عرف في وسطه الفني بقدرته على التوفيق بين الكلمة والريشة والخيال، يرسم ما يحسه ويقتنع به دون أن تقيده المفاهيم الأكاديمية فيخرج بلوحات من ذاكرته البصرية ناقلاً لنا صوراً ومجسمات عن قريته "عين زيوان" و"الخشنية" وغيرها من القرى التي غيّر الاحتلال وجهها فلم يبقَ لأهلها الذين خرجوا منها وأبنائهم إلا هذه الذاكرة الحية عنها، إنه الفنان التشكيلي "فاضل زكريا" من قرية "عين زيوان" المحتلة والتي تقع على مسافة /3/ كم جنوب مدينة "القنيطرة".
موقع eQunaytra التقى الفنان "فاضل زكريا" وكان معه هذا الحوار:
يعد "فاضل" من أوائل الفنانين التشكيليين في محافظة "القنيطرة"، ويتميز عمله بالواقعية المأخوذة من طبيعة البيئة والحالة الاجتماعية لسكان "الجولان" و"القنيطرة" حيث أنه يعبر عنها بكل صدق وعفوية مطلقة ويستعمل الألوان القريب من الإنسان لكي تتركز في ذاكرته، وتعد لوحاته علامة فارقة في الفن التشكيلي
** البدايات كانت في عام 1948م عندما كنت في الصف الخامس الابتدائي أحب مادة الرسم كثيراً واستمتع بالرسم والألوان وكان بعض زملائي في المدرسة يقولوا لمدرس مادة الرسم أن "فاضل زكريا" يرسم أفضل منك بكثير فلماذا لا يستحق العلامة الكاملة فقال المدرس لهم مهما كانت اللوحة جميلة ورائعة لا تستحق العلامة الكاملة حتى أنا لا استحقها، وكنت أرسم كل ما أراه من طبيعة وأشخاص وكانت أول لوحة لي هي مسجد قرية "عين زيوان" بكل تفاصيله من ارتفاع وأبعاد الحجارة عن بعضها وكنت أستعمل "مخلوط البودرة" الملونة مع النفط لتصبح دهان زياتي.
وأذكر بأنه قبل النزوح كان لي عشرون لوحة زيتية قديمة تمثل تجربتي الأولى وبقيت في القرية ووقتها كان عمري /26/ عاماً، قضيت فترة طويلة بالعمل مع منظمة طلائع البعث حيث شاركت بتنظيم العديد من مهرجاناتها ويكاد لا يخلو معسكر من لوحاتي الجدارية الكبيرة التي اشتهرت بها ومن أهمها لوحة مسرح "طرطوس" ولوحة استعادة مرصد "جبل الشيخ" إلا أن مدينة "القنيطرة" كانت الأم الحنون التي أعود دوماً لأحضانها فشيدت فيها عدداً من التماثيل واللوحات المنتشرة بين قراها وطرقاتها. حيث قمت بإنجاز عدة أعمال في مجال النحت واحد في معسكر الشهيد "باسل الأسد" بقرية "نبع الفوار" يرمز إلى أن الأم مدرسة إذا أعددتها أعدت شعباً طيب الأعراق، وعمل آخر في قرية "بئرعجم" يرمز إلى أن الماء حياة والثقافة نور.
** "عين زيوان" قريتي الجملية التي عشت فيها /26/ عاماً وأتذكر كل معالمها ومنازلها وطبيعة أرضها وطقوسها وحياتها الاجتماعية تتميز بالألفة والمحبة ما جعل "عين زيوان" أحب إلي من نفسي، ولي غاية من لوحات "عين زيوان" هو تذكير الجيل الجديد بقرى الجولان المحتلة وقرية "عين زيوان" التي تم مسحها عن خارطة الوجود ولذلك قمت أيضاً بتصميم مجسم بحجم كبير لقرية "عين زيوان" المحتلة كما كانت في بدايتها وأنا أعيش فيها.
