في أوائل آذار من عام 1965 في قرية أعيوج (40 كم إلى الغرب مدينة الرقة)، ولد الابن البكر لمحمد رشاد الملا، فكان اسمه أحمد تيمناً باسم النبي العربي.
وفي بيئة ريفية أقرب ما تكون إلى البادية نشأ الصبي الصغير في أسرة كبيرة اعتاد أهلها الجلوس في سهراتهم ضمن حلقة كبيرة تجمع كل أفراد الأسرة الضخمة، التي يشرف عليها العم الأكبر الحاج أحمد الملا، وكان العم يتسم بالحكمة والثراء، واعتاد السفر والتنقل بين أطراف البادية, وكان والد أحمد مولعاً بالخيل والسلاح والصيد، نقل شيئاَ من هذه الخصال لأولاده ولكنه ترك فيهم جميعاً حب الشعر، الذي طالما كنت تعمر به سهرات أهل القرية. في هذا الجو الغني بالقصة والحكاية والشعر والخيل والصيد نشأ أحمد رشاد، يحمل كثيراً من هذه الصور بين طيات سنوات عمره فكانت زوّادة له في كل حين، ومعيناً ثرياً لا ينضب ماؤه.
تعلم الصغير على يدي والده قراءة القرآن، ومن ثم بدأ رحلته في المدرسة الابتدائية عام 1970 في إحدى أقصى مناطق محافظة الرقة في مدرسة حلاوة التي غمرتها فيما بعد مياه بحيرة الأسد، ومن ثم أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدينة الرقة, وفتحت له الجامعة أبوابها عام 1983 حين أصبح طالباً في كلية الآداب قسم اللغة العربية جامعة حلب، ولكن بعد عامين تحول إلى دراسة اللغة الإنكليزية فأتمها بنجاح عام 1987 وهو الآن مدرس لمادة اللغة الإنكليزية في مدراس مدينة الرقة.
نشأ في بيئة شعرية فوالده شاعر، وعارف بأنساب القبائل العربية، وعمه الأكبر حافظاً، وراوية للشعر، وجده لأبيه عالم في أمور الدين، ومقرئ قرآن، وجد والدته الشاعر الشعبي المعروف حجو الملحم. أحب الشعر منذ صغره، إذ كان يحفظ أشعار والده حين يقوم بكتابتها، كما حفظ الكثير من القصص والروايات الشعبية والأشعار التي كانت تروى في سهرات العائلة. شكلت هذه مخزوناً له فيما بعد. بدأ مشواره الشعري في عام 1982 واستطاع أن يحدد ملامح موهبته في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي, كتب في الشعر الشعبي، فكانت له مشاركات في أمسيات كثيرة على مستوى سورية، كما أنه كتب الشعر الفصيح والمسرح، وفي الصحافة الأدبية، وعمل لفترة في الترجمة التي أخذت حيزاً كبيراً من وقته حين تفرغ للترجمة في مجال تربية الأطفال فأغنت ثقافته كثيراً هذه التجربة.
أسس مع مجموعة من الأدباء الشباب المنتدى الثقافي الفرعي عام 1996 وترأس هذا المنتدى بالتناوب، وكان لهذا المنتدى نشاطاً متميزاً على مدى أربع سنوات متتالية.
صدر له مجموعة شعر شعبي بعنوان وداي الفيض وعمل مسرحي من مطبوعات اتحاد شبيبة الثورة بعنوان (حوار في كومة النفايات) وله العديد من المخطوطات، منها: الذبيح يسير حياً - شعر، انكسار اللون- شعر، سلماس الحزينة– شعر شعبي، الغرانيج– شعر شعبي، لمن الوسام- مسرح
نشر في كثير من الصحف السورية والعربية حيث كتب في مجال التربية والأطفال والترجمة والدراسات النقدية في مجال التربية والشعر الشعبي.
ويكتب الآن في الصحافة الإلكترونية، فهو عضو في عدة منتديات أدبية، وله نشاط متميز في مواقع: منتدى اليراع الأدبي. ومنتدى مضايف الولدة، ومنتديات الشموخ الأدبية، ومنتدى الموازين، ومنتدى النخية، ومنتدى المنبر الثقافي، وموقع نساء سورية، ومنتدى العفادلة الأول، كما شارك في العديد من المهرجانات الأدبية، وفي عدة برامج تليفزيونية وإذاعية داخل سورية. وحصل على العديد من الجوائز منها: الجائزة الثانية لمهرجان الأدباء الشباب– إدلب 1996 والجائزة الأولى لمهرجان الأدباء الشباب درعا 1998 في المسرح، وجائزة اتحاد الكتاب العرب فرع الرقة للشعر المركز الثاني عام 1998، وجائزة المنتدى الثقافي الفرعي للشعر.
تركت القصيدة الشعبية فيه أثراً كبيراً فحاول توظيف المخزون الشعبي في كثير من قصائده الفصحى, تأتيه القصيدة بلابسها فيدعها ترتدي لبوس الفصحى، أو اللهجة المحكية، فهي التي تختار لبوسها, ولكل منها له نكهته الخاصة.
وفي رده على سؤال أين تجد نفسك في الشعر الفصيح أم في الشعر الشعبي؟
يقول: "الشرارة الأولى للفكرة هي التي تحدد أين يجد الشاعر نفسه, كما أن البيئة التي ينتمي إليها المتلقي تلعب دوراً كبيراً في ميل الشاعر إلى الفصحى أو إلى اللهجة المحكية".
ويتابع قائلاً: "لا أظن أن الشاعر الذي يكتب بالفصحى واللهجة المحكية يستطيع أن يقرر أنه سيكتب في هذا الشكل أو ذاك, القصيدة هي التي تكتب الشاعر فتختار شكلها ولونها. فكثير من الشعراء أبدعوا في كلا الفرعين مثل الشاعر الأمير عبد الله الفيصل والشاعر مانع سعيد العتيبة فلقد كانا مبدعين بحق.
وأما من جهة ماذا يعني لي الشعر فهذه مسألة أعتقد جازماً أنها لا يمكن أن تلخص بكلمات أو توجز بجملة أو حتى بمقال , ولكن يمكنني القول أن الشعر عندي حالة عشق أمارسها مع ذاتي ومع العالم الذي راح يضيق بنا حتى أوشكنا أن نخرج من بين دفتيه مسحوقين تماماً, الشعر هو ذلك السحر الذي يجعلني أتشبث ببقايا الحياة وأفتح بوابة فرح في جدران حزني الأبدي, إنه أشبه بـ(غودو) الذي لم يأتِ عند صموئيل بيكيت، ولكنه جاء عندي فغدا المخلص الذي أبحث عنه في لحظات التيه".
عمل أحمد رشاد في مجال الترجمة من اللغة الإنكليزية إلى العربية يقول في ذلك: "سفير الحضارات.. هكذا يقال، وهي الدليل الذي عبره نجد بوابة الدخول إلى العوالم المغايرة. نعم إنها عوالم مغايرة تماماً لما نعرفه في عالمنا المتقلب الأطوار. تفتح لك الترجمة نوافذ عديدة تطل من خلالها على لغة جديدة وأسلوب مخالف ومتنوع, تمدك بطاقة تختلف كثيراً عما اعتدت عليه تستطيع من خلال الترجمة نقل سحر هذه العوالم إلى عالمك الخاص المنغلق على ذاته لتبعث فيه شيئاً من حياة وبعضاً من روح".
هكذا هو أحمد رشاد، تجده مرّة شاعراً حالماً، ينزع إلى الحرية والخلاص، والتوحد مع الذات، ومرة أخرى ينخرط في غمار الترجمة، وكأني به أحد من عركتهم الحياة بتقلباتها وأوجاعها، وتارة أخرى ينافح عن حقوق الأطفال الضائعة، وما من مجيب... وصدى كلماته يوجع، فهل ستطرق آذان من بيدهم الحل والربط، ويستمعون إلى ضالتهم لدى من خبر الحياة وعرفها.