تستحق مدينة "جبلة" أن تكون مدينة أثرية رائدة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط نظرا لوجود العديد من المواقع الأثرية التي ترتبط بتاريخ هذه المدينة، ومن المواقع التي تميز مدينة "جبلة" هناك المرفأ القديم "الميناء الفينيقي" والذي يعد من الأوابد الأثرية البارزة في المنطقة وهو ميناء أثري يستخدم حاليا كميناء لقوارب صيد الأسماك.
يعتبر الميناء الفينيقي الأثري في "جبلة" بحسب ما أكده رئيس دائرة آثار "جبلة" المهندس "ابراهيم خيربك" لموقع eLatakia بأنه من أقدم الموانئ الطبيعية التاريخية على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وأضاف بالقول: «ميناء "جبلة" الفينيقي محفور بالصخر الطبيعي، وهو ميناء صغير يأخذ شكل مستدير يقع في منتصف شاطئ المدينة القديمة ومحاط بها، وعلى الرغم من أنه أقدم الموانئ الطبيعية التاريخية على الساحل الشرقي للبحر المتوسط إلا أنه مازال حتى الآن يتمتع بالكثير من المعالم الطبيعية والتاريخية الأثرية العائدة لفترات زمنية متعاقبة».
إن ميناء "جبلة" الفينيقي والذي يتجاوز عمره "3500" عام كان يعتبر الميناء الأساسي لمملكة "سيانو" كما أنه استخدم في العصور الكلاسيكية والإسلامية وكان يعتبر الميناء الأساسي لحركة التجارة بين مملكة "سيانو" والممالك المجاورة في حوض المتوسط
أوضح المهندس "خيربك" أثناء وصفه للميناء الفينيقي الأثري بأن المعالم الأثرية المتنوعة والعائدة لمراحل تاريخية مختلفة تحيط به من كافة الجهات، وأضاف بالقول: «يتألف الميناء الفينيقي من مدخل رئيسي وحوض داخلي مفتوح مباشر من جهة الغرب، فمن الجهة الشرقية تحتضنه البلدة القديمة والتي ما زالت معظم معالمها قائمة حتى الآن، إضافة إلى قصر "علي أديب"، وكذلك قبة "المغاوري" الذي تم طمرها أثناء تنفيذ شارع الكورنيش البحري وحاليا تستعد دائرة آثار "جبلة" لإعادة كشف بعض المعالم الأثرية التي طمرها أثناء تنفيذ شارع الكورنيش البحري على الحافة الشرقية للميناء، ومن الجهة الجنوبية الشرقية وعلى بعد عشرات الأمتار يقع تل "المصيطبة" الأثري.
وتأتي أهمية الميناء من خلال ارتباطه المباشر مع موقع "المصيطبة" الذي تؤكد الأسبار التي نفذت بالموقع على وجود سويات أثرية تعود للألف الأول قبل الميلاد والقرون الميلادية الأولى وبعض الفترات الإسلامية، وتؤكد الكسر الفخارية التي جمعها من حوض الميناء على الدور الذي قام به في عمليات الاستيراد والتصدير مع دول حوض البحر المتوسط عبر العصور، والجهة الشمالية من المرفأ مجهز بمرتفع صخري كان فيه بقايا برج قديم وعلى الجرف بعض المغاور المنحوتة كانت تستعمل كمستودعات أو غرف خدمية للصيادين، مازال الرصيف الشمالي محافظاً على شكله ».
بحسب مصادر تاريخية، أشار المهندس "خيربك" إلى المراحل والعصور التي مرت على تاريخ الميناء، وقال: «تشير المصادر التاريخية على أن الرصيف الشمالي للميناء قد جرى ترميمه على أيدي الصليبيين عندما سيطروا على "جبلة" بالحملة التي قادها " ريموند دو سان جيل " عام "1098"، أما الرصيف الجنوبي فهو عبارة عن شبة جزيرة صغيرة كان مجهز ببعض التحصينات وعليه بعض الأعمدة من الغرانيت وآثار نحت بعض المستودعات،وقد أزيلت بعض آثار هذه التحصينات أثناء بناء أرصفة وحاجز أمواج الميناء الحديث وطمر بعضها الآخر، وتم الكشف على بقايا حمولة سفينة قديمة تحمل قواعد مربعة كبيرة ومجموعة من الأعمدة مختلفة الأطوال والأقطار عند منتصف نهاية المدخل الرئيسي للميناء، وهذا يؤكد على استخدامه خلال العصور الكلاسيكية وفي الفترات الإسلامية وربما استخدم أيضاً قبل ذلك إذ عرف بالميناء الفينيقي، وقد أكدت أعمال البعثة الأثرية الدانمركية العاملة في تل "سوكاس" عام "1958- 1963" احتمال وجود معبد في منطقة الكتلة الصخرية».
وختم المهندس "خيربك" حديثه لموقعنا قائلا: «إن ميناء "جبلة" الفينيقي والذي يتجاوز عمره "3500" عام كان يعتبر الميناء الأساسي لمملكة "سيانو" كما أنه استخدم في العصور الكلاسيكية والإسلامية وكان يعتبر الميناء الأساسي لحركة التجارة بين مملكة "سيانو" والممالك المجاورة في حوض المتوسط».