«ولدت في يوم أغرّ يحتفل فيه كل السوريون، هو ذكرى الجلاء، فقد شاء القدر أن تضعني أمي في يوم السابع عشر من نيسان، من عام /1968/، وقد اختار لي أبي اسماً يتوافق مع هذا اليوم الجميل، "جلاء"، وهو اسم يدعو للحيرة، فمن الممكن أن يحمله الرجل أو المرأة على حدٍّ سواء، لذا فكثير من القراء حين يقرؤون مجموعتي الشعرية، واسمي مدون عليها، يظنون أنني رجل، أو شاعر..! لأن اسمي "جلاء"، لا يعطيك معنى الذكورة أو الأنوثة، لكني أقع دائماً في مطب الذكورة».
بهذه الكلمات تستهل الشاعرة "جلاء حمزاوي" حديثها لموقع eRaqqa بتاريخ (15/11/2009)، وهي تتحدث عن مولدها، ودواعي إطلاق "جلاء" اسماً لها.
إذا أردنا الحديث عن الشعر، فلابد لنا من تعريف الشاعر، فالشاعر يتمتع بعاطفة قوية، وحس مرهف، وحدس لمّاح، وإدراك لكنه الأمور، وقدرة هائلة على الإبداع، الشاعر كالساحر يختصر الحالة العبقرية، لأن لديه هذه القدرة اللامرئية التي تلهمه الفضاءات الشعرية، وتتجسد عبقريته في قدرته الدائمة على خلق علائق جديدة بين الكلمات، فيأتي سحره ليحول النحاس إلى ذهب، ومع ذلك أنا لم أختار الشعر، بل هو الذي اختارني، فوجدت كل هذا الفيض بداخلي. أنا المرأة القريبة من هذه الأشياء، لأن المرأة تحمل صفات الشاعر، وما يعتريه من عاطفة جياشة، وحس مرهف، وأنوثة طافحة، فهي أقرب إلى الشعر من ألوان الأدب الأخرى. وبما أنني أحاول متابعة المنتج الأدبي النسوي، اكتشفت أن الأديبة لا تستطيع الفصل بين شخصيتها كامرأة، وبين شخصيتها الإبداعية
وفي معرض إجابتها عن سؤال، لماذا الشعر؟ ولماذا تتوجه المرأة نحو كتابة الشعر، دون الغوص في الألوان الأدبية الأخرى كالرواية والقصة؟ تقول "حمزاوي": «إذا أردنا الحديث عن الشعر، فلابد لنا من تعريف الشاعر، فالشاعر يتمتع بعاطفة قوية، وحس مرهف، وحدس لمّاح، وإدراك لكنه الأمور، وقدرة هائلة على الإبداع، الشاعر كالساحر يختصر الحالة العبقرية، لأن لديه هذه القدرة اللامرئية التي تلهمه الفضاءات الشعرية، وتتجسد عبقريته في قدرته الدائمة على خلق علائق جديدة بين الكلمات، فيأتي سحره ليحول النحاس إلى ذهب، ومع ذلك أنا لم أختار الشعر، بل هو الذي اختارني، فوجدت كل هذا الفيض بداخلي.
أنا المرأة القريبة من هذه الأشياء، لأن المرأة تحمل صفات الشاعر، وما يعتريه من عاطفة جياشة، وحس مرهف، وأنوثة طافحة، فهي أقرب إلى الشعر من ألوان الأدب الأخرى. وبما أنني أحاول متابعة المنتج الأدبي النسوي، اكتشفت أن الأديبة لا تستطيع الفصل بين شخصيتها كامرأة، وبين شخصيتها الإبداعية».
قديماً كان الشعر ديوان العرب، اليوم نشهد تراجعاً في هذه المقولة على حساب القصة والرواية، عن ذلك تقول "حمزاوي": «الشعر أول الفنون الأدبية وأرقاها، إنه تعبير جميل عن الحياة بما يدركها الإنسان بوجدانه وأحاسيسه، إنه ترجمان العاطفة والشعور، بل هو الشعلة التي توقظ الشعوب من غفلتها، وينبئ الأمم بماضيها، ويسجل أخبارها، ويحفظ تاريخها، ويشحذ همم وطموح شبابها.
وبما أن الشعر، شأنه شأن أي عمل آخر، له قواعد ومعايير وأصول تميزه عن الآداب الأخرى، ربما تتغير هذه المعايير من عصر إلى آخر، وقد تُغيّر مدرسة أدبية جديدة قواعد مدرسة قديمة، لكنها لابد أن ترسي محلها قيماً أخرى.
القواعد عاصم من الفوضى والعبث، الآن نجد كثيراً من الشعراء الذين ضربوا بتلك القواعد عرض الحائط، غير آبهين بها، وتجاوزها بكلام وهلوسات وهذيان، فطغت غوغائية شعرية على الساحة الثقافية، يصعب علينا تحديد جنسها أو ماهيتها، لقد بتنا نعيش حالة من الخواء، صارت تُطلق فيها صفة الشعر جزافاً على أي كلام».
وعن المشهد الشعري في محافظة "الرقة"، تقول "حمزاوي": «إن أغلب شعراء "الرقة" تشكلّوا في السبعينيات والثمانينيات، وحملت نتاجاتهم الشعرية ملامحها السياسية والاجتماعية والفكرية، وأسهمت تجاربهم في فتح نوافذ شعرية، اتسم بعضها بسعي دؤوب، نحو تمايز، يعود إلى وعي وإدراك بالقيم الجمالية، ضمن أفق فراتي خاص، مؤطر بروابط تؤاخي بين نصوصهم الشعرية الإبداعية في تلك الفترة الناهضة بقوة وتجدد.
في التسعينيات وما بعدها جاءت تيارات الكتابة الشعرية، وما تحويه من قصيدة النثر، أو الشعر الحداثي، وهنا حصلت فجوة بين الجمهور المتلقي، والشعراء، وتغيرت أشكال التواصل.. ربما الذنب لا يقع على عاتق الشعراء وحدهم، فبعضهم كان يساهم بشكل أو بآخر بعزوف الناس عن الشعر لأسباب تتعلق بغياب الموهبة، والاستسهال، وقلّة الجهد.
موقع الشعر الرقي في المشهد الثقافي السوري، احتل موقعاً متميزاً، خاصة في الآونة الأخيرة، مع اضطلاع مديرية الثقافة في إبراز هذا الجانب المهم، من خلال إقامتها لمهرجان الشعر العربي، ودعمها للأدباء والشعراء، من خلال احتضانها للجمعيات الأدبية، ورعايتها لأنشطتها الثقافية».
يذكر بأن الشاعرة "جلاء حمزاوي"، تحمل الشهادة الثانوية العامة، ودرست لمدة سنتين في جامعة حلب، كلية التجارة والاقتصاد، وهي تعمل الآن في مجال التمريض، ومسؤولة عن نادي الأطفال السكريين في "الرقة"، وهي عضو في الجمعية السورية للداء السكري، وأمراض التغذية، وعضو جمعية ماري للثقافة والفنون، وشاركت في العديد من المهرجانات الأدبية، وفازت بعدد من الجوائز في المسابقات الشعرية، ونظمت لمدة عاميين متتاليين الملتقى النسوي، تحت عنوان: أديبات من "الجزيرة" و"الفرات"، وأصدرت مجموعتها الشعرية الأولى، بعنوان: "لمن" عام /2007/، ولها مخطوطان قيد الطباعة، "أساور"، و"قدسية العتاب".
ومن ديوانها الأول نقبس المقطع التالي:
أبحـث عن أوراقـي/ ودفاتري القديمة
حين ولدت في قلبـي/ كأول حرف بأشعاري
لقد دونت فيها يومياتكِ/ ماذا ليست في كل مرّة
أين جلستِ/ انفعالاتكِ
إعجابي بمعطفك الجلدي/ في النهارات الماطرة
أبحث عن أوراقي/ بعصبية
لأستعيد صورتكِ/ مَنْ سرق أوراقي؟