نظراً لأهمية قرية "سيانو" التابعة لمدينة "جبلة" من الوجهة الأثرية ومن الناحية التاريخية والسياحية لما يتبع لها من "تل سيانو" الأثري، بالإضافة إلى النصوص القديمة التي تحكي وجود مملكة تحمل اسم "سيانو" أثناء توالي حضارات على هذه الأرض منذ القدم موقع eLatakia التقى السيد "ابراهيم خيربك" رئيس دائرة الآثار والمتاحف في "جبلة" ليقدم لنا شرحاً مفصلاً عن مملكة "سيانو" والتي يُحكى أنها تقبع في "تل سيانو" الأثري حيث قال لنا:
« لم يرد ذكر مدينة "سيانو" مثلها مثل "أوغاريت" و"أرواد" في حوليات الملك المصري "تحوتمس الثالث" من الأسرة الثامنة عشرة (1483-1450ق.م) والذي قام بـ17 حملة على ممالك سورية المتمردة دوماً والمسجلة على جدران معبد "الكرنك"، وفي عهد خليفته الفرعون "امنحوتب الثاني" (1450-1425 ق.م) سمعت مملكة "أوغاريت" التي كانت تحكمها سلالة كنعانية وطنية بالدخول رضائيا في نطاق النفوذ المصري محتفظةً باستقلالها تأميناً لمصالحها التجارية وسادت فضلا عن ذلك على جارتها الجنوبية مملكة "سيانو" والتي كانت تسمى "اوشناتو المزدوجة".
نظراً لأهمية "سيانو" واشتراكها بشكل فعال في أحداث الألف الأول أثرت في محرري التوراة اليهودية فقد جاء في "سفر التكوين" أن أهل "سيانو" هم من نسل السيني سابع أبناء كنعان وقلد التوراة "يوسيفوس" اليهودي الذي يضع "سينايوس" بين ابناء كنعان وتبعهما في ذلك القديس "جيروم" وفي الواقع ان اكثر هذه العروق المزعومة هي أسماء مدائن مثل "صيدا" و"عرقة" و "سيانو" و"أرواد" و"صمور" (تل الكزل) و"حماة"، وفي أواخر القرن الثامن اختفى اسما "سيانو" و"اوشناتو" اللتين ذابتا في مملكة "ارواد" الناهضة، وبعد انفصال "سيانو" و"أوغاريت" ورد عدد من المدن أو بالأحرى البلدات التي كانت تابعة لسيانو في الرقم الأوغاريتية و كان أحد الرقم يتعلق بمواطني مدينة اسمها "قاراتو" مقيمين في مختلف بلدات مملكة "سيانو" وكشفت نصوص "اوغاريت" عن مملكتين صغيرين في التخوم الجنوبية لتلك المملكة الباهرة تحملان اسم "سيانو" و"اشناتو" متحدتين مختلطتين حينا ومنفصلتين أحيانا كانتا في ممتلكاتها وانفصلتا عنها والإجماع الآن أن "سيانو" هي في "تل سيانو" الأثري أما "اوشناتو" فهي في أحد مواقع ثلاثة
ومن أخبار "سيانو" في "أوغاريت" رسالة محررة بالأوغاريتية من ملك "سيانو" على الأرجح، وفي عصر العمارنة والإصلاح الديني في "مصر" ضعف النفوذ المصري في بلاد الشام وخاصة في الشمال والساحل وكانت الممالك الساحلية وقتها تطلب نجدة "مصر" ولكن دون جدوى وفي أحد النصوص من الرسائل المكوّمة في محفوظات "امنحوتب الثالث" و"امنحوتب الرابع" (اخناتون) نجد "ياباخو" حاكم أو ملك مدينة "غزرو" يشكو من عداوة أخيه البكر ويذكر فيها ان مدينة "تيانا" ضده، وثمة نص فيه شكوى من "شوباندو" ملك مدينة أخرى يذكر أن "تيانا" في حالة حرب معه ويُعتقد بأن "تيانا" بأنها "سيانو" وفي أيام "نقماد" ملك أوغاريت (1370-1330ق.م) عقدت معاهدة بينه وبين "عزيرو" ملك "أمورو" (بلاد الأموريين) شملت بنودها "عهدي خيبات" ملك "سيانو" وتذكر المعاهدة مناوشات في غياب الملك "عزيرو" بمصر بين "بعلويا" الوصي على عرشه وبين "عبدي خيبات" ملك "سيانو" الامر الذي يدل على وجود تخوم مشتركة بين "سيانو" و"أمورو"».