** لطفولتي ذكريات كثيرة وتعلمت خلالها الكثير من التجارب في الرسم والنحت حيث كنت أجلس بجانب مسيل ماء في قرية "عين زيوان" وأخلط الماء والتراب ليصبح طين وأصنع الأعمال اليدوية من حيوانات ومنازل وآثار القرية، وإحدى الأعمال التي قمت بها قطيع من الأغنام وراعي معه عصا، بالإضافة إلى استخدام "التنك المعدني" التالف لصنع الطائرات بمراوحها الأربعة والصواريخ للعب به، وأذكر في مرحلة الشباب خطر لي بأن أقوم بصنع قناع مخيف فقمت بسرقة جلد غنم كنا نجلس عليه في منازلنا قديماً وقطعته على شكل وجه ذات شوارب ولحية طويلة وكان شكله مخيف جداً، بالإضافة إلى صنع بواريد للصيد لي ولغير ونخرج للصيد في أوقات الفراغ، فكانت طفولتي ملأى بالتجارب الممتعة التي لا أنساها.
* ما طقوسك أثناء الرسم؟
** أمتلك في منزلي مرسماً صغيراً، ولا وقت محدد للرسم ولكن عندما تأتي فكرة معينة أو أتذكر شيء على بالي أقوم بالذهاب إلى المرسم وأضع خطوات العمل وأبدأ بالرسم بقلم الرصاص وبعدها ألون العمل ويمكن إنجاز اللوحة خلال /24/ ساعة أو لأكثر من أربعة أشهر ودائماً في كل لوحاتي أستعمل مادة الأكروليك وعند وجودي بالمرسم أشعر بسعادة مطلقة.
** الحياة مدرسة والحياة جميلة كذلك، بالنسبة لي أتعلم من الألوان كيف أختار اللوحة المناسبة وألوانها الجذابة وغالباً أستخدم اللون الأخضر لأنه لون الطبيعة الجميلة واستخدمه بتدرجات بسيطة لكي أحافظ على الواقعية الصادقة، أما اللون الأصفر لأنه يعطي اللوحة بعداً ثقافياً، كما ويثير التساؤل عنه وهذا يجعل اللوحة تترسخ بذاكرة ناظرها.
* ماذا عن معارضك؟
** شاركت بالعديد من المعارض منها المشترك ومنها الفردي فشاركت بمعرض خاص باسم الاتحاد الوطني لطلبة سورية، وبمهرجان الشباب الخامس بـ"دمشق"، ومعارض فناني القطر والمعرض المتجول لفناني "القنيطرة" في محافظات القطر وشاركت بمعارض فرع القنيطرة لنقابة الفنون الجميلة وبمعارض ومهرجانات منظمة طلائع البعث، ومعرض خاص في صالة الشعب للفنون عام 1985م، ومعرضان خاصان باسم محافظة القنيطرة في "الجمعية الخيرية الشركسية" عام 2002م وعام 2004م. ومعرض خاص بعنوان "الجولان" باسم اتحاد الكتاب العرب في سورية بمناسبة يوم الكتاب عام 2006م.
وحول أعمال الفنان "فاضل زكريا" قال الفنان "نعيم شلش" من فرع "القنيطرة" لنقابة الفنون الجميلة: «يعد "فاضل" من أوائل الفنانين التشكيليين في محافظة "القنيطرة"، ويتميز عمله بالواقعية المأخوذة من طبيعة البيئة والحالة الاجتماعية لسكان "الجولان" و"القنيطرة" حيث أنه يعبر عنها بكل صدق وعفوية مطلقة ويستعمل الألوان القريب من الإنسان لكي تتركز في ذاكرته، وتعد لوحاته علامة فارقة في الفن التشكيلي».
الجدير بالذكر أن الفنان "فاضل زكريا" من مواليد عام 1938م قرية "عين زيوان" المحتلة التابعة لمحافظة "القنيطرة" وعضو في نقابة الفنون الجميلة ويعد من الرواد الأوائل الذين أسهموا بتأسيس فرع "القنيطرة" لنقابة الفنون الجميلة، عمل في منظمة طلائع البعث مكتب الفنون لمدة /27/ عاماً، ومديراً لمتحف في معرض "دمشق" الدولي لمدة /13/ عاماً.