ولد الفنان التشكيلي "محمد صفوت" في مدينة "حلب" عام /1949/، درس الفن دراسة خاصة، وتخصص بالتصوير الزيتي، وهو عضو بنقابة الفنون الجميلة في "حلب"، وعضو باتحاد الفنانين التشكيليين العرب، متميز في رسم الوجه الإنساني (البورتريه)، انتقل إلى مدينة "الرقة" عام /1972/، وهو في العقد الثالث من عمره، ليساهم مع زملائه من الفنانين التشكيليين من أبناء "الرقة"، في تأسيس تجمع فناني "الرقة"، في عام /1967/، والذي كان ثمرة لجهود الفنانين الذين أرادوا المساهمة فيه، ليعبروا عن تجربتهم كجماعة، وليس كأفراد، وقد ساهم هذا التجمع في توحيد العطاء الفني في المحافظة، وقد شارك فيه الفنانون: "إبراهيم الموسى" و"فواز اليونس" و"ياسين الجدوع" و"علاء الأحمد" و"طلال معلا" و"عنايت عطار" و"فهد الحسن" و"محمود فياض" و"أحمد معلا" و"حامد الصالح" و"موفق فرزات" و"محمد صفوت"، أول معرض له كان في عام /1970/، له تسعة معارض فردية حتى الآن، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية داخل القطر العربي السوري وخارجه، أعماله مقتناة في الكثير من دول العالم، تميزت أعماله بالألوان الانطباعية، فالإحساس بالطبيعة شيء مهم وضروري في حياة الفنان، فالفنان "صفوت" له القدرة على وضع المؤثرات الجمالية في أعماله الفنية الإبداعية، التي تجعل مشاعر المتلقي تهتز لها، وتجعله يعيش معها، ويستمتع بها، ويجعلها جزءاً من حياته، ورصيداً يزداد على مر الزمن، والمعروف أن الفنان "صفوت" مبدع في رسم (البورتريه) والواقعية الأكاديمية، ويتخذ أسلوبية العين واليد الخبيرة، في تصوير المناظر الطبيعية، والمشاهد الخلوية، واللوحات الشخصية.
صديقه الفنان التشكيلي "جورج شمعون"، قال عنه: «"محمد صفوت" عضو في تجمع فناني "الرقة"، إنه من الرعيل الأول، أسهم في إغناء المشهد الثقافي البصري في محافظة "الرقة"، أعرفه جيداً، لحضوره بسمة، وحديثه يُشعر بأن وراءه إنسان له علاقة بالتأليف، وهذه أهم صفة لدى المبدع، له عشرة طيبة، هادئ بطبعه، قليل الكلام، غني النتاج، له بصمة واضحة في التشكيل الرقي والسوري، كان مرناً قليل التشنج، وهذا ما يتفق مع رأي عالم الاجتماع الإنكليزي "توينبي"، الذي يرى أن المبدع يجب أن يتخلى عن التشدد بمواقفه، سعى "محمد صفوت" باحثاً في إشكالية الهم البصري، فتعددت أساليبه وألوانه، إلى أن وجد أن لا جدوى من الخوض في التعددية، وأن التعددية الأسلوبية ضربٌ من العبث، هذا الهاجس الذي أتعبه، أخذه إلى البحث المطوَّل لتحقيق ذاته، وفعلاً استهدى إلى إيجاد نفسه في (البورتريه) وأتقن، وصار له حضورٌ سوريٌ في هذا المجال، لقد أوجد لغة بصرية خاصة، أضفى عليها رومانسية "صفوتية"، فيها إضفاءٌ روحاني يلامس به وجدان المتلقي، ليتعاطف مع صاحب البورتريه المرسوم».
"محمد صفوت" عضو في تجمع فناني "الرقة"، إنه من الرعيل الأول، أسهم في إغناء المشهد الثقافي البصري في محافظة "الرقة"، أعرفه جيداً، لحضوره بسمة، وحديثه يُشعر بأن وراءه إنسان له علاقة بالتأليف، وهذه أهم صفة لدى المبدع، له عشرة طيبة، هادئ بطبعه، قليل الكلام، غني النتاج، له بصمة واضحة في التشكيل الرقي والسوري، كان مرناً قليل التشنج، وهذا ما يتفق مع رأي عالم الاجتماع الإنكليزي "توينبي"، الذي يرى أن المبدع يجب أن يتخلى عن التشدد بمواقفه، سعى "محمد صفوت" باحثاً في إشكالية الهم البصري، فتعددت أساليبه وألوانه، إلى أن وجد أن لا جدوى من الخوض في التعددية، وأن التعددية الأسلوبية ضربٌ من العبث، هذا الهاجس الذي أتعبه، أخذه إلى البحث المطوَّل لتحقيق ذاته، وفعلاً استهدى إلى إيجاد نفسه في (البورتريه) وأتقن، وصار له حضورٌ سوريٌ في هذا المجال، لقد أوجد لغة بصرية خاصة، أضفى عليها رومانسية "صفوتية"، فيها إضفاءٌ روحاني يلامس به وجدان المتلقي، ليتعاطف مع صاحب البورتريه المرسوم
الكاتب والفنان التشكيلي "أيمن ناصر"، تحدث عن علاقته بالفنان "محمد صفوت" بقوله: «عرفت الفنان "محمد صفوت" في أحد أيام أيلول من عام /1972/ لدى زيارتي الأولى له في ستوديو "صفوت"، في مكانه الأثير في زاوية ساحة "الكرنك" القديمة، وفاجأتني لوحاته المعلقة على جدران غرفة التصوير، وقتذاك كنت في بداية المرحلة الثانوية، وبداية تعلقي بالفن والفنانين، وقد كان من جيل الفنانين الذين سبقونا، وأسسوا لنا تجارب فنية، وطريقاً ممهداً في مسيرة التشكيل الرقي، وتكررت زياراتي إليه، أستمع إلى نصائحه وأتابع أحياناً طريقة رسوماته الزيتية الفائقة الدقة، وكان صديقاً للفنان "عنايت عطار" يلتقيان مع بعض الأصدقاء من أدباء وفنانين في بيت أحدهما، وتعمقت صداقتي معه ومع باقي الفنانين الذين يكبروني في السن والتجربة والخبرة، أمثال الفنانين: "فواز يونس" و"عنايت عطار" و"طلال معلا" و"محمود فياض" و"إبراهيم الموسى" و"عبد الحميد فياض" والراحل "ياسين جدوع"، ولقد تميز الفنان "محمد صفوت" برسم البورتريه (الصور الشخصية)، وهو المجال الذي أكّد شهرته خارج القطر حتى، وهو الذي درس الفن دراسة ذاتية معتمداً على ذائقته البصرية، وخبرته وموهبته الفذة في التقاط اللحظات الهاربة وتسجيلها بضربة معلم، ويشهد له في ذلك أنه غدا من رواد (البورتريه) على مستوى الجمهورية، إلى جانب أنه كان يرسم المناظر الطبيعية بالسكين بتقنية عالية وانطباعية مذهلة وساحرة، يخفي وراءها ضربات خفية لنحات متمكن يختبئ وراء فرشاته وسكينه، فهو يجعلك تمد يدك لتلمس مخدوعاً في اللوحة حجم الخد ونفور الأنف ورمش العين، فهو يمتلك قدرة فائقة في شد الانتباه لجوانيات الشخص المرسوم، من خلال الغموض الذي يغلف اللوحة وسحر الخلطة التي يسكبها فوق اللوحة، بعد أن ينتهي منها، أظنه كان متأثراً بالمدرسة السوفييتية آنذاك، وهذا ما جعل منه أستاذاً في التصوير الزيتي، أثَّر تأثيراً كبيراً في الجيل الذي لحقه، وأثرى المدينة بلوحاته الساحرة».
أما الفنان التشكيلي "محمد الرفيِّع" وهو أحد تلاميذ الفنان "محمد صفوت" فقد قال: «تعرفت على الأستاذ "محمد صفوت" في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم، وقد كنت حينها طالباً في المرحلة الثانوية، حيث أن أحد أصدقائي كان قريباً له، وعرفني عليه في مصادفات كثيرة.
وبعد التحاقي بمعهد إعداد المدرسين بمدينة "دمشق"، قسم العمل اليدوي، بدأت أتردد إليه بكثرة، أثناء تواجدي في "الرقة"، وبعد تخرجي مباشرة عام/1985/ اطلع على بعض أعمالي، حين شاركت لأول مرة، بمعرض ضمَّ مؤسسي تجمع فناني "الرقة"، في شتاء عام /1985/، وأذكر من هؤلاء الفنانين الأوائل: "فواز اليونس" و"إبراهيم الموسى" و"عنايت عطار" و"طلال معلا" و"طلال حسيني" و"علاء الأحمد" و"موفق فرزات" و"جورج شمعون" وبقية أعضاء تجمع فناني "الرقة" آنذاك، وكان لهذه المشاركة أثراً كبيراً في نفسي، وقد قدمني الأستاذ "محمد صفوت" باهتمام كبير وتشجيع لا أنساه أبداً، وقد كنت حينها في تلك المشاركة قلقاً ومضطرباً، لوقوفي أمام هذه القامات الفنية الكبيرة، لما لها من باع وتجربة كبيرة، مما عزز ثقتي بنفسي فيما بعد، وخصوصاً بعد الترحيب والتشجيع الذي لقيته منهم.
وقد كان "أبو صفوت"، محبوباً من قبل الجميع لدماثة خلقه، وخفة ظلِّه، فلا يكاد يوجد فنان في "الرقة"، إلا ويحفظ العديد من المواقف الطريفة، التي حدثت معه، بدايته كانت بين الواقعية والانطباعية، ورسم الطبيعة بكل مفرداتها، بما فيها طبيعة "الرقة"، فرسم جسر "الرقة"، وطقوس الحصاد والحياة الريفية، حيث امتلك أسلوباً يميزه عن باقي الفنانين، وقد أبدع في (البورتريه)، ورسم الوجه البشري بصورة خاصة، بطريقته الواقعية الانطباعية، وأنا أعتبر أن "محمد صفوت" وليس هذا من باب التطرف، أفضل من رسم (البورتريه) في الساحة الفنية العربية، بلا منازع وهذا رأيي الشخصي، كما يعتبر هذا الفنان الكبير، من جيل الرواد الذين أسسوا الحركة التشكيلية في مدينة "الرقة" في سبعينيات القرن الماضي وما بعد، حيث استطاع مع باقي زملائه من أعضاء تجمع فناني "الرقة"، أن يقرعوا ناقوس الفن التشكيلي الرقي، في قلب العاصمة "دمشق" وباقي المحافظات السورية، وتظل "الرقة" مدينة له، لما قدم من نشاطات، وأعمال فنية، ساهمت في إغناء وإرساء دعائم الحركة التشكيلية في "الرقة" لعدة أجيال، رسم الحارات الشعبية، ومظاهر الحياة اليومية، سواء في الريف أو المدينة، إضافة إلى أنه رسم الوجوه التي تعبر عن كافة الحالات الإنسانية والوجدانية والانفعالية، وكانت المرأة تأخذ حيزاً كبيراً في لوحاته، وله آراء كثيرة حول المرأة وحقوقها، وما يجب أن تتمتع من ثقافة ووعي، وهو مخلص جداً لأصدقائه، حتى بعد سفره واستقراره في مدينة "حلب" في منتصف التسعينيات من القرن المنصرم، ظل مخلصاً للرقة وأبنائها، ولم ينقطع يوماً عنها، فهو يزورها بشكل دائم ومتكرر، ويتابع أخبار الفنانين وواقع الحركة التشكيلية في المحافظة، وأستطيع أن أقول عنه أنه ابن "الرقة" البار، وقد كان بعيداً كل البعد عن الأنانية الفنية أو الشخصية، فلم يكن يبخل في تقديم أي مساعدة مادية أو معنوية للآخرين، لقد كان بالنسبة لي، الأخ الكبير والصديق الوفي، والمعلم الفذُّ، بذات اللحظة».
أما الفنان التشكيلي "سمار عساف"، الذي لازم الفنان "محمد صفوت"، أربع سنوات متواصلة، فقد قال: «تعرفت على الأستاذ "محمد صفوت"، من خلال أخي الأكبر الفنان التشكيلي "محمد عساف" الذي كان صديقه المقرب، وقد كان عمري آنذاك ستة عشر عاماً، وقد كنت من الأشخاص المحظوظين جداً، حيث عملت في ستوديو "صفوت" لمدة أربع سنوات متتالية، ومن محاسن الصدف، أن مرسمه كان في الاستوديو الذي كنت أعمل فيه، وبذلك فقد كانت لدي فرصة عظيمة، لأنهل من مدرسته الفنية، حيث أنه لم يبخل أبداً، بتقديم التوجيهات والنصائح الفنية، وأستطيع القول أنني لم أتأثر بفنان تشكيلي، كما تأثرت بالفنان الكبير "محمد صفوت"، لقد كان يعشق نهر الفرات، بل كان مدمناً له، ولا أذكر أنني رأيته يوماً يشتري سمكاً، فهو من أبرع الناس في صيد السمك، وقد ساهم في تعميم هذه الهواية على العديد من فناني "الرقة"، ولا أنسى فضله عليَّ أبداً، بتعلم الموسيقا، فقد كان "أبو صفوت" ـ كما كان يحب أن نناديه ـ يمتلك صوتاً ساحراً، وحرفية عالية في الغناء، مما دفعني لتعلم آلة العود، وحفظ أغلب أغاني "محمد عبد الوهاب" و"محمد خيري" و"أم كلثوم"، الذين عشقتهم من خلاله، وأعتقد جازماً أن "الرقة" لن تنسى هذا الفنان الكبير، الذي عشقها وأهداها الكثير من أعماله، فالعشرون عاماً التي أمضاها في هذه المدينة، كفيلة أن تجعل من اسمه علامة فارقة في تاريخ "الرقة" الثقافي والفني».