عاشت سنوات صباها تمارس هوايتها المتمثلة بالتصوير الضوئي، واختارت أن تكمل دراستها الجامعية بهذا الاختصاص الذي تعشقه، فاحترفت فن التصوير الضوئي وتصميم الإعلانات، بعد أن استطاعت أن تسجل اسمها كإحدى متفوقي كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم الاتصالات البصرية، وامتاز أسلوبها بالخروج على المألوف.
موقع eQunaytra التقى الفنانة التشكيلية "نور جاسم النادر" بتاريخ 11/2/2012م وأجرى معها هذا الحوار:
"نور النادر" فنانة تمتلك موهبة أصيلة وقدّمت الكثير الكثير من الأعمال المتميزة وقد برهنت عن إمكانياتها من خلال تخرجها بامتياز ومن خلال أعمالها فيما بعد التخرج، وهي نشيطة على الساحة الفنية وإن كان في مجال الاتصالات البصرية وإعلاناتها التي ملأت طرقات وساحات القطر وأيضاً من خلال أعمالها الزيتية والنحتية والتصوير الضوئي، وأتمنى لها مستقبلاً زاهراً وواعداً فهي تستحق ذلك لأنها فنانة مبدعة بكل ما تعنيه الكلمة
** الموهبة أساس توجهي للدراسة في كلية الفنون الجميلة، لأنها لا تكفي لإنتاج عمل فني دون الصقل الأكاديمي والخبرة العملية فهي كالزهرة التي تحتاج للعناية والسقاية وتهيئة المناخ المحيط المناسب لنموها، حيث بدأت بالتحضير للدخول لكلية الفنون الجميلة منذ عام 2005م وكان ذلك من خلال العمل والدراسة في مركز الفنون التشكيلية "بالقنيطرة" وعندها حظيت بعائلة فنية جديدة وخاصة وجود الفنان التشكيلي "نعيم شلش" والفنان النحات "محمد أبو خالد" اللذين احتضناني وطورا رؤيتي وموهبتي بكل صبرٍ وحنو.
وبعد ذلك خضعت لمسابقتين واجتزت الامتحان وأصبحت من المتفوقين في الكلية وكنت أحصل على جائزة الباسل التي تقدم للمتفوقين سنوياً، وابتدأت بالعمل في السنة الثانية في عدد من المكاتب الإعلانية ولعدد من المعارف والأصدقاء وكان ذلك في فترات العطل كي لا يؤثر على دراستي، وطورت نفسي في المجالات التي يحتاجها الطلاب ولا تتوافر في الكلية كالنواحي التقنية والتكنولوجية والبرمجية، بالإضافة إلى الدخول للمجال العملي والتعامل المباشر مع المجتمع كفنان وتحقيق التوازن بين الفن كقيمة لا تثمّن والفن كمهنة أي مهارات التواصل.
وأضافت: تخرجت في الكلية في 30/12/2009م بحصولي على المرتبة الثانية بدرجة جيد جداً، حيث كان مشروع التخرج موجه للأطفال وهو عبارة عن مؤسسة افتراضية تعنى بشؤون الأطفال وتنقسم نشاطاتها إلى جزأين تربوي وتعليمي، شاركني بعض الأطفال وكانوا العنصر الرئيسي في التصاميم وفي المسرحية التي قدموها وعرضتُها كفيديو، أما بالنسبة للجزء التعليمي فقد تناولت موضوع إعادة استخدام النفايات ومفهوم إعادة التدوير من خلال بعض المطبوعات وفيديو آخر لمجموعة من ألعاب الماريونيت المصنوعة من مواد تالفة وتم منحي وثيقة حماية حقوق المؤلف، بالإضافة لمسابقة الطاقات المتجددة ومن هنا كان دخولي في مجال البيئة ووزارة الدولة لشؤون البيئة بعد التخرج وعملي فيها في مجال الإعلان الطرقي حتى الآن، كما ساهمت في حملة النظافة التابعة لوزارة الإدارة المحلية من خلال المطبوعات وفيلم "بكرة إلنا" الذي عرض على شاشة التلفزيون العربي السوري.
** التخصص كان بالنسبة لي موضع حَيرة والسبب عشقي لجميع أنواع الفنون وخوضي في مضمارها دون تحيز لأحدها دون الآخر وهذه موهبة وميزة لكنها أشبه بسيف ذي حدين في الحقل الفني والسبب يعود لأهمية التنوع في الإنتاج والخبرة من جهة ولسوء التّشتُّت الذهني دون التركيز على أحد الاختصاصات للوصول إلى نتائج عميقة في مضماره وبلوغ نقاط الذروة فيه لإعادة ترجمتها بصياغة تحمل روح الفنان وبصمته نتيجة عجينته معها بكل جوارحه، وبعد التخبط لاتخاذ القرار كان الحسم باختيار الاختصاص الأكثر شمولية لجميع الاختصاصات وهو الاتصالات البصرية لكونه حلقة الوصل بين جميع الفنون والاختصاصات كالنحت والتصوير والحفر وبين العلوم الكونية علم نفس، والتشريح، والفيزياء، والكيمياء، والعلوم الاجتماعية والأدبية والثقافية والعالم بما يحويه من عناصر، والعناصر الأساسية في هذا المضمار: الفكرة والمتلقي، الفكرة متجسدة بأسلوب مرئي بصري (أداة) لإيصال المتلقي لحالة الإدراك لاتخاذ رد فعل تجاه الفكرة ويشمل الاختصاص الرسم التوضيحي "illustration" والتصوير الضوئي، واستخدام البرمجيات وذلك يتطلب مواكبة التكنولوجيا لتحسين الأداء، والحملات الإعلانية أي طرح أفكار تسويقية تشجع على الشراء، وكل ذلك يتطلب إحاطة بطبيعة المتلقي ودراسة مجتمعه لسهولة الوصول للنتائج المرجوة من خطابه بصرياً، أو بصرياً وسمعياً لكونه العنصر الهدف، كما يشمل الاختصاص المطبوعات (الإعلانات الطرقية، الكتب، المجلات، الأغلفة...)، والإعلان الثابت والإعلان المتحرك "video movie"، "animation cartoon"، كما يهتم بالبعد النفسي للألوان والكتل.
** مبدئي في الحياة مستمد من مقولة الشاعر: "شرف الوثبة أن ترضي العلا... غلب الواثب أم لم يغلب"، وحتى يصبح هناك اهتمام في هذا العلم يجب توافر أدوات وجهات لهذا الاهتمام وذلك مرتبط بمجهود صاحبي الشأن من الفنانين المختصين في هذا المجال، فصاحب كل قضية يعمل من أجل قضيته وهذا المفهوم يتكرس عبر الوقت، إذاً هي مسألة وقت لتنتشر هذه المفاهيم وأصولها من خلال التواصل والتعامل مع كافة الجهات ومن قبل الجهات المعنية المختصة وهناك مسؤولية كبيرة على عاتقي أيضاً.
** التصوير الفوتوغرافي يمثل جزءاً من مجال عملنا في الاتصالات البصرية وهو أحد أساليب التعبير البصري الصامت ظاهرياً والمتكلم فكرياً لإيصال فكرة أو شعور وبُعده الفلسفي والمنطقي للمتلقي، لذلك لم يكُن منطلقاً أو أساساً منذ الصغر، فالموهبة والرغبة والميول الفطري هو الأساس منذ الطفولة أما طُرق التعبير سواء من خلال الرسم بأدوات بسيطة منذ الصغر أو من خلال التشكيلات والمجسمات الفنية المجبولة من الطين أو المعجون أو السيراميك، حتى من خلال طريقة ترتيب الأغراض الشخصية وصولاً إلى الكاميرا كإحدى أدوات التعبير المكتسبة من خلال التعمق في مجال الدراسة الأكاديمية، كلها أدوات لا تُنقص من أهمية الجوهر بل تفيد في شرحه وتتطور عبر الزمن بأشكال مختلفة، حيث إن العين هي العدسة الحقيقية والرفيقة دائماً والذاكرة هي جسم الكاميرا والمعالج، أما الكاميرا فهي أداة لشرح أو لتوفير أقرب صورة لتَصور عين الفنان وخياله.
