ترسم الأديبة "ملك الحاج عبيد" من خلال كتاباتها سينوغرافيا* خاصة بعالمنا المعاصر فتنقل الواقع بشفافية الضوء ورقة الفراش.
وتضيف إليه من ذائقتها الإبداعية لوناً جديداً وروحاً مختلفة. الأديبة الكبيرة "ملك الحاج عبيد" هي إحدى الدعائم الأساسية للأدب السوري المعاصر من حيث بنيتها الخاصة للنص وفرادتها في اختيار المواضيع التي تناسب كل الشرائح على مدار الزمن، وقد التقاها "eLatakia" في منزلها في جبلة وكان معها الحوار التالي:
** أرى أن أهم مصدر من مصادري الإبداعية هو الواقع، حيث أذكر قول لـ "محمد ديب الجزائري": (الزخم الموجود في الواقع أكثر مما هو في الخيال) وعندما أقول الواقع فأنا لا أقصد الواقع المنسوخ أو صورة فوتوغرافية عن الواقع، أبدأ بأخذ ما يناسبني من الخطوط الأولى، وأدخلها إلى مختبري الخاص وأعطيها من فكري وأطرح من خلال الشخصيات التي أختلقها ما أريد قوله، وهذا لا يعني أنني أمارس ديكتاتورية على شخصياتي بل بكل أريحية أترك لهم الحرية المطلقة لكي يتصرفوا كما يريدون ولكن ضمن منظور معين يجب عدم الحياد عنه.
** كي نقرب الواقع إلى عالم القصة، نحاول التخفيف من واقعيته وأقول "ليس كل ما يلمع ذهبا" وليس كل ما نراه جميلاً يكون جميلاً، هناك أسس يجب أن يبني الشباب حياتهم عليها، أي العلم والتفكير الصحيح، أما الجري وراء المظاهر فإنه قد يفتن أحياناً ويقدم صورة زاهية.
ولكن كما تحدثت في إحدى قصصي عن الفراشة التي اقتربت كثيراً من النار قد احترقت، والمعنى المجازي للفراشة هو الفتاة في مجتمعنا، وحتى لو اجتازت هذه المحنة لكنها أثرت عليها وجعلتها تترك الجامعة وتحطمت معظم أحلامها وتركت لها بقايا من الأحلام، فحديثي عن الفراشة أردت منه الحديث عن أحلام الفتيات الصغيرات اللواتي ينظرن للحياة بمنظار وردي، أحلام وغنى، أحلام وجاه، وأحلام وحب، ووجهت هذه القصة إلى الأجيال القادمة الشابة، كي يكونوا على استعداد للمخاطر.
** للرواية العربية جذور قديمة وهذا اعتراف حقيقي بوجودها، وصحيح أننا استقينا مقومات الرواية الحديثة من الغرب ولكننا أنشأنا رواياتنا العربية الخاصة بنا فالروائي العربي، لا نستطيع أن نقول إنه استنسخ بل صوّر حياتنا وأعاد التراث القديم، لا نستطيع أن نقول إنه لا يوجد رواية عربية بل موجودة وتتطور على يد روائيين شباب.
** يجب أن تنطلق الرواية وأي رواية من أسس ويجب أن تعتمد خاصة على الثقافة والموهبة وعلى تماس مع الوسط الثقافي، وأرى أن الاستسهال في الرواية هو مقتل لها، وعلى الشباب أن يبنوا على أسس راسخة وأن يتمثلوا بالثقافة العربية والعالمية وبعد ذلك ليبدعوا.
** صدر لي رواية جديدة اسمها "الوعي" تتحدث عن الأحداث التي مر بها الوطن بنقدٍ بيّنت فيه انعكاسات هذه الأحداث على الواقع الاجتماعي العربي من خلال سيرة ثلاثة أجيال مرت في القصة، جيل الآباء وجيل الأبناء وجيل الأحفاد، وبينت تأثير هذه الأحداث على مصير هذه الشخصيات وكيف تلونت حياتهم بهذه الأحداث أي أقمت التواشج بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي.
الجدير بالذكر أن الأديبة "ملك الحاج عبيد" من مواليد "جبلة" 1946 لها عدد كبير من الأعمال المنشورة منها رواية "الخروج من دائرة الانتظار" ومجموعة من القصص "أنا البحر"، "الغرباء"، "حكايات الليل والنهار"، "غربة ونساء" وتكتب قصص تربوية توجيهية للأطفال.