واستمرت الدراسات التاريخية لتأكيد وجود مملكة "سيانو" كما أخبرنا "خيربك" الذي أضاف قائلا: «ازداد النفوذ الحثي في شمال سورية أيام الملك الأوغاريتي "نقما بن نقماد" (1330-1270 ق.م) وتسرّب إلى الساحل وخرجت "سيانو" من فلك "أوغاريت" وارتبطت بمملكة "كركميش" (جرابلس) التي اتخذها الحثيون مركزاً على الفرات لمراقبة الشؤون السورية حيث أيد الملك الحثي "مرسل الثاني" الوضع الجديد وعيّن الحدود بين مملكة "أوغاريت" ومملكة "سيانو" أكثر من مرة إلا أن هذا الأمر أغضب "أوغاريت" لأن "سيانو" كانت تابعة لها ولأن "كركميش" بعيدة ولا حدود مشتركة بينها وبين "سيانو" حيث كان ملك "اشناتو" وملك "سيانو" يقدمان التزامات لملك "أوغاريت".
وبعد انفصالهما عن تبعيته لم تعد هناك ضرورة لذلك وبذلك أصبحت مملكتا "سيانو" و"اوشناتو" وبموجب الملك الحثّي تابعتين بشكل ما للحثيّين ولمملكة "كركميش" وآلت بعض مداخيل المملكتين لهم وخسرتها "أوغاريت" الأمر الذي جعلها تتلكأ بدفع الجزية المعتادة للحثيّين لأن ملك "أوغاريت" اشتكى للملك الحثي "مرسل الثاني" بأنه لا يستطيع الاستمرار في دفع الأرزاق التي كان يدفعها أسلافه لهم بسبب اقتطاع مملكتي "سيانو" و"اشناتو" والملك الحثي بدوره خفّض جزية "اوغاريت" الى (250) شاقلا من الذهب مثلها في ذلك مثل مملكة "امورو".
و(على لسان الملك الحثي "مرسل الثاني") وُجد نص في قصر "أوغاريت" الملكي يقول: ("مرسل" الملك الكبير فَصل "عبد عنات" ملك "سيانو" وأولاده عن "أوغاريت" وأعطى "سيانو" لملك "كركميش" كي تكون في خدمته، "سيانو" مع مدنها المجاورة وحدودها وجبالها أعطاها بموجب صك مختوم إلى ملك "كركميش") وفي نص آخر للملك الحثي نفسه يقول (أنه حدّد الحدود بين "أوغاريت" و"سيانو" وأنه ثبّت مدناً سمّاها لأوغاريت وأنه قسّم الملاحات بين "نقماد" ملك "أوغاريت" و"عبد عنات" ملك "سيانو"، وعلى ملك "سيانو" أن يدفع في شهر شباط من كل عام خروفاً وأربع جرار من الخمر كما كانت العادة في أيام الملك "ساسيا") والملك "ساسيا" هذا ربما كان مؤسس مملكة "سيانو"».
