«تأسست فرقة "الرقة" للفنون الشعبية عام /1969/ على يد الفنان المبدع "إسماعيل العجيلي"، وهي من الفرق الفنية العريقة في سورية، وقد جسدت تراث منطقة وادي الفرات، ونقل مفرداته، وتراثه الشعبي إلى جميع أنحاء العالم، واستطاعت من خلال ذلك تحقيق نجاحات كبيرة، وحصدت جوائز عديدة في المهرجانات العربية والعالمية، وقد اقترن اسم الفرقة باسم "الرقة"، وحققت من خلال هذا التزاوج مكانة مرموقة لمحافظة "الرقة" بين المحافظات السورية والبلدان العربية».
هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (15/1/2010) الباحث "محمد العزو" في معرض حديثه حول تأسيس فرقة "الرقة" للفنون الشعبية، وأهميتها في الحفاظ على تراث المنطقة.
إن فرقة "الرقة" للفنون الشعبية جديرة بكل تقدير وتشجيع واحترام، خصوصاً وأن مديرها ومدربها الفنان الموهوب الأستاذ "إسماعيل العجيلي" قد برهن عن كفاءة وجدارة، تثير الإعجاب لدى مشاهدي أعماله الفنية، فله ولفرقته تمنياتي بالنجاح والتقدم والازدهار
ويتابع "العزو" في السياق ذاته، قائلاً: «الحديث عن فرقة "الرقة" يعني الحديث عن التراث الشعبي لمنطقة وادي "الفرات"، والتراث اللامادي للمنطقة، وخلال العقود الأربعة على تأسيس الفرقة، أكدت هذه الفرقة بأنها إحدى العلامات الفارقة في محافظة "الرقة" لعلو كعبها في استلهام هذا التراث الشعبي العريق، والذي حفظته من الضياع، بعد أن كان حبيساً في صدور أهالي المنطقة، وعلى شفاه معمريها، ونقلته بأمانة وحرفية عالية، مع إضافات فنية مبدعة، تجلّت فيها قدرة فناني وراقصي الفرقة، إضافة لمبدعي "الرقة"، الذين أثروا الفرقة بكتاباتهم الإبداعية، وفي مقدمتهم يأتي اسم الأديب الدكتور "عبد السلام العجيلي"، الذي كتب نصوص العديد من المسرحيات الغنائية، منها "صيد الحباري"، "برج عليا"، "قصر البنات"، "عرس الصبايا"، "حصار الثكنة"، و"ليل البوادي"، إضافة لمساهمات شيخ الملحنين اللبنانيين الفنان "زكي ناصيف"، ومشاركة العديد من كبار شعراء، ومطربي لبنان وسورية في أعمال الفرقة الفنية ومسرحياتها الغنائية».
وتحدث لموقعنا الفنان "إسماعيل العجيلي"، قائد الفرقة، قائلاً: «لصدى الحضارة الإنسانية آفاقه المتنوعة التي يؤسسها الحضور الخلاق للفكر المبدع على مرِّ العصور، و"الرقة هبة "الفرات" العظيم أفق من آفاق التراث الإنساني الذي نطالع في مداه الحضاري معالم تزخر بالإنجازات الخلاقة منذ فجر التاريخ، فمن هذه البقعة من بلاد "الشام"، والمطلّة على نهر "الفرات" العظيم، دلّت التنقيبات الأثرية على أول تواجد للإنسان في منطقة "المريبط"، الذي أسس مجتمعاً بشرياً منظماً في مسكنه وملبسه، وأموره الحياتية، تعود إلى الألف التاسع قبل الميلاد.
ويتواصل البحث والتنقيب في كتابة تاريخ "الرقة" بأحرف من ذهب في سفر الحضارات، ابتداءً من مملكة "توتول" العظيمة، مروراً بالممالك الآرامية والكنعانية والحضارة البيزنطية والرومانية، وصولاً إلى العصر الإسلامي، الذي أصبحت "الرقة" في أوجه عاصمةً للدولة العباسية في عصر "هارون الرشيد"، الذي جعل منها جنَّة الله على الأرض، والتي لمعت في سمائها أسماء المبدعين من أبنائها، الذين كان لهم السبق والفضل العميم على الفكر الإنساني في كافة المجالات.
أمام هذا الزخم من الذاكرة الدالة على العمق الحضاري والتاريخي لمدينة "الرقة، كيف لنا لو أردنا أن نرصد، وأن نتأمل تاريخها المتعلق بموروثها الفني والشعبي غناءً، وفلكلوراً ومسرحاً؟
والسؤال الأهم، أية مسؤولية تاريخية تلك التي ستقع على عاتق من سيجسد هذا الموروث الفني والفلكلوري من خلال فن راقص، فيكون بذلك رسولاً لهذا الموروث الجمالي إلى أصقاع المعمورة؟ هذه هي المهمة التي تصدت لها فرقة فنية، اقترن اسمها باسم "الرقة" بكل ما يحمله من معانٍ تاريخية وإرث مجيد، هكذا كانت ولادة فرقة "الرقة" للفنون الشعبية».
وحول الفرقة، وتاريخ تأسيسها، يقول "العجيلي": «في عام /1969/م فتحت فرقة "الرقة" للفنون الشعبية أعينها على النور، فرقة ناشئة، لا تملك إلاّ أن تعتمد على قدرات وإمكانات أفرادها، فكانت النواة الأولى للفرقة مؤلفة من /20/ راقصاً وراقصة، سباباً وفتيات يحدوهم الأمل والثقة لتأسيس أول فرقة فنية تمثل "الرقة".
