كاتب وشاعر منذ نعومة أظفاره.. تأثر شعره بحياته الاجتماعية وكان للنكسة ولنزوحه عن أرضه أعظم الأثر في نفسه، وظهرت منذ تلك الفترة معظم قصائده التي تحكي عن الأرض والوطن، إنه الشاعر "وجيه بدر" من مواليد قرية "زعورة" في "الجولان" المحتل عام 1929م، موقع eQunaytra التقى الشاعر "وجيه بدر" وكان معه هذا الحوار:
** عندما كنت بعمر الرابعة عشرة بدأت بكتابة الخواطر وساعدني في ذلك جمال الطبيعة في قطاع "الجولان" الشمالي المطل على "لبنان" وسهول الحولة إذ إن هذا القطاع يفوق ربيعه ونقاء هوائه ربيع الهند، وبعد حصولي على شهادة الدراسة الإعدادية بتفوق عام 1945م بدأت بكتابة القصائد الشعرية، وأذكر أن أول قصيدة كانت رثائية بعد وفاة ابن أحد أصدقاء والدي وهو لبناني حيث كنا نحن وقرية "الطيبة" الموجودة بجنوب "لبنان" جيراناً، وكان والدي رئيس وفد "الجولان" الذي ذهب لأخذ العزاء وكانت وقتها الأمية منتشرة والمتعلمون قلائل، ألقيت قصيدتي دون خوف مع العلم أنها كانت أول مرة أقف فيها أمام جمهور وحضور كبير من المسؤولين والشخصيات الهامة وأذكر بيتاً من هذه القصيدة:
جلجل الكون غاضباً برعود/ في سماء الأسى ودنيا الحقود
ونالت القصيدة أعجاب الجميع فقبلني شخص وعندما سألت من يكون هذا الشخص فأجابوني أنه "بشارة الخوري" الملقب بـ"الأخطل الصغير" وقال لي كلمة لن أنساها طوال حياتي وهي "أكمل يا بني"، فكانت هذه البدايات وما زلت أتابع المسيرة حتى الآن رغم تقدم السن وأنا أعتبر أن ليس لشهادة فضل على الشاعر وكما قال "الأخطل الصغير":
"صغتُ القريظة وما لي من القريظة يداً/ يد الطبيعة فيه أو يد القدر
إن المواهـب لا فـضل لصاحـبها/ كصوت للطير أو كنشر للزهر".
** قرية "زعورة" هي وطني الأول وكل ما فيها من طبيعة وجبال ووديان هي وطن لي، لذلك فالحنين يدفع الشاعر ليكتب وأجمل ما يكتب لمن يحب لأن ما ينطق به نابع من القلب، وقد كتبت الكثير الكثير عن قريتي وأذكر هذه الأبيات:
"سأذكر ما حييت ديار عز/ ربيع طفولتي حتى مشيبي
لقد طابت حياتي في حماها/ لأني في حمى وطني الحبيب
وكم حلقت في قمم الروابي/ ولا من غادر وغدٍ غريب".
** عندما أحب شيئاً ما سواء صديقاً أو قريباً أكون مخلصاً له ولو أساء لي، والشعر صديقي القريب جداً ولم يسئ لي يوماً من الأيام، فقد كان الشعر نغمة من نغمات حياتي فهو يطيعني وطالما أنا على قيد الحياة فسأكون مطيعاً له، فالشعر هندسة روحية وفكرية وصناعة الشعر لا تقل أهمية عن صناعة البناء.
* لمن تكتب الشعر؟
** أنا أكتب الشعر في الأبطال والشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل الوطن بالدرجة الأولى، وأكتب الشعر النثري عن أصحابي وأصدقائي بالإضافة إلى قصائد عن وحشية وظلم الاستعمار الإسرائيلي البغيض، وقد نشرت مجموعة من المقالات والقصائد الشعرية في "جريدة ألف باء، والحضارة، والنصر، وعصا الجنة، والنواعير، ومجلة الدنيا".
* ماذا تحدثنا عن دواوينك؟
** صدر لي ثلاثة دواوين حيث كان ديواني الشعري الأول في عام 1991م بعنوان "ويا لها من حياة" يتحدث عن مشاكل الحياة التي لا مفر منها، ولا بد من الصبر لأنه أفضل الحلول لكل المشاكل والحياة كالشعر بحراً لا يجف، وديواني الثاني بعنوان "قلوب جريحة" تمحور حول الإنسان ووجوب واقعيته فلا يخلو بيتاً من جرح أو ألم، فالمواساة بين الناس عمل إنساني كبير، أما ديواني الثالث فصدر في عام 2010م خصص للجولان تحت عنوان "جولاننا في القلب" يتحدث عن قيمة "الجولان" الطبيعية والجغرافية وما تحتويه من ثروات وخيرات متعددة تغطي حاجات المنطقة وتزيد، ويتحدث عن شخصيات وطنية وشهداء وكتبت عن قريتي "زعورة"، وعن تكذيب الادعاءات الإسرائيلية التي تقول إن "الجولان" هضبة رملية غير قابلة للحياة فيها بل هي محافظة مترامية الأطراف فيها جميع المقومات المناسبة للحياة ولها حدود دولية.
** أنا أعتبر الشعراء "عمر أبو ريشة" و"بدوي الجبل" و"حافظ إبراهيم" و"أحمد رامي" من الشعراء المفضلين لي لأني أجد في شعرهم اللغة العربية الصحيحة المفهومة للصغير قبل الكبير.
** ديواني الأخير بعنوان "جولاننا في القلب" وسأذكر بعض أبيات لقصيدة تحت عنوان "ولدي يفتش عن طفولته بعد نزوحه من الجولان الحبيب":
"رأيت ابني يشق البحر في مرح/ والبحر في مجمل الأحداث غدار
خوفاً أراقبه.. عوماً وفي حذر/ كما يراقب أعلى الموج بحار
ترتاح نفسي حين الموج يقذفه/ نحو الأمان وأرض الأمن أزهار
أرنو إليه ويغمرني بطمأنة/ وكم يدق جدار الرأس دوار
أهل تمر بنا الأقدار في صخب/ وقد خلتنا ومن زوارنا الدار".
** الجدير بالذكر أن الشاعر "وجيه بدر" تلقى علومه الابتدائية في قريته "زعورة" والإعدادية والثانوية في "دمشق" يجيد اللغة الفرنسية والانكليزية تخرج في الكلية العسكرية برتبة ملازم عام 1954م، تلقى علومه في علم النفس العسكري في "القاهرة" أيام الوحدة بين "مصر" و"سورية" أوفد بمهمة إلى "باريس" والتحق بالملحقية العسكرية عام 1972، أحيل للتقاعد عام 1983م برتبة عميد.