها لفظ الجلالة (الله)».
وتحدث "هلال" عن واقع التصوير الضوئي في "سورية" وعدم الاهتمام به من قبل وسائل الإعلام، والتقصير الذي لحق بهذا الفن وقال: «للأسف لا نجد الاهتمام المطلوب ولدينا مصورون كثر لم يأخذوا حقهم ونادي التصوير الضوئي في "دمشق" يفتقد للإمكانيات المادية ودعمه معنوي فقط، ومما زاد الطين بلة ابتعاد شبابنا عن المعارض الثقافية بمختلف أنواعها ومهما قدمنا من عوامل الجذب لن يتواجدوا ما لم يكن لديهم دافعاً شخصياً للحضور والمتابعة».
وعن الثورة في عالم التكنولوجيا وتأثيرها على التصوير الضوئي قال: «كانت الكاميرا نادرة الوجود والتكنولوجيا وتطورها جعلها في متناول الجميع من خلال الهواتف المتحركة وكاميرات الديجتال، وأعتقد أن هذا لم يؤثر سلباً بل زاد من عدد المصورين، لكن التصوير الضوئي له علمه وقوانينه، أرى أن التصوير بكاميرا الديجتال أو الموبايل يفتقد للروح، وعموماً التكنولوجيا سهلت عمل المصورين الضوئيين خاصة في مجال الإعلام ووفرت الكثير من الوقت والمال».
وفي ختام حديثه لموقعنا عرّف الفنان "عبد الحميد" الصورة بالقول: «إنها اللحظة الهاربة التي تسجلها الكاميرا والتي لن تعود ثانية ويعتمد التقاطها على المهارة والخبرة والعين الثاقبة، أما الكاميرا فهي وسيلة وأداة المصور الذي يسخر خبرته ليبدع صوراً من الحياة».
الفنان التشكيلي "مازن غانم" المتواجد في المعرض أشاد بما رآه قائلاً: «صور الزميل "عبد الحميد" أرشيف حقيقي لتاريخنا في ريف الساحل السوري وكما ترون صوره تنوعت ما بين الإنسان والطبيعة من نبات وأشجار وجبال وشمس وصقيع وثلج، باختصار نقل لنا صوراً لن تتكرر بالفعل».
الجدير بالذكر أن الفنان "عبد الحميد هلال" من مواليد 1947، مُدرس لغة انجليزية متقاعد وسبق له إقامة ما يزيد عن مئة معرض داخل "سورية" وشارك بمعارض عالمية من خلال نادي التصوير الضوئي، لديه ما يفوق 2000 صورة ضوئية قدم منها في معرضه الأخير 78 لوحة.