كانت العروض الفنية الأولى محصورة ضمن نطاق المدينة، إلاّ أن النشاط الملحوظ والمتابعة، أتاح لها الظهور لأول مرّة خارج "الرقة" في مهرجان "دير الزور"، عام /1971/م، فلاقت العروض نجاحاً وقبولاً ملحوظاً فتح لها أبواب المشاركات في مهرجانات قطرية، فكانت المشاركة الثانية في مهرجان "طرطوس" عام /1972/م، وكانت العروض تقدم بشكل منفصل إلى أن تم أول عرض جماعي شباباً وفتيات في عام /1974/م في مدينة "الرقة"، ضمن ظروف اجتماعية وتقاليد وأعراف لا تخفى على أحد صعوبة مواجهتها في تلك الآونة.
بالرغم من ذلك بدأت الفرقة بشق الطرق نحو الظهور العربي والعالمي، فقد ابتدأت بعرض الأعمال "الفيروزية" (الرحبانيات)، ومن ثم الأعمال التراثية، كلوحات راقصة مستقلة، إلى أن دخلت مرحلة العروض المشرحية الراقصة في فترة الثمانينيات، وقد أنجزن منها مجموعة من الأعمال التي كتبها الأديب الراحل الدكتور "عبد السلام العجيلي"، وتابعت الفرقة عطاءها بتقديم اللوحات البانورامية الراقصة، مثل بانوراما "اللالا، و"الجزراوية"، و"الفراتية"، واستمرت الفرقة بحيث أصبحت ممثلة لبلدها سورية في كافة المناسبات والمهرجانات العربية والعالمية.
تعاقب على الفرقة منذ تأسيسها في عام /1969/، وحتى يومنا هذا أربعة أجيال ضمت مجموعة من الشبان والفتيات المتفوقين في تحصيلهم العلمي، الحريصين على أداء رسالتهم الفنية من خلال الالتزام والمثابرة على الأسلوب الذي وضعناه لهم».
وسننقل في هذه العجالة أهم الأحاديث التي قيلت في الفرقة، فقد تحدث عنها الأديب الراحل الدكتور "عبد السلام العجيلي" قائلاً: «لم يضع أفرادها في بالهم أن يحترفوا الفن، أتوا من مدارسهم مدفوعين بحبهم للموسيقى والرقص والغناء، لتابعوا تمارينهم القاسية والمستمرة بإدارة هذا الفنان العصامي المبتل في محراب الفن، "إسماعيل العجيلي"، وليستمروا في أداء أدوارهم في الفرقة، طالما ظلّوا في عمر الشبيبة، وعمر الشبيبة الذي أعنيه هو الأعوام الأخيرة من الدراسة الثانوية، والأولى من الدراسة الجامعية.
بعد هذا العمر ينصرف كل منهم إلى مشاغل حياة تبعده عن فرقته، ليحل محله ومحل زملائه شبيبيون آخرون جدد. هم كذلك هواة، ليس في بالهم نيّة الاحتراف.
قلت إن ارتباط فرقة "الرقة" للفنون الشعبية بالموروث الشعبي، هو الذي أعطاها قيمتها وتميزها، وتميزها بصورة خاصة جاء من ارتباطها بموروث شعبي معين».
ويقول عنها الشاعر والملحن اللبناني "زكي ناصيف": «إن فرقة "الرقة" للفنون الشعبية جديرة بكل تقدير وتشجيع واحترام، خصوصاً وأن مديرها ومدربها الفنان الموهوب الأستاذ "إسماعيل العجيلي" قد برهن عن كفاءة وجدارة، تثير الإعجاب لدى مشاهدي أعماله الفنية، فله ولفرقته تمنياتي بالنجاح والتقدم والازدهار».
وأيضاً يقول عنها الفنان الكبير "دريد لحام": «هذه الفرقة الطالعة من عمق المصاعب، وحصار التقاليد، لتصبح وردة متميزة في باقة الإبداع، أشم في لوحاتها عبق التراث، وروعة الحداثة في مزيج تجسده جباه سمر، وأجساد تكلمت، فأتقنت التعبير عن وطن الوفاء والمحبة، وتعيد صياغة حكايات الأم والخبز والبيدر، وعمق الجذور والموال.. أول مرة رأيت فيها فرقة "الرقة" انتابتني الدهشة، ولا زالت تنتابني كلما رأيتها.. فخور أنا لأنني عرفت الفرقة عن قرب في أكثر من دورة لمهرجان الأغنية، فخور بمعرفتي الأخ "إسماعيل العجيلي، ضابط إيقاع التزامها وإخلاصها وإبداعها».
وأخيراً نستعرض أهم مشاركات فرقة "الرقة" للفنون الشعبية العالمية والعربية:
1ـ مهرجان الشباب العالمي، تركيا، عام /1974/.
2ـ مهرجان "جرش" للفنون الشعبية، الأردن /1975/.
3ـ أسبوع الصداقة السورية السوفيتية، روسيا /1979 ـ 1982/.
4ـ أسبوع الصداقة السورية التشيكية، "براغ" /1982/.
5ـ معرض الأسفار العالمي، إيطاليا /1983/.
6ـ مهرجان الطفل العالمي، رومانيا /1984/.
7ـ معرض الأسفار العالمي، "لندن" /1983 ـ 1984/.
8ـ مهرجان "الإسماعيلية" الدولي للفنون الشعبية عام /1989/.
9ـ مهرجان الشباب العالمي، البرتغال عام /1999/.
10ـ مهرجان "دبي" للتسوق أعوام /2002 ـ 2003 ـ 2004/.
11ـ مهرجان تونس، "قرطاج" /2005/.
12ـ مهرجان "مسقط"، سلطنة عمان /2007/.
13ـ يوم التراث العالمي، قطر /2008/
ومهرجانات أخرى في فرنسا وعدد من الدول الأوربية والأمريكية.