يكرس الفنان التشكيلي "عايد الجمعة" حالة انطباعية لها هاجسها الخاص المجازي. المرأة عنده كأسطورة "جلجامش" في بحثه عن سر الخلود.
موقع eRaqqa كان له بتاريخ 10/8/2011 وقفة مع الفنان التشكيلي الرقي "عايد الجمعة" وآثر معه الحوار التالي:
الفنان "عايد الجمعة" من الفنانين الجيدين والمجتهدين، وممن سجلوا حضوراً وتواصلاً في المشهد الفني الرقي، وتجربته الفنية في اللون المائي لها بصمتها المتميزة، وهو من خلالها يحاول أن يجد له مكاناً لائقاً بين زملائه الفنانين من الذين سبقوه في هذا المجال، لكنه يحتاج إلى الرعاية المتواصلة لصقل تجربته الفنية، وهو قادر على تمثل تجارب من سبقوه، فهو يملك الوسائل التي تقربه من هذا المحيط، نظراً لنشاطه ودعمه للحركة التشكيلية في "الرقة"، ومشاركاته الدائمة في المعارض الجماعية
** الفنان الجاد لا يصل اليوم إلى أسلوب مبدع خاص به، إلا بجهد جهيد وكلمة مدرسة فنية، هذا يعني الكثير في مجتمعنا البسيط، المفتقد للثقافة الفنية، وبرأيي ليس لدينا مدارس فنية بقدر ما هي أساليب خاصة وصل إليها بعض فنانينا، وأنا على الصعيد الشخصي، مازلت أبحث عن تجربة في هذا الازدحام التشكيلي وعن أسلوب أقتنع به، له خصوصية وحيث أجد نفسي وبألواني المائية قريب إلى التعبيرية.
** المرأة والمدينة والريف في لوحاتي هاجس خاص يحاورني كلما اقتربت منه، فالمرأة جزء أساسي في عوالمي الخاصة، لذا دائماً أعبر عنها باللون الزاهي، هذا اللون الذي لم أكتشف سره بعد، وحتى الآن مازلت أبحث من خلاله، عن روح هذا الكائن والمخلوق الجميل، فهي مرآة النفس البشرية لها ارتباط وثيق بالمدينة والريف والطبيعة، وكل شيء جوهري نفيس، فهن آلهات خصب تربعن على عرش الجمال والفن الخالد، والتي هي جزء من مشهد ريفي بسيط يراود الفن خيالات حالمة مبدعة، في تلك المرأة المتعبة التي تلقي بظلال جسدها في الحقل لتحوله إلى حوار لوني جميل أستعين به لأغني المشهد البصري وأعبر من خلاله إلى عالم واسع الأفق والمعنى.
** لا يغيب النقد التشكيلي إلا في ظل غياب فن حقيقي مبدع، فعندما يراوح الفنان في مكانه من خلال تأثره ببعض تلك المدارس، التي مازال فنانونا متأثرين بها هنا تحدث هوة شاسعة بين الفن والنقد، عندما يأتي الفنان بتقنيات وأساليب جديدة ويطور أدواته الفنية مستعيناً بفكره المحلي وتراثه الغني، ويواكب مسيرة الفن التشكيلي وتطوراته، في هذه الأمور تحرك الناقد على الكتابة، وتحرك هاجس النقد الحقيقي لديه، من خلال تلك التقنيات والأساليب التي يطرحها الفنان في أعماله الفنية، لأن زمن النبوءات الفنية لم ينتهِ، وأنبياء الفن والجمال مازالوا يبعثون، شكراً لـ"عشتار" حين أورثت الجمال بين أيدي مبدعيها، وللوحة "الموناليزا" التي أصبحت قبلة للفن، شكراً لــ"ليوناردو دافشني"، وشكراً لـ"بيكاسو"، فمن هنا يولد الأنبياء الجدد وعالمهم البصري، والرسالات الفنية الجميلة من خلال الكف التي تحمل الفحم والريشة والألوان الزيتية والمائية، وكل أشكال التعبير الفني.
أما بالنسبة للجمهور النوعي وندرته، فيعود هذا السبب إلى ضعف الثقافة الفنية التشكيلية التي يمتلكها المتلقي، وذلك لعدم قدرته على متابعة الأعمال الفنية، وحضور المعارض التي تغني المشهد البصري، والذي يملي عليه ثقافة المكان والزمان، وهناك أسباب أخرى تتعلق بالفنان والفن وغياب الإبداع الذي أدى إلى غياب الناقد الذي يعد بمثابة الوسيط بين الفنان وأعماله والجمهور النوعي.
** الفن التشكيلي الرقي منذ انطلاقته الأولى، في سبعينيات القرن الماضي أنتج تجارب فنية كان لها حضورها المميز، حيث استمرت هذه التجارب الفنية الرائدة، حتى الثمانينيات، ومن بعده تلاشت لتصبح هشة ومؤطرة، متأثرة ببعضها، وهذا لا يعني بأنها النهاية، بل هناك جيل من الشباب الواعد المميز الموجود، في الساحة الفنية يتابع هذه المسيرة الفنية، ولكن يلزمه الخبرة وبعض الاهتمام من الجهات والخبرات الفنية، في الوصول إلى ثقافة فنية تمكنه من العطاء والإبداع، والفن التشكيلي برأيي هو إعادة صياغة الواقع بنفس إبداعي بـ"فوتوغرافية" العين المجردة، وذاكرة محسوسة تترجمها أصابع الفنان، تبعاً لأحاسيس متواصلة ضمن إطاره الإبداعي ورؤاه المجسمة التكوين، وخلط إبداعي بين كل ما هو واقعي، وبين ما هو فوق الواقعي، ضمن عالم من الثنائيات المتناقضة بين الطبيعية والانطولوجيا، وما بين الحياة والبرزخ.
إذا كان هناك فنان رقي، قد تأثرت به واستفدت من خبراته الفنية، فلا تسعفني الذاكرة إلا أن أذكر الفنان التشكيلي "مصطفى سليمان"، الذي ساعدني في مسيرتي الفنية حيث كانت له بصمة واضحة في تلك المسيرة، ومن هذا الفنان كنت أستمد اللون الذي هو محور أعماله، كثيراً ما كنت ألتقية ونحن على جدال مستمر، نختلف ونتفق عند بعض الأمور الفنية، وأحياناً يصل الحوار بيننا إلى طريق مسدود، وسرعان ما تزول هذه الضبابية الحوارية الحانقة، ولهذا الفنان المبدع أكن كل الاحترام والمودة.
وتحدث الفنان "أيمن ناصر"، رئيس فرع اتحاد التشكيليين في "الرقة"، حول تجربة "عايد الجمعة" الفنية، قائلاً: «الفنان "عايد الجمعة" من الفنانين الجيدين والمجتهدين، وممن سجلوا حضوراً وتواصلاً في المشهد الفني الرقي، وتجربته الفنية في اللون المائي لها بصمتها المتميزة، وهو من خلالها يحاول أن يجد له مكاناً لائقاً بين زملائه الفنانين من الذين سبقوه في هذا المجال، لكنه يحتاج إلى الرعاية المتواصلة لصقل تجربته الفنية، وهو قادر على تمثل تجارب من سبقوه، فهو يملك الوسائل التي تقربه من هذا المحيط، نظراً لنشاطه ودعمه للحركة التشكيلية في "الرقة"، ومشاركاته الدائمة في المعارض الجماعية».
يذكر أن الفنان التشكيلي الرقي "عايد الجمعة"، خريج مركز الفنون التشكيلية في محافظة "الرقة" له معرضان فرديان، والعديد من المعارض الجماعية.