تتميز تجربة الشاعر "إبراهيم الشمطي" بأنها بُنيت على أسس إبداعية وجمالية واعية، والوعي هنا يأخذ شكلاً آخر عند "الشمطي" من خلال بحثه الدائم عن التفرد في طريقة الكتابة الشعرية، الممزوجة بثقافته الواضحة المعالم في أغلب قصائده، وبتاريخ (4/11/2005)، كان لموقع eRaqqa لقاء معه.
وبسؤال "الشمطي" عن بداياته مع الشعر، أجاب قائلاً: «عندما كنت طالباً في المرحلة الإعدادية، بدأت بقراءة الشعر العربي، فكانت البداية مع الشعر الجاهلي والأموي، الذي أخذ الكثير من اهتمامي، ومن وقتي، حيث أنني كنت أجد متعةً يصعب وصفها، وأنا أقرأ قصائد "عنترة العبسي" أو قصائد "طرفة بن العبد" أو "زهير بن أبي سلمى" أو "الكميت بن زيد"، ومازلت أذكر الأبيات الأولى التي حفظتها من شعر "عنترة" في ذلك الوقت، وهي:
"الرقة" معقل الأدباء والشعراء منذ العصر الأموي، وحتى وقتنا الحاضر، كيف لا؟ وهي التي أنجبت سابقاً "عبيد الله بن قيس الرقيَّات" و"ربيعة الرقي" و"البتاني" كما أنجبت لاحقاً الدكتور "العجيلي" و"فيصل البليبل" و"مصطفى الحسون" و"خليل جاسم الحميدي"، وغيرهم الكثيرين، واليوم هناك جيل جديد يسير على هدي هؤلاء الأدباء والشعراء الكبار
ولقد ذكرتكِ والرماح نواهلٌ/ مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل الرمـاحِ لأنها/ لمعت كبارق ثغركِ المتبسِّمِ
وقد كنت أسأل أساتذتي في المدرسة، عندما يصعب عليَّ فهم بعض الكلمات أو المعاني، أو أن ألجأ إلى القاموس، وهذان الأمران ساهما إلى حدٍّ كبير برفد مخزوني الشعري واللغوي، وفي بداية المرحلة الثانوية، بدأت أحاول كتابة الشعر، وكان لي محاولات عديدة، نالت إعجاب أساتذتي، وأصدقائي المهتمين بشؤون الشعر والأدب، فقد كنت أتمتع بموهبة فطرية فيما يخص موسيقا الشعر، وأقصد علم العروض، وكل ما يتعلق ببحور الشعر، ولكن للأسف ضاع أغلب الشعر الذي كتبته في تلك المرحلة، ولم تعد تحتفظ الذاكرة إلا بالنزر اليسير منه، وفي المرحلة الجامعية رحت أكثِّف من دراستي للشعر، وقد تركز اهتمامي على دراسة المذاهب المدارس الأدبية، بشقيها القديمة والحديثة، والمقارنات فيما بينهما، وقد كنت ميالاً للمدرسة التقليدية، أو المدرسة الاتباعية، وكنت قد نظمت في تلك المرحلة العديد من القصائد التي تنتمي لهذه المدرسة».
ولدى سؤاله عن أهم الشعراء الذين أثروا بنفسه وبشعره، أجاب "الشمطي": «في الحقيقة إن الأمة العربية عبر تاريخها الطويل ضمَّت عدداً هائلاً من الشعراء العظام، وما زالت تنجب شعراء مبدعين، لكن هناك بعض الشعراء الذين تأثرت بشعرهم كثيراً، فقد تأثرت بقصائد "عنترة العبسي" و"طرفة بن العبد" و"زهير بن أبي سلمى"، كما تأثرت بأشعار "المتنبي" و"أبو تمام الطائي" و"أبو العلاء المعري"، ومن شعراء العصر الحديث تأثرت كثيراً بالشاعر "بدوي الجبل" و"نزار قباني" و"محمود درويش"، فهؤلاء جميعاً هم النجوم الذين أهتدي بهم في عالم الشعر، وأشعارهم هي الميزان الذي أعرف من خلاله غثُّ الشعر من سمينه».
