«لأن الذاكرة مازالت تحتفظ من خلال قراءتها لمجموعتي الأديب "صبحي الدسوقي" (الذي ترك المدينة) و(القادمة من الشرايين) بأسلوبيته التي وُسمت بالخصائص التالية: متانة السبك ومواءمة المبنى للمعنى بمعنى آخر رافق اللفظ الجميل المعنى الجميل. صفاء الشعور مع قريحة خصيبة. خصيصة الجذب والنبذ علامة فارقة في أسلوبه المائز. يستهوي قارئه ليستدرجه لمقصده، ثم لا يلبث أن يرده على عقبيه حسيراً، بعدما يثقله بمبتغاه الذي ربما لا يتمناه القارئ».
بهذه المقدمة يستهل الناقد "محمد جدوع" تعريفه بنتاج الأديب "صبحي دسوقي"، وهو يتحدث لموقع eRaqqa بتاريخ (10/3/2008).
جملة "الدسوقي" لها صلة حسب ونسب بموضوعة ثيمة قصصه، ويعيدنا لخصيصة أسلوبية تفرد بها بامتياز، ألا وهي جملة الافتتاح في كل قصصه الإبداعية التي تعتبر عنده المفتاح والسر المباح في معظم جميع مجموعاته إن لم نقل كلها، ولهذا جاءت الجمل الافتتاحية في (الحلم) أقصوصة في جسد القصة الأم التي تغني القارئ عن فحواها، لكنها تغويه بمتابعتها وتستدرجه وتستغويه في إتمامها
ويتابع "جدوع" حديثه عن جملة "الدسوقي" قائلاً: «جملة "الدسوقي" لها صلة حسب ونسب بموضوعة ثيمة قصصه، ويعيدنا لخصيصة أسلوبية تفرد بها بامتياز، ألا وهي جملة الافتتاح في كل قصصه الإبداعية التي تعتبر عنده المفتاح والسر المباح في معظم جميع مجموعاته إن لم نقل كلها، ولهذا جاءت الجمل الافتتاحية في (الحلم) أقصوصة في جسد القصة الأم التي تغني القارئ عن فحواها، لكنها تغويه بمتابعتها وتستدرجه وتستغويه في إتمامها».
ويتحدث الأديب "صبحي دسوقي" لموقعنا قائلاً: «ولدت في مدينة "الرقة" عام /1957/، ودرست في مدارسها، وتخرجت معلماً، وعملت في الحقل الصحفي والتعليم والمسرح. وبدأت النشر في المجلات والصحف السورية منذ عام /1972/ بمقال نشر في مجلة الطليعة السورية، وحمل عنوان (هذا هو التناقض في شعر القباني)، وانتسبت إلى اتحاد الكتاب العرب، جمعية القصة والرواية منذ عام /1988/. ولي تجارب في المسرح تأليفاً وتمثيلا وإخراجاً. وكتبت عني مجموعة من الآراء والدراسات النقدية».
والكتابة هي وحي أنثى يتبدى في عالم "الدسوقي"، فتستيقظ "نارا" من بين ركام الرماد، لتشتعل في عالم يضيء عتمات الليل، فماذا يقول عن الكتابة وما هي جدواها؟ وعن ذلك يتحدث "الدسوقي" لموقعنا قائلا: «يتساءل الكثيرون عن جدوى الكتابـة في هذا العصـر الذي سادت فيه الكثير من القيم المغايرة، والذي برزت فيه الثقافـة الاستهلاكية بحلل براقـة وأساليب أكثر إغـراء وفتنة، وجعلت الكثيرين ينصرفون عن القراءة والكتابـة، وينخرطون في إفنـاء ذواتهم خلف جماليات زائفـة، ويبادر البعض لنعي الثقافـة والكتابة، وأن متغيرات الحيـاة قد عصفت بكل الرومانسيات التي أصبحت ذكرى لزمن مضى، وأن القيم التي تربينا عليها وتمسكنا بها باتت من المنقرضات، والتي لا تتلاءم حالياً مع ما يحدث على أرض الواقـع من صرعات وتبدلات وتشبهات بعادات غربية أكثر رقياً وحضارة كما يدعون.
