فنان ذو خطوات واثقة سمع وقعها العالم أجمع، شق طريقه بكثير من الجرأة، وعرف في الحي حيث يسكن بذكائه والآن مشهور على مستوى العالم بفنه الراقي ونحته المتميز.
لن تجده متردداً أبداً وهو يملك ثقة بالنفس حسم فيها خياراته على الأقل هذا ما يبدو عليه، يؤكد ذلك ما قد تلمسه في تعاملك معه فهو يستطيع أن يغير مجرى الحديث إلى حيث يريد تماماً كما يتعامل مع عمله النحتي.
النحات محمد بعجانو من مواليد اللاذقية، فنان أكاديمي تخرج من كلية الفنون الجميلة من جامعة دمشق واحترف الفن، شارك في الكثير ملتقيات النحت العالمي في أنحاء العالم اقترن اسمه بنهضة فن النحت في سورية elatakia إلتقته في مرسمه، وكان لنا معه الحوار التالي:
"بداية علي أن أوضح أن أهم المواد القابلة للنحت هي المادة الخشبية ومن ثم الحجرية والمواد الأخرى كالطين والمعجون هي مواد تكوينية أو تمثيلية أي لا يحدث النحت عليها بل يتم تكوين الجسم فيها بإضافة المادة وليس بنحتها.
أنا في البداية تعاملت مع الخشب لتوفره أكثر من غيره والحجر توفر لنا في مشروع التخرج عندما كنت في السنة الخامسة من كلية الفنون حينها قدمنا أنا واثنين من زملائي أعمال حجرية يدوية (أي بالمطرقة و الأزميل) أما الإضافات التي تتحدث عنها وتسمى (الستراسات) فهي موجودة منذ القدم استخدمها الأشوريون واليونان والفراعنة أيضاً وهي ليست من ابتكاري ولكن التحدي الذي يواجه الفنانين الجدد هو مدى الحاجة لاستخدامها وقدرتها على خدمة الموضوع، أما فيما يخصني وتميزت به فهو عملي على الجداريات النحتية التي عرفتها مؤطرة في السابق وفي مشروع تخرجي في الجامعة رأيت أن أنزع ذلك الإطار عن المنحوتة فيصبح الفراغ المحيط أو حتى الفراغ الموجود ضمن الشكل فراغاً حقيقياً وأنا أعتبر ذلك إضافة لفن النحت. قمت به كما أستطيع أن اذكر الكثير من العناصر التي أضفتها، فقد اجتمعنا أنا واثنين من زملائي كان أحدهم المرحوم مظهر برشين، والآخر أكثم وتركز اهتمامنا بفكرة البحث عن النحت السوري أو النحت في بلاد الشام وما دفعنا إلى ذلك هو انتشار ظاهرة لم نكن نميل إليها وهي أن النحاتون السوريون كانوا يذهبون ويدرسون النحت في بلد ما، مثل فرنسا، أو روسيا، ومن ثم يأتون حاملين تجربة ذلك البلد، وفكره النحتي، لينشروها بيننا، بحثنا عن الهوية السورية، وكان فن النحت ضعيف جداً في تلك الفترة درسنا الموضوع بجدية وعملنا بجهد في المتحف الوطني، وبحثنا في كامل تاريخ سورية فوجدنا أن هناك ثغرة في هذا الفن، بدأت منذ سقوط الدولة الآشورية وحتى منتصف القرن الماضي حيث كانت المحاولات خجولة جداً ومن هنا انطلقنا أما الآن ومنذ عشرين سنة مضت فنستطيع القول أن سوريا بدأت نهضة قوية جداً في هذا المجال أعتقد أننا كنا ثلاثتنا من ذكرت أسمائهم مساهمين جداً في تحريك تلك النهضة".
"نعم أنا أعمل بالأدوات اليدوية والكهربائية لكن الفنان يشعر أنه منتصر في العمل اليدوي أنا أنظر إلى التطور التكنولوجي على أنه ضرورة فهو بالنهاية يقدم أداة حديثة ربما تكمن الحاجة لها بقدرتها على تسريع العمل فقط لا غير ولا أجد لها دور آخر".
"نعم، أحياناً برنامج معالجة الصور(photoshop) وبرامج الرسم الرقمي الآخرى تستطيع أن تقدم أعمال تشابه الأعمال المائية أوالزيتية وهنا بالفعل حلت مشكلة التقنية ولكني أفضل الأصل حيث يملك العمل عناصره بصدق".
-ننتقل إلى الأشكال التي تظهر في أعمالك هناك رموز تتكرر باستمرار كالثور والمرأة ولهذه الرموز دلالات قوية في الفكر والثقافة السورية فكيف تنظر لها؟
"بالحقيقة إن ما يشغل بالي أثناء العمل هو السطح وانكسار الخط على هذا السطح فأنا أستخدم تلك العناصر لتساعدني على صنع ذلك الانسجام بين الأسطح وأستخدم الثور والمرأة والحمائم والخيول أو أي عنصر آخر عندما تنسجم أشكالها مع الأسطح التي أعمل عليها. نعم هناك من يستخدمها لرابط يحمله أو لدلالاتها وهي تملك دلالات واضحة ومعروفة ولكني لا استخدمها إن لم تكن مناسبة للعمل".
مواضيعي بعيدة عن الالتزام بالمكان ولا أجد في ذاكرتي ما يلزمني بمكان ما أجد اللاذقية مدينة ضعيفة المدنية ومع ذلك من الصعب أن تؤثر بي بقعة معينة بحد ذاتها".
هكذا ينهي نحات اللاذقية العالمي حواره مؤكداً انتمائه للعالم بأكمله