إذا ما تأملت في حال الشارع الثقافي في محافظة "اللاذقية" في السنوات الأخيرة ترى تطوراً فكرياً ملحوظاً من ناحية الكم والنوع على جميع المستويات الفنية والأدبية واندفاعاً حقيقياً نحو الجيل الشاب فيثلج قلبك لما يقدمه لك الشارع الثقافي فكرياً وإنسانياً وطبعاً كما يقولون وإن صح التعبير لا يوجد دخان من غير نار فإذا اعتبرنا الدخان هو النشاطات التي تقام فحتماً النار هي روح الشباب القائمين على إنتاج هذه النشاطات ورعايتها.
من هؤلاء أصحاب الفكر الشاب الأستاذ "اسكندر ميا" مدير الثقافة في "اللاذقية" رجل مندفع بكل ما يملك من فكر لتطوير الشارع الثقافي في المحافظة، عمل خلال الفترة الوجيزة التي جلس فيها على هرم الثقافة في المحافظة على دعم الشباب وايصالهم إلى بر الأمان بطريقة صحية وواعية لما في هذا الأمر من حساسية عالية جراء ما يتناقله شبابنا وما يقتحمهم هذه الأيام في كل ما يفعلون ويتدبرون.
كما يوجد هناك مركزان لبيع الكتب:الأول في دار الأسد للثقافة باللاذقية والثاني في المركز الثقافي العربي في مدينة جبلة ومهمتهما بيع منشورات ومطبوعات وزارة الثقافة وبحسم نقدي قدره 40% من قيمة الكتاب
eLatakia زار مديرية الثقافة في محافظة "اللاذقية" والتقى الأستاذ "اسكندر ميا" ليحدثنا عن تجربته في إقامة وإدارة المهرجانات وكيفية تسخيرها لتحقيق الفائدة الكبرى للشباب وخطوات إشراكهم في الانجازات تحدث "ميا": «ما نستطيع قوله أن من خلال وجودنا في حقل الثقافة ومن خلال مركزنا الثقافي استطعنا الوصول إلى الشباب من خلال مهرجان شبابي أقامه اتحاد كتاب العرب في دار الأسد بالتعاون مع مديرية الثقافة وهذا طبعاً يمثل رعاية للمواهب والإبداعات التي تدعم الشباب بشكل عام وهذه المواهب تحتاج إلى رعاية مستمرة ومواكبة قريبة، والرعاية تحتاج إلى إمكانات مادية ولا يمكن إقامة مهرجان بدون إمكانات مادية، ومخطئ من يظن غير ذلك، وحتى مهرجان المحبة وهو مهرجان ثقافي ناجح بامتياز لابد من تضافر ثلاثة شروط لإنجاح أي مهرجان كامل فأولاً الإمكانيات المادية، وثانياً الخبرة، وثالثاً المتابعة.
ولا يمكن فصل أي شرط عن الشرطين الباقيين وأي غياب من أحد هذه الشروط يعتبر المشروع فاشل، ونرى أن مهرجان المحبة نجح بامتياز لأنه حقق الإمكانات الثلاثة وهذا ما يخص حفل الافتتاح فلمهرجان المحبة افتتاح وهو كبير جداً بالنسبة إلى المهرجانات في سورية ومقارنة مع باقي المهرجانات المحلية، وأقولها على مدى صوتي الذي أدى إلى نجاح حفل الافتتاح في مهرجان المحبة هو وجود الخبرة والإمكانيات المادية».
وعن النشاطات الفنية التي أقامتها المديرية لرعاية المواهب الفنية قال "ميا": «قمنا بتشكيل فرقة مسرحية وفرقة فنون شعبية مثلت مديرية الثقافة في مهرجان "إدلب" الثقافي ومثلت سورية في أكثر من مهرجان خارجي وحصدت جوائز عديدة، وأنا أرى أنه يجب أن تتاح الفرص للجميع ففي مديرية الثقافة ومن خلال المراكز الثقافي الموجودة لدى المديرية أبوابنا مفتوحة لجميع النشاطات شعر، موسيقى، مسرح، أي شيء ومن يقول غير ذلك فهو مخطئ ويبقى موضوع أساسي وهو موضوع الكلفة المادية إذا أردت أن تقيم مهرجان شعري أو روائي أو مسرحي أو قصصي أو أي شيء أنت بحاجة إلى مبلغ الرعاية لدعم المالي لا يوجد مهرجان من دون رعاية مالية.
في العام الفائت أقيمت فعاليات ثقافية لم يسبق لسورية أن أقامتها وصرف عليها الملايين ومشكور السيد الوزير لأنه يستحق كل الشكر منا وهو إنسان مثقف ويدعم الثقافة على أعلى مستوى».
وعن انفتاح الثقافة السورية على العالم العربي قال: «الثقافة انفتحت على الخارج بكل اتجاهاتها ونواحيها، فهناك فرق سورية ولاذقانية شبابية على وجه الخصوص مثلت سورية في محافل عديدة خارج القطر، مثلا عندما ذهبت إلى تونس في معرض الكتاب الدولي خمسين دار نشر سورية كانت مدعوة إلى تونس وهي ليست حكومية بل خاصة وهذا يدل أن لدى سورية نهضة ثقافية واعدة، والثقافة في سورية بخير، ولكن لا أقول إن الشباب قد وصلوا إلى درجة مرضية قولاً واحداً، ولكن الشاب السوري بشكل عام شاب مثقف من خلال المنهاج التعليمي لديه ومن خلال أيضا دور الثقافة المنتشرة من حوله ونحن نعمل من خلالها على خلق جيل واع وواعد».
