ألقى الإعلامي الأستاذ: "ميسر سهيل" معد ومقدم برنامج شاشة الصحافة، محاضرة عن أثر القنوات الفضائية على المجتمع العربي في (27/7/2008) في دار "الأسد" للثقافة في "الثورة"، وعن رأيه بالمحاضرة تحدث السيد "رضوان إبراهيم" لموقع eRaqqa قائلاً: «أعتقد أن الحديث حمل خصوصية انطلاقاً من كونه موضوعاً بات يشكل حضوراً في صميم الحياة، ولقد استطاع المحاضر أن ينبهنا إلى الأثر التراكمي الذي تتركه الرسائل الإعلامية على الجمهور، وهذا الأثر يأخذ طابعاً تراكمياً وبالتالي فإنه سينعكس في آليات السلوك والحياة اليومية والفكرية للأفراد».
وقد جاء في المحاضرة: «إن ما يؤديه الإعلام من دور فاعل في توجيه المجتمعات، والتأثير عليها في مجمل قضاياها المختلفة، في ميادين العقائد والأخلاق والسلوك والسياسة والاقتصاد، صار جزءاً من تركيبة المجتمع ونظامه، حيث احتل الإعلام حيزاً كبيراً في حياة الناس اليومية، فالقنوات لديها القدرة على الوصول إلى كل فرد منا، بعيداً عن أي رقابة أو منع أو حتى تقييد أو تحديد، ويمتد جمهورها من الأطفال حتى المسنين رجالاً ونساء».
إن ما يؤديه الإعلام من دور فاعل في توجيه المجتمعات، والتأثير عليها في مجمل قضاياها المختلفة، في ميادين العقائد والأخلاق والسلوك والسياسة والاقتصاد، صار جزءاً من تركيبة المجتمع ونظامه، حيث احتل الإعلام حيزاً كبيراً في حياة الناس اليومية، فالقنوات لديها القدرة على الوصول إلى كل فرد منا، بعيداً عن أي رقابة أو منع أو حتى تقييد أو تحديد، ويمتد جمهورها من الأطفال حتى المسنين رجالاً ونساء
وتابع قائلاً: «إن من يستقرئ واقعنا اليوم يجد مئات القنوات التي توجه وتدير مجتمعات العرب والمسلمين، وكثيراً منها لا تخدم قضايا الأمة على الوجه المطلوب، فما يقوم به بعضها هو استنساخ البرامج السلبية من الغرب، وهذا موجود في معظم القنوات العربية وفي برامجها، وهو أحد العيوب التي تمس صميم رسالة التلفزيون لأن مهمة الإعلام نقل الحقائق بأمانة، والأخذ بأيدي الناس نحو السلوك الحسن، على عكس القنوات الاستنساخية التي تعمل هدماً لصميم السلوك الإنساني الرشيد، علماً أننا لا نستطيع أن نعمم هذا على جميع القنوات الفضائية العربية فهناك قنوات تمتاز بالفكر والموضوعية، إلا أن بعضها يميل إلى الربح والنظرة التجارية، والقليل منها يركز على الجانب الجاد الإيجابي أما الكثير فيغلب عليه الجانب السلبي، أو ما يختلط فيه السلبي بالإيجابي».
وقد قسم المحاضر القنوات إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول: يركز على الجانب الجاد الإيجابي، لكنه قد يفتقد التميز والجاذبية، فيأخذ طابع التلقين والتعليم، وكذلك طابع البرامج الثقافية الجامدة، ففي أغلب الأحيان تطرح أعمالها بطريقة جافة غير مشوقة، ومن باب الإنصاف القول إن بعض الاستثناءات حققت نجاحاً واستحوذت على شرائح واسعة من الجماهير بأساليبها الحديثة وبإتباعها المنهج العلمي في الإعلام.
القسم الثاني: يركز على السلبيات، وله نصيبٌ كبير، ويؤثر على التربية والسلوك وعلى ثقافة المجتمع، كالبرامج المترجمة غير الهادفة، وبعض البرامج التي تهدف لغزو فكري ثقافي وسياسي، والبرامج التي تخاطب الغرائز الجنسية بطريقة رخيصة وغيرها كثير.
القسم الثالث: يمزج السلبي بالإيجابي، وهذا هو الأخطر، لأن بعض شرائح المجتمع غير محصنة معرفياً، ويختلط عليه الأمر، وقد يظن السلبي إيجابياً لعدم قدرته على التحليل لمعرفة الغش والتدليس، أو كشف الكذب والتضليل خاصة حين تنبش بعض البرامج السلبيات وتضخمها بغرض الإثارة لتقود المشاهد إلى الإحباط والضياع.
وأكثر الذين يتأثرون بالفضائيات هم الذين لا يملكون التجربة الكبيرة التي تجعلهم يميزون بين الصالح والطالح، ولذلك يبقى الافتراض قائماً بأنه كلما ارتقى الإنسان في المستوى التعليمي يستطيع أن يميز بين رسالة هدفها الإثارة أو هدفها التأثير السلبي أو الإيجابي على السلوك الإنساني.
أما عن تأثير القنوات فيقول: «إذن لابد من الاهتمام بالحديث عن أثر القنوات الفضائية بما تقدمه من برامج متعددة على شخصية المجتمع، ونظراً لكون الأسرة هي اللبنة الأساسية في مجتمعنا العربي، فالثورة الإعلامية المعاصرة تعتبر من أهم أسباب المشاكل الاجتماعية التي انعكست سلبياتها على جميع جوانب الحياة الاجتماعية، ومنها العلاقة الزوجية، فقد سرقت كثيراً من الأزواج من زوجاتهم بل ومن بيوتهم، وغيّرت أمزجتهم وتطلعاتهم، وأن كثيراً من الزوجات ولو كانت على جانب كبير من الجمال تشعر بأن هذه القنوات الفضائية هي أساس المشاكل الزوجية، وربما تؤدي في بعض الأحيان إلى حالات من الطلاق بما تعرضه من حوارات ضارة وتحايل وتلاعب ورفاه مصطنع، فحين تكثر مشاهدة البرامج والمسلسلات الفضائية تترسب المواقف التي شوهدت في العقل الباطن دون أن يشعر أحد الزوجين بذلك، فتكون هي المرجع في تقويم المواقف واتخاذ القرارات وأحياناً تبذر بذرة الشك في نفس الزوج أو الزوجة في حال تشابه المواقف.
أما أثر القنوات على التربية الأسرية: فبسبب حجم التأثير الإعلامي الكبير تبدل مفهوم الإشراف الأسري على الأبناء، وتحدد هذا المفهوم بمسؤولية العناية الصحية والجسدية وتكبير الأبناء، دون النظر إلى مدلول التربية أو اتجاهات التنشئة وانعكاسات ذلك على كثير من المعايير المتصلة بالقيم والسلوك التي يقوم عليها بناء المجتمع فلم تعد الأسرة الحاضن الوحيد والمناسب للناشئة. ويدل على ذلك أن ما يقضيه الشاب أو الشابة أمام القنوات أكثر مما يقضيه من وقت مع والديه أو حتى في المدرسة، أما الأطفال وهم أخطر شريحة، فطبيعة الدور التربوي والتوجيهي الذي تلعبه القنوات الفضائية في تنشئتهم وما قد تغرسه في شخصية الطفل من قيم وسلوكيات تؤثر في مستواه الدراسي وتوافقه الاجتماعي.
من خلال هذا نستطيع القول إن البث المرئي الفضائي سيف ذو حدين فهو إذا استخدم بشكل موضوعي ومنهجي منظم، ومن خلال البرامج التربوية والإرشادية الموجهة عمل على تشكيل شخصية الطفل بصورة إيجابية، أما إذا لم يكن هناك تنظيم موجه للقنوات الفضائية ولم تستطع الأسرة اختيار البرامج الملائمة، فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية سلبية تؤثر في تشكيل هذه الشخصية نفسياً وجسدياً، كالعنف الذي يشاهده الأطفال عبر الفضائيات، ويسهم بصورة كبيرة وفعالة في انحرافهم.
أما على الصعيد الثقافي فبدلاً من أن تكون الفضائيات العربية معبرة عن ثقافة الأمة مؤدية لرسالتها الخالدة ناطقة بخطابها المؤثر، فإن بعضها تحول إلى أدوات تغريب وتذويب ومسخ وتربية الأجيال على التفاهات الغربية والانحلال المادي.
وهناك عدد من القنوات الموجهة والممولة خارجياً التي لا هم لها إلا ضرب هوية الأمة الدينية والثقافية، وتسليط الأضواء المزيفة على كل ما من شأنه تمزيقها عرقياً أو دينياً أو مذهبياً لضرب وحدتها الوطنية.
أما على المستوى السياسي فقد أخفقت معظم قنواتنا الفضائية في أن تكون على قدر التحدي في هذه المرحلة العصيبة التي أصبح فيها العداء سافراً تجاه العرب والمسلمين. وفي الوقت الذي يتم فيه تمويل قنوات ناطقة باللغة العربية من الصنف الثاني والثالث الذين أتيت على ذكرهما، فالمطلوب من حكومات الدول العربية والإسلامية أن تشجع وتيسر السبل لقادة الفكر المخلصين بأن ينشئوا القنوات القادرة على مواجهة الغزو، فثورة المعلومات لن تبقى خاضعة للاحتكار من قبل قوى الهيمنة، وسيتمكن أولو الرأي الرشيد من امتلاك قنوات تبث الوعي الثقافي والديني والاجتماعي والسياسي، لتجذب إليها المشاهدين من جميع الفئات والأعمار، وترسخ الحقائق الصادقة والمعلومات النظيفة، وتنصر الحق وتهزم الباطل».
وقد التقى موقعنا بالسيد "خالد الخمري" الذي أدلى برأيه حول المحاضرة بالقول: «ربما يصح القول: إن الفضاء قد ارتاح من سباق التسلح جزئياً (الحرب الباردة) ليحل محله سباق فضائي آخر يحاول فيه كل طرف أن يستحوذ على مجال حيوي له من خلال رسائله الموجهة إلى الجمهور وللأسف لا زال الفضاء العربي مجالاً رحباً ومتاحاً بامتياز لكثير من القنوات التي يبث الغث والسمين، وقد يجد هذا الغث جمهوراً له يمارس سلطته التأثيرية عليه، لذا فأنا أضم صوتي لصوت المحاضر وأقول يجب استثمار الفضاء العربي بعقلية وطنية تهدف لحماية المجتمع العربي من أشكال الغزو الثقافي واللا ثقافي، وذلك عبر استقطاب الجمهور لقنوات تحاكي واقعه وحياته ليجد فيها منبراً لصوته وفكره».