درس الطب في بلده، وشاءت الظروف أن يسافر ويعمل في أحد البلدان الأوروبية، لكن اسم "الجولان" و"سورية" لم يفارقا وجدانه وضميره، واقترن اسمه بالتفوق وبالكثير من المحافل والمناسبات الطبية والأهم من ذلك ببلده "سورية".
إنه الأستاذ والطبيب "فيضي محمود" من قرية "بئر عجم" في "الجولان" الذي التقاه eSyria بتاريخ 11/7/2009 في "جامعة الأندلس" خلال انعقاد "المؤتمر الطبي" الذي كان له الدور الأساسي في تنظيمه والإعداد لبرنامجه.
أحاول في مجال عملي نقل أي شيء جديد إلى هنا، وعلى سبيل المثال محاضرتي عن زرع صمام قلبي دون فتح صدر هي محاضرة جديدة، ومثل هذه الأشياء الصغيرة يمكن إيصالها مباشرة
حدثنا عن دراسته وبداية عمله خارج الوطن فقال: «كانت دراسة الطب في سورية، حيث أجريت اختصاص عينية في "دمشق" وغادرت الوطن سنة 1976 ومنذ تلك الفترة عملت طبيباً جراحاً في إحدى المشافي التعليمية الألمانية، ومنذ 25 عاماً أعمل كرئيس الأطباء في جامعة "إيرلنغن"، حيث نجري العمليات العادية، الإسعافية، الإكليلية، زرع القلب والتشوهات الولادية».
المؤتمرات الطبية التي يشارك بها قد تبدو للبعض أحداثاً دورية، لكن المهمة ليست سهلة خاصة بتوليه لمناصب عدة يقول عنها: «إضافة إلى هذا العمل الرئيسي الطبي اليومي أعمل رئيس "اللجنة العلمية لاتحاد الأطباء العرب في أوروبا" ورئيس "الشبكة الألمانية الطبية" لخريجي كليات الطب في ألمانيا وعضو في "الجمعية السورية الطبية الألمانية" ورئيس "البرنامج الطبي للهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي" الذي يهدف إلى إعداد برامج طبية، وأمثّل رئيس البرنامج الطبي في الشرق الأوسط».
هكذا انتقل الأستاذ "فيضي" من السنوات الجامعية والعمل الطبي إلى سنوات تبادل الخبرات والتجارب الطبية من خلال اللقاءات المستمرة بين الكوادر من أطباء وجامعيين، حيث حدثنا عنها قائلاً: «من خلال الأعمال الإضافية في هذه الجمعيات جميعها لدينا نشاطات مستمرة وإضافية، مثلاً مع "اتحاد الأطباء العرب" في أوروبا، نقوم بمؤتمرات سنوية في جميع المدن العربية والأوروبية وآخر أقمنا مؤتمراً في "حلب" وكان الحضور جيداً جداً، ومنذ شهرين كنا مع "المؤتمر السوري- الألماني" الذي ضم محاضرين عرباً وألماناً ومغتربين».
وأضاف: «أحاول في مجال عملي نقل أي شيء جديد إلى هنا، وعلى سبيل المثال محاضرتي عن زرع صمام قلبي دون فتح صدر هي محاضرة جديدة، ومثل هذه الأشياء الصغيرة يمكن إيصالها مباشرة».
فخور بوطنه وحضارته يواصل جهوده ومساعيه من أجل المؤسسات السورية التعليمية والطبية لمد جسور التعاون والاستفادة من الخبرات الأجنبية ومواكبة التطور في المجالات الطبية، ويصف هذا الدور قائلاً: «كمغترب سوري باعتبارنا نعرف القوانين الألمانية والأوروبية والعلاقات الدولية نحاول الاستفادة من هذه العلاقات وتوسيع الحلقات وإقامة علاقات أكاديمية مع الجامعات السورية مثل التعاون الأكاديمي مع جامعتي "حلب" و"الأندلس".
وهناك زيارات لأطباء وطلاب من سورية إلى ألمانيا، وهي تعتبر من النشاطات الأكاديمية ضمن الاتفاقيات المعقودة، حيث نحاول أن نيسّر لهم أمورهم عند قدومهم إلى ألمانيا ونرشدهم ليكونوا مشتركين فعّالين بأقل المتاعب، ونحاول أن نعرّف الزملاء الألمان الذين يفدون معنا إلى وطننا على تراثنا وحضارتنا وإمكانيات مستشفياتنا، ليرجعوا مبهورين مما شاهدوا من العلم والاستقبال والاحتفال والسلام وبذلك نكوّن صداقات معهم، فلدينا أكثر من ألف صديق يريدون زيارة سورية والتعرف عليها».
ما يقوم به يعتبره واجباً تجاه بلده ليردّ له ولو جزءاً قليلاً مما قدمه، شأنه في ذلك شأن الكثيرين من الأطباء والمغتربين السوريين، وكما عبّر: «إذا كنا كمغتربين حريصين على الوطن فمن واجبنا من خلال تواجدنا خارج بلدنا أن نوفي العهد إلى الوطن ونقدم له الشيء اليسير، وعن طريق العلاقات الدولية والطبية نحاول رفع اسم سورية في المحافل الدولية، وندافع عن حقوقنا في الخارج ونعرّف الشعب الألماني ببلدنا ونصحح نظرتهم الخاطئة عنه لنكون بالمرصاد عندما نسمع من يتكلم عن سورية بشكل مغاير للحقيقة».
ويضيف في هذا السياق: «شخصياً هدفي الأساسي هو السعي من أجل تواصل الحضارات لتصل إلى السلام من خلال المناقشات مثلاً لنصل إلى ما نريده، ويجب أن نكون على نفس المستوى لا أقل ولا أكثر لأننا أثبتنا وجودنا لديهم في المشافي والجامعات الأوروبية، وهذا ما يمكّننا من رفع أنفسنا ورفع وضع سورية في هذه المؤسسات العلمية».
من الناحية العائلية أسرة الأستاذ "فيضي محمود" قد أخذت عنه طابع اهتمامه ببلده وموطنه، حيث أوضح عنها قائلاً: «تزوجت هناك من ألمانية وهي تحب سورية وتعتبرها الوطن الثاني بالنسبة لها- وطبعاً بالنسبة لي يظلّ بلدي الأول- ويوجد لدي ولد وبنتان إحداهما طبيبة، وهم يأتون إلى سورية كل سنة وفي كل مناسبة ويتعلمون اللغة العربية بشكل جيد، أما الصغرى فقد تركت ألمانيا واستقرت هنا بعد مقارنة المعيشة هنا وهناك وفضلت بلدها، وبقيت لتتابع دراستها هنا بعد أن أحضرناها لإجراء دورة تعليمية بسيطة».