وعن الهاجس الأهم للشاعر "إبراهيم الشمطي"، بعد هذه التجربة الطويلة في البحث والكتابة الشعرية، أجاب بقوله: «هاجسي الوطن والقصيدة معاً، مثلما هاجسي الحرية والجمال، حياةً ونصاً، وما بينهما من حب وكتب وأصدقاء، ومدن وأحلام وخيبات وتساؤلات دائمة، لا يزال البحث في القصيدة يشغلني على الدوام، ويدخلني عوالم ما كنت أحلم بدخولها، ممالك مدهشة، لم تجد بعد من يفك أسرارها وطلاسمها، وتاريخ أمم، ومعارف وحيرات طافية على سطح بحيرة الوجود منذ آلاف السنين، فالقصيدة ليست كلمات فقط، إنها دخول في مغارات النفس البشرية، وبحث دائب في بطون التاريخ ومشارف المستقبل، هي تلمس خفي لسبر أغوار تلك الأحاسيس والرعشات، التي تعتري الإنسان لحظة فرحه وحزنه وحلمه، للوصول إلى كنه البشر وجوهر الوجود».
دراسة التاريخ والفلسفة، من أشد اهتمامات "الشمطي"، عن العلاقة بينهما وبين الشعر قال: «يقول "روبرت فروست": يبدأ الشعر بالمسرّة، وينتهي بالحكمة، ويقول الشاعر "سان جون بيرس": على الفلاسفة أن يتعلموا من الشعراء، فإذا كان "ول ديورانت" في كتابه (مناهج الفلسفة) يقول: لولا الفلسفة لكان التأريخ مجرد نبش عن الوقائع يدس أنفه في الماضي، كذلك فإن الشاعر "رسول حمزاتوف" يرى أنه: «لولا الشعر لتحولت الجبال إلى كومة من الحصى، والمطر إلى ماء آسن ومستنقع، والشمس إلى جرم سماوي مشع له قدرة حرارية، لولا الشعر تبقى المفاهيم الجغرافية بدلاً من نداء البلاد البعيدة، يبقى خزان مياه كبير بدلاً من البحر، تبقى صرخة ذكر يدعو أنثى، بدلاً من أغنية عصفور، تبقى مجموعة من الغازات بدلاً من السماء الزرقاء، وتبقى الدورة الدموية بدلاً من خفقان القلب، إن روحي أكثر خفاء في أعماقي، من أضلاعي وعمودي الفقري ورئتي، ومع الشعر روحي على يدي مفتوحة شفافة، ويستطيع الناس أن ينظروا خلال نفسي»، نعم، لولا الشعر لضاع كثير من تاريخ الأمم وفلسفاتها وتراثها، ولاندثرت أحداث كثيرة ووقائع وحروب وحب وهواجس، لقد حفظت لنا إلياذة "هوميروس" الكثير من المعتقدات القديمة للإغريق، وحفظ لنا الشعر الجاهلي والمعلقات السبع، الكثير من طقوس العرب القدامى، بل إن تاريخ دولة مثل الدولة "العيونية" اكتشف صدفة عن طريق شاعرها "عبد الله بن المقرب العيوني"».
ولدى سؤال الشاعر "الشمطي" عن رأيه بالحركة الأدبية في محافظة "الرقة" أجاب قائلاً: «"الرقة" معقل الأدباء والشعراء منذ العصر الأموي، وحتى وقتنا الحاضر، كيف لا؟ وهي التي أنجبت سابقاً "عبيد الله بن قيس الرقيَّات" و"ربيعة الرقي" و"البتاني" كما أنجبت لاحقاً الدكتور "العجيلي" و"فيصل البليبل" و"مصطفى الحسون" و"خليل جاسم الحميدي"، وغيرهم الكثيرين، واليوم هناك جيل جديد يسير على هدي هؤلاء الأدباء والشعراء الكبار».
والجدير ذكره أن الشاعر "إبراهيم الشمطي" من مواليد مدينة "الرقة" عام /1946/، وهو عضو نقابة المحامين في سورية فرع "الرقة"، ولديه العديد من المقالات الأدبية والدراسات النقدية في الأدب والشعر، كما أن لديه عدد كبير من القصائد المنشورة في الصحف والمجلات المحلية، وهو الآن بصدد طباعة ونشر ديوانه الأول.