قد يكون في هذا شيء من الصحة، وقد يكون مقبولاً حالياً، لكنني على يقيـن بأن الكتابـة لن تفقد بريقها، وأننا سنظل نحنّ إليها، وإلى الكتـاب الذي يحمل بين دفتيه روحـاً ودفئـاً يصعب تجاهلهما، ومن المستحيل مقارنتـه في كل الإنجـازات العصرية المتلاحقة، وأن الحميمية التي تنشأ بين المبدع والمتلقي لا يمكن تحقيقها ضمن البدائل الحاليـة، وأن قيم الصدق والوفاء والإيثار والبذل والمحبة لا يمكن لها أن تنقرض لأنها العصب الرئيس في الحياة، وبدونها تغدو الدنيا بلا لون ولا طعم ولا رائحة».
ويتابع "الدسوقي" حديثه عن أهمية الكتابة بالنسبة له بقوله: «الكتابـة تعني مخاطبـة العالم باللغة النقية التي يجب تداولها، محاصرة الخوف، ومحاصرة الحقد والحزن، والانهيارات الداخلية والخارجية. إنها الخلاص، الفرح، التوق إلى صنع المستقبل المشرق الذي يزيل كل السلبيات من حياتنا.
هي الحلم الذي يندفع نقياً ليكسو الموجـودات بتلك الخضرة الجميلـة، هي لحظة الصدق المطلوبة مع الذات، ومن خلالها نتمكن من إيصال مشاعرنا الصادقـة لكل الذيـن نحبهم، ونقـاتل من أجل تمسكهم بإنسانيتهم، والتي من خلالها يتقاسمون الأفراح والأوجاع معنا.
هي لحظة البـوح للآخر بكل المشاعر الفياضـة التي ندخرها له، وهي انتظارنا لحبيب غائب ننتظر رجوعه بلوعة، وهي ذاك الحنين لتـوءم روح نريده أن يبقى إلى جوارنا كظلنا نتقاسم معه كل أفـراح الدنيا ونستعين به للتخلص من أحـزاننا وآلامنا.
الكتـابة عندي صدام مع المرأة من أجل إثبات كينونتها وإبراز كل ما هو إيجابي لديها، إنها دعـوة للمرأة لعدم مصالحة الواقـع، للتمسك بالحلم الذي يعد نقطة انطلاقتها نحو عالمها الأجمل. هي بحثنا عن السـعادة المفتقدة، وهي إرادتنـا في التشبث بمن نحب ومداراتـه وتقديسه وإعطائـه كل أحاسيسنا الصادقـة التي يستحقها، وهي نبل المشاعر تجاه المحبوب، وإفناء الذات من أجل فرحه وبهجته.
أنا مستمر في الكتابـة وأراها سلاحاً يمكنني من مواجهة الأخطـاء، والعمل على تلافيها، وهي سهري وجهدي وحلمي وأملي بغد قادم أكثر جمالاً وعذوبة رغم ما يحيط بنا. أكتب لأنني بحاجة إلى إثبات إنسانيتي ووجـودي ولأنني ما عدت أستطيع الحياة خارج الكتابة».
بقي أن نشير إلى أن "الدسوقي" يشغل حالياً منصب أمين سر فرع "الرقة" لاتحاد الكتاب العرب، وصدر له إلى حينه العديد من الكتب والدراسات منها: "الذي ترك المدينة"، قصص، "حلب" عام /1978/، و"مشاهد منقوشة في ذاكرة متعبة"، قصص، "دمشق" عام /1984/، و"القادمة من الشرايين"، قصص، "بيروت" عام /1988/، و"الحركة الثقافية في الرقة"، دراسة "دمشق" عام /1991/، و"ضجيج الروح"، قصص، "اللاذقية" عام /1995/، و"صخب الرماد"، قصص، "اتحاد الكتاب العرب" عام /2001/، و"الحلم"، قصص، "اتحاد الكتاب العرب" /2007/، وأخيراً أصدر كتاب بعنوان: "الحركة الثقافية في محافظة الرقة"، دراسة، "دمشق" عام /2009/.