كما حدثنا "ميا" عن المعاهد الخاصة التي تتضمنها المديرية وعن تعاون المديرية مع مؤسسة مسار ليقول: «هناك في المركز الثقافي قاعات مطالعة مفتوحة مجاناً للجميع ومؤمن فيها التكييف والتبريد وهناك أيضاً دورات بأسعار رمزية جداً كتقوية اللغات، كمبيوتر،انترنت، رسم، موسيقا أما هذا العام فأصبح لدينا قدرة تتسع إلى 200 طفل، وبالنسبة لمؤسسة مسار فتعاوننا معها ايجابي جدا والمؤسسة نجحت في جلب عدد كبير من الأطفال والشباب لأنها مجانية وهناك من يديرها بشكل ناجح وتقدم تعليمها بأسلوب حضاري ومتطور يمكن الطفل من مواكبة الأحدث بكل مصداقية وثقة عبر كوادر معدة لهذا الشأن».
تعمل مديرية الثقافة في "اللاذقية" مع المراكز الثقافية التابعة لها وعددها أربعة عشر مركزاً موزعة على مناطق المحافظة، إضافة إلى مركز الفنون التشكيلية ومركز الفنون التطبيقية ، على نشر الوعي الثقافي بين أبناء المحافظة ودفع وتيرة الحركة الثقافية والفنية وذلك من خلال إقامة المحاضرات المتنوعة والندوات الفكرية والأمسيات ومعارض الكتب والمعارض الفنية والمسرحيات الهادفة والعروض الفنية النوعية ومسرحيات الأطفال.. وغيرها، وهذه المراكز هي: مركز دار الأسد للثقافة في اللاذقية- مركز جبلة، مركز الحفة، مركز القرداحة ، مركز عين البيضا، مركز عين الشرقية، مركز كلماخو، مركز القطيلبية، مركز الدالية، مركز بيت ياشوط، مركز دير حنا، مركز يرتي، مركز بكراما، مركز رويسة البساتنة».
عن المكتبات في هذه المراكز ومحتوياتها أشار "ميّا" إليها ليقول: «إن معظم المراكز الثقافية في المحافظة تحتوي على مكتبة عامة تضم مجموعة كبيرة من الكتب والموسوعات والمراجع القيمة وحركتها في نشاط مستمر ودائم، كما تزداد حركة القراءة والاستفادة من استعارة الكتب والمطالعة، خاصة أثناء حلقات البحث والدراسة، وكل مركز يتابع باهتمام تأمين مستلزمات ما يحتاج إليه رواده والقاصدين إليه من طلاب مدارس وجامعات وباحثين ومثقفين، وحيث يتاح لهم ما يرغبون في استعارته من كتب سواء كان داخل المكتبة أو خارجها وأهم هذه المكتبات هي مكتبة الأديب عبد الله عبد الموجودة في المركز الثقافي القديم / المسرح القومي حالياً / حيث تضم ما يزيد على ثمانية عشر ألف كتاب، مكتبة دار الأسد وتضم أكثر من سبعة آلاف كتاب ومكتبة المركز الثقافي العربي في مدينة جبلة وتضم أكثر من سبعة وثلاثين ألف كتاب ومكتبة المركز الثقافي العربي في مدينة الحفة وتضم حوالي عشرة آلاف كتاب ومكتبة المركز الثقافي العربي في مدينة القرداحة وتضم حوالي سبعة آلاف كتاب إضافة إلى محتويات مكتبات المراكز الثقافية في عين البيضا وكلماخو وعين الشرقية وبيت ياشوط، عناوين الكتب الموجودة في مكتبات المراكز كافة، متنوعة في شتى ميادين المعارف والعلوم، في السياسة والأدب والفلسفة والاقتصاد والعلوم والتاريخ والفنون».
يضيف "ميا": «كما يوجد هناك مركزان لبيع الكتب:الأول في دار الأسد للثقافة باللاذقية والثاني في المركز الثقافي العربي في مدينة جبلة ومهمتهما بيع منشورات ومطبوعات وزارة الثقافة وبحسم نقدي قدره 40% من قيمة الكتاب».
أما فيما يتعلق بالحركة المسرحية فقال "ميا": «اللاذقية تشهد حراكا مسرحيا لم تشهده محافظة قط في سورية، هناك خمسة مهرجانات مسرحية معروفة ولها جماهيريتها، تقام هذا المهرجانات على مدار العام، تساهم فيها المنظمات الشعبية والأهلية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى عروض فردية للشباب الهاويين والذين نقدم لهم كل ما نملك من قدرات من أجل تفعيل موهبتهم وتقديرها وتجسيدها، والمحافظة استقبلت أعمال كثيرة من خارج المحافظة ولديها مسارح منتشرة في كافة المراكز الثقافية تتسع ما بين 500 والـ 800 متفرج مجهزة بتقنيات عالية ومستلزمات مسرحية عالية الجودة".
واختتم "اسكندر ميّا" حديثه بالقول: «أمام الغزو الإعلامي الهائل من خلال الفضائيات والانترنت ووسائل الاتصال الحديثة كان من الضرورة بمكان تحصين هذا الجيل للحفاظ على هويته الوطنية والقومية من خلال الحفاظ على القيم والمبادئ والمثل التي تميز مجتمعنا من خلال زرع الوعي الثقافي اللازم ونشره».
يذكر أن "اسكندر ميا" من مواليد "جبلة" 1955 تعلم في مدارس أبي العلاء المعري، "عز الدين القسام"، "محمد سعيد يونس"، تخرج في كلية الآداب في "دمشق" قسم الجغرافية، عمل في التدريس في قرى ومدارس جبلة.