** اللقطات كثيرة واستخدمت جزءاً كبيراً منها في الملصقات والإعلانات والمطبوعات التي صممتها فأنا أُخدّم الصورة غالباً في التصميم، أما بالنسبة للتصوير بمعزل عن التصميم فأنا أحضر لمشروع كتاب من الصور لكنه يحتاج وقتاً جيداً وهذا يحتاج للتنقل عبر المحافظات، ومنها أهمها لقطة ملصق الطاقات المتجددة الذي حاز المركز الأول في مسابقة جمعية حماية البيئة السورية برعاية "غوتة" 2008-2009م، ولقطة في صخور معلولا من نحت الخالق، ولقطات مستوحاة من الطبيعة كالزهور، ولقطات الإعلانات الطرقية كما لدي مجموعة من لقطات مختلفة في عدد من المحافظات السورية ولبنان وألمانيا وفي عدد من الملتقيات والفعاليات الفنية.
* حدثينا عن أهم مشاركاتك؟
** شاركت في عدد من ورشات العمل المدعومة من قبل الاتحاد الوطني لطلبة سورية كورشة عمل إحياء المدينة الأثرية في تدمر أو من قبل المراكز الثقافية كالمركز الثقافي الهولندي في ورشة عمل التصوير الضوئي والفيديو آرت والتي كانت تتوج بمعارض في نهاية الورشة، وملتقى حوض البحر الأبيض المتوسط الذي كان عبارة عن نشاط مهم جداً على مستوى العالم العربي والذي كان له صدى قوي في شتى الاختصاصات في كلية الفنون الجميلة وتوج بمعرض تضمن العديد من الأعمال الفنية، كما شاركت في مسابقات عديدة كمسابقة "pandas" في "دبي" عام 2007م وحصلت على شهادة تقدير وأيضاً مسابقة جمعية حماية البيئة السورية برعاية "غوتة" الثقافي الألماني وأحرزت المركز الأول في مجال صناعة البوستر الملصق الحائطي 2008-2009م، وكان مشروعاً عن ترويج وتعزيز استخدام الطاقات المتجددة في "سورية" ونشر كتاب يحوي جميع الأعمال المشاركة وترتيب المراكز وأقيم أيضاً معرض وتكريم وتوزيع جوائز في غوته وسافرت لثلاث مدن "ألمانية" كمكافأة من "غوتة" وكانت تجربة مهمة جداً بالنسبة لي واستفدت منها كثيراً في دعمي المعنوي والفكري البصري قبل تقدمي لمشروع التخرج عند عودتي إلى "سورية".
وشاركت في ورشة عمل في مدينة "معلولا" برعاية الاتحاد الوطني أيضاً كان الهدف تسليط الضوء على هذه المدينة وتشجيع السياحة فيها فصورت في أرجاء المدينة وبقيت في معسكر لمدة أسبوعين قمت بتصميم عدد من الملصقات وتوجت هذه الورشة بٍزيارة السيد الرئيس "بشار الأسد" وعقيلته لتشجيع شباب المعسكر ضمن هذه الفعالية، واطّلع السيد الرئيس على أعمال جميع الطلاب في كافة الاختصاصات الفنية والتقنية والعلمية وعلى جميع النشاطات في المدينة وكان أن اطلع على أعمالي أيضاً واختار أحدها لوزارة السياحة وكان شرفاً لي أن حظيتُ برعاية سيادته ولقائه واهتمامه وتشجيعه لي وللفنانين وشريحة الشباب بشكل عام، كما شاركت بعد ذلك في ورشة عمل أقامتها مراسم القصر الجمهوري لتصميم بطاقات معايدة على المستوى الرئاسي العالمي ومازلت أقدم مشاركاتي سنوياً ولاءً لاهتمام السيد الرئيس.