وتابع "خيربك" في حديثه عن البحث الذي اختص "سيانو" في النصوص القديمة بالقول: «وبرغم التحكيمات والمراسيم الحثية ظلت مسألة الحدود بين "أوغاريت" و"سيانو" مثار مشكلات كثيرة خلال القرنين (14-13 ق.م) حيث قرأنا صدى ذلك في مراسلات عدة بين ملوك الحثيين و"كركميش" و"أوغاريت" و"سيانو" و"اوشناتو" وبدأت فترة معتمة غامضة في الساحل السوري بعد اجتياح شعوب البحر لهذا الساحل (1185 ق .م) وانهيار المملكة الحثية والمملكة الأوغاريتية وأكثر ممالك الساحل السوري من "الأمانوس" حتى "رفح" حتى نهاية القرن (18 ق .م) عندما أخذت دولة "آشور" تحاول شق منفذ لها على البحر لكن الملك الآشوري " تفلات فلاصر" لم يدخل في نزاع مع الممالك الآرامية في الداخل أو المدن الكنعانية على الساحل وتوقفت الحملات الآشورية من بعده حتى أواخر القرن (10ق.م ) ومنذ عهد الملك الآشوري "حدد نيراري الثاني" بدأت المحاولات من جديد ولم تنقطع حتى عصر سلالة ملك السرجونيين (722-612 ق.م ) فاجتاز الملك "آشور ناصر بعل الثاني" الفرات إلى بلاد الشام وفي حكم خليفته "شلمنصر الثالث" حدث الارتطام ومن أخباره المنقوشة على المسلّة السوداء وعلى صفائح البرونز نعرف أنه وصل الساحل في أول سنة من حكمه إذ ذكر أنه غسل سلاحه في البحر الذي تغيب فيه الشمس وحين هزمه الملوك الكنعانيون والآراميون والسوريون عموما بزعامة ملك دمشق "بر حدد" في معركة "قرقر" كان معهم ملكا "سيانو" و"اوشناتو" وذكر "شلمانصر الثالث" أن "ادونو بعلي" ملك "سيانو" قدم للمعركة (30) عربة وألف جندي وأن الاوشناتيين قدموا (200) جندي ويذكر ابنه "تغلات فلاصر الثالث" (845-828 ق.م) في حولية السنة الثالثة من حكمه أنه ألحق بآشور مدنا عديدة منها مدينتا "اوسنو" (اوشناتو) و"سيانو" وكان ابنه "شلمنصر الخامس" والياً على الساحل الكنعاني قبل أن يصير ملكا حتى خلفه "سرجون الثاني" وعند انشغاله بالحروب مع "بابل" استعادت مصر نفوذها في بلاد كنعان وتجمعت الممالك السورية ساحلا وداخلا بزعامة حماة ضد "الآشوريين" وخاضت ضد "سرجون الثاني" معركة "قرقر الثانية" عام (722 ق.م) وكانت الغلبة فيها للآشوريين، وليس لدينا ما يدل على أن مدينتي "سيانو" و"أوشناتو" كانتا بين المدن التي شاركت في هذه المعركة».
وقد كشفت النصوص القديمة أن مملكة "سيانو" باهرة وعظيمة وعن هذا الجانب قال "خيربك": «نظراً لأهمية "سيانو" واشتراكها بشكل فعال في أحداث الألف الأول أثرت في محرري التوراة اليهودية فقد جاء في "سفر التكوين" أن أهل "سيانو" هم من نسل السيني سابع أبناء كنعان وقلد التوراة "يوسيفوس" اليهودي الذي يضع "سينايوس" بين ابناء كنعان وتبعهما في ذلك القديس "جيروم" وفي الواقع ان اكثر هذه العروق المزعومة هي أسماء مدائن مثل "صيدا" و"عرقة" و "سيانو" و"أرواد" و"صمور" (تل الكزل) و"حماة"، وفي أواخر القرن الثامن اختفى اسما "سيانو" و"اوشناتو" اللتين ذابتا في مملكة "ارواد" الناهضة، وبعد انفصال "سيانو" و"أوغاريت" ورد عدد من المدن أو بالأحرى البلدات التي كانت تابعة لسيانو في الرقم الأوغاريتية و كان أحد الرقم يتعلق بمواطني مدينة اسمها "قاراتو" مقيمين في مختلف بلدات مملكة "سيانو" وكشفت نصوص "اوغاريت" عن مملكتين صغيرين في التخوم الجنوبية لتلك المملكة الباهرة تحملان اسم "سيانو" و"اشناتو" متحدتين مختلطتين حينا ومنفصلتين أحيانا كانتا في ممتلكاتها وانفصلتا عنها والإجماع الآن أن "سيانو" هي في "تل سيانو" الأثري أما "اوشناتو" فهي في أحد مواقع ثلاثة».