«لا تسألني أين كنت أو ماذا أفعل، فمنظري وثيابي ولوني الأحمر يختصر عليك كل هذه الأسئلة ويعطيك الإجابة». هذا ما حدثنا به السيد "حمد وهبه" عن قطافه لأشجار التوت الشامي، (يوم الجمعة 28/8/2009).
مضيفاً: «تحفل أيام الفلاح وعلى طوال العام، بالمواسم الزراعية المتنوعة ومنها قطاف التوت الشامي. الذي يتطلب خبرة وممارسة طويلة على عملية الجني، وإلا تسبب القطف في عصر الثمار وتلفها. في البداية لا يجوز قطف إلا الثمار ذات اللون الأسود المشبعة تماماً، حتى لا يتم عصر الثمرة والتسبب في خسارة جزء من الموسم. يقوم الفلاح بالضغط على عنق "كبش التوت" من العرق الأخضر الصغير الذي يغذي الثمرة، ومن ثم يقبض إصبع السبابة على إصبع الإبهام باستخدام الأظافر النظيفة طبعا، عندها يسقط الكبش ويوضع في الإناء المخصص لجمع الثمار.
ذلك يتبع لعدة عوامل منها عدد الفلاحين الذين يقومون بالقطاف في اليوم، إضافة إلى نوعية الشجرة، حيث يتم القطف اليوم على سبيل المثال، وينتظر الفلاح مدة يومين أو ثلاثة أيام ليعاود الكرة في عملية القطاف. وتتراوح كمية البيع تقريباً من 1 طن إلى 1.7 طن يومياً
و في كثير من الأحيان يتم قطف التوت الشامي بواسطة هز الشجرة أو الغصن من الساق أو الأفرع الصغيرة، ولكن هذه العملية لا يكتب لها النجاح إلا في حال كان نوع التوت من الثمار كبيرة الحجم، وقد وصل الكبش إلى مرحلة متقدمة من النضج، إضافة إلى تكرار عملية سقاية الشجرة لأكثر من مرة قبل البدء بأعمال قطاف ثمار التوت الشامي، في هذه الحالة من القطف نفرش الأرض بقطعة من القماش أو النايلون لتسقط عليها الثمار.
قطاف التوت الشامي بحد ذاته مكان لتجمع العائلة وبعض القارب والأصدقاء، الذين يجدون في ذلك فرصة للتعاون ومساعدة بعضهم لبعض، ويجدها البعض من الشباب والصبايا والعشاق مكان عمل وغرام للبوح ببعض ما تحمله قلوب العشاق من حب وهيام. وهناك العديد من قصص الحب التي كانت شجرة التوت مسرحاً وشاهداً على ولادتها. ما دفع بالكثير من الشعراء للتغني بثمار التوت الشامي ومنهم على سبيل المثال شاعرنا الكبير "سليمان العيسى". وقد تجد بعض الأمثال الشعبية التي تؤكد ظاهرة الحب تحت شجرة التوت ومنها المثل الشعبي: "طريقان للحب يسلكهما الشاب، عين الماء وشجرة التوت"».
الشاب "فادي وهبه" لم يبد انزعاجه من تصويرنا له، على الرغم من لون التوت الظاهر على ثيابه، وقال: «أساعد جدي في قطاف ثمار التوت، فهذه العملية تحتاج إلى وقت طويل من العمل والصبر وتحمل شمس النهار، إضافة إلى اصطباغ الثياب وبعض أجزاء الجسم باللون الأحمر القاني. علمني جدي ووالدي منذ الصغر على قطف الثمار الناضجة بالشكل الصحيح، حتى لا تعصر الكبش ويتلف، وكما ترى معظم أفراد العائلة يتساعدون في أعمال جني ثمار التوت، حيث نتوزع على أغصان الشجرة، حيث يتكفل الصغار منّا بقطف الثمار عن الأغصان العالية بالتسلق على الأغصان، أما الكبار والصبايا، فيكون نصيبهم قطف الثمار على الجوانب وتحت الشجرة».
المهندس الزراعي "ثامر وهبه" أشار إلى أهمية شجرة التوت الشامي في تحسين المستوى المادي لأفراد الأسرة، وأضاف: «تنتشر زراعة أشجار التوت الشامي في منطقة "جبل الشيخ" بشكل كبير، وخاصة في السنوات العشر الأخيرة، لأنها أصبحت من المواسم التي يحسب لها الفلاح حساب في أجندته الزراعية. وقد لاقت هذه الزراعة نجاحاً مميزاً لأنها تتلاءم مع التربة والبيئة والعوامل الجوية، ومن الأنواع التي تزرع في المنطقة، التوت الشامي ذات الثمار البيضاء، والتي تتحول إلى اللون الأحمر بعد النضج، إضافة إلى التوت الشامي ذو اللون الأسود. وشجرة التوت من الأشجار التي لا تحتاج إلى الكثير من العناية، فقط علينا تقليم الأغصان اليابسة والمتكسرة، وتفريغ الشجرة من الداخل للسماح لأشعة الشمس بالوصول إلى قلب الشجرة، إضافة إلى تميز الشجرة بعدم حاجتها إلى الرش بالمبيدات وسواها، فهي الشجرة الطبية التي تنظف نفسها بنفسها عند قدوم فصلي الخريف والشتاء، ونزول المطر على الجذع والأغصان».
السيد "فادي الحلبي" يعمل تاجراً بالمواسم الزراعية قال: «موسم قطف التوت الشامي من المواسم الزراعية التي ننتظرها من عام إلى آخر. أقوم بشراء التوت الشامي من الفلاحين في القرية بأسعار تتراوح بين 70 و110 ليرات سورية للكيلوغرام الواحد، وأحيانا اقل من ذلك حسب السوق. معظم عمليات البيع والشراء تتم للتوت الشامي الأسود، لأن التوت الشامي الأبيض، لا يوجد بكثرة في القرية. يتم تجميع التوت في أوان خاصة لذلك وهي "التنك" غير القابل للصدأ، حتى لا تتسمم الثمار، وهنا لا بد من الحذر في عملية التجميع والتوضيب، بحيث يتم توضيب الثمار بشكل فائق الدقة ليبدو منظرها مغرياً للشراء والتذوق».
وعن كمية التوت المباع، يشير السيد "فادي" إلى تفاوت الكمية بين يوم وآخر، ويقول: «ذلك يتبع لعدة عوامل منها عدد الفلاحين الذين يقومون بالقطاف في اليوم، إضافة إلى نوعية الشجرة، حيث يتم القطف اليوم على سبيل المثال، وينتظر الفلاح مدة يومين أو ثلاثة أيام ليعاود الكرة في عملية القطاف. وتتراوح كمية البيع تقريباً من 1 طن إلى 1.7 طن يومياً».