عملت في تصميم الإنتاج "production design" وتصميم المطبوعات "graphic design" المتعلقة بفيلم من إنتاج فرنسي- سوري مع المخرجة السورية "رنا كزكز" بعنوان "يوم صامت" بطولة الفنانة "سلاف فواخرجي" والطفل "ليث الطحلة" وكانت تجربة مهمة ومثيرة حقيقةً خصوصاً التعامل مع مغتربين وجنسيات مختلفة من المحترفين في العمل السينمائي.
وعملت في تصميم ديكور لخمسة أفلام قصيرة من إنتاج طلاب كلية الإعلام بإشراف الأستاذ "غسان العبد الله". وشاركت في معرض جماعي في صالة "كامل" "بدمشق" عام 2011م، وعملت في تصميم وإخراج مجلة "موضة وناس".
* ماذا عن هواياتك؟
** أمارس إلى جانب الاتصالات البصرية الرسم والنحت، بالإضافة إلى القراءة والمطالعة كما يستهويني البحث التاريخي والفرز والنقد الفني وعلم الجمال وتطوره عبر التاريخ واللغة العربية والأدب العالمي من روايات ومقالات.
* إلام تطمحين؟
** الإنسان الطموح هو الإنسان الذي يسعى للمثالية وهي الكمال المطلق، لكن في عالم الإنسان لا يمكن الوصول للكمال لأنه من صفات الخالق لذلك فالطموح هو السعي لتحقيق أكبر قدر من المثالية، وهي على مستويين مستوى ذاتي من خلال الأخذ بمقولة سقراط "اعرف نفسك" للحصول على أعلى إنتاج نتيجة الوصول إلى أعلى مراحل القدرة الذاتية وتطوير الذات باستمرار من خلال المعلومة والممارسة والتطبيق والولوج إلى عوالم جديدة من خلال الخوض في تجارب متعددة... هذا الإنسان الظاهر ككتلة جسد محدودة الأبعاد والذي يستطيع الخروج من كل القيود والأبعاد الفكرية وإنتاج الجديد وهنا يكمن الإبداع... لذلك فإن طموحي على هذا المستوى الأوسع وبما أنَّ الدراسات العليا والدكتوراه تحقق جزءاً من هذا الفكر لذلك تهمني هذه المسألة كثيراً وأسعى جاهدة لتحقيقها، أما المستوى الثاني فيشمل محيط الشخص كإحداث الأثر في نفس أو فكر أو عاطفة المتلقي من خلال هذا النوع من التواصل الإنساني الفني ليترجمه المتلقي المتفاعل إلى سلوك ايجابي (في وضعية الوعي أو اللاوعي) فالنتيجة هي جوهر التطوير لذلك فإن (شهرة الفنان) هي إحدى الأدوات التي تحقق المستوى الثاني من المثالية والطموح بالنسبة لي فالشهرة بالنتيجة هي وسيلة لتحقيق الطموح.
الفنان التشكيلي "نعيم شلش" تحدث عن الفنانة "نور" بالقول: «"نور النادر" فنانة تمتلك موهبة أصيلة وقدّمت الكثير الكثير من الأعمال المتميزة وقد برهنت عن إمكانياتها من خلال تخرجها بامتياز ومن خلال أعمالها فيما بعد التخرج، وهي نشيطة على الساحة الفنية وإن كان في مجال الاتصالات البصرية وإعلاناتها التي ملأت طرقات وساحات القطر وأيضاً من خلال أعمالها الزيتية والنحتية والتصوير الضوئي، وأتمنى لها مستقبلاً زاهراً وواعداً فهي تستحق ذلك لأنها فنانة مبدعة بكل ما تعنيه الكلمة».
الجدير بالذكر أن الفنانة التشكيلية "نور جاسم النادر" من مواليد عام 1987م وهي من أبناء قرية "الرفيد" في محافظة "القنيطرة".