فاجأت الأديبة فوزية المرعي الجميع هذا العام، وهي تصعد الطوف متأبطة رزمة كبيرة من الكتب، لم يحتج مرافقوها زمناً طويلاً ليتبين لهم أنها ليست سوى نسخ من روايتها الجديدة التي تسلمتها حديثاً من المطبعة، وكانت حريصة على وجودها معها في هذه الرحلة .
في «قارب عشتار» وهو الاسم الذي أطلقته المرعي على روايتها التسجيلية لهذه الرحلة في أعوامها السابقة، كانت الأشياء، منذ «توتول» حتى «ماري» تصعد القارب بثقة وخيلاء..
فسيحاً كان قارب عشتار، فارهاً، بحيث لم يتزاحم الفراتيون فوقه، ولم تعثر ببعضها العادات والأفكار والتقاليد، كما لم يسجل فوقه أي حادث اصطدام بين الحضارات التي كانت تصعد عليه تباعاً، ابتداء من قلعة نجم وانتهاء بـ«ماري».
قطعة قطعة كانت فوزية المرعي تلتقط الفرات، تاريخاً وبشراً وشجراً وعادات وأوابد وممالك وحضارات وحاضراً أيضاً، في توثيق لافت وحضور أدبي مشغول كما ينبغي .
edair-alzor التقى الأديبة فوزية المرعي وسألها عن كتابها ودوافع إصداره فقالت: منذ أول رحلة نهرية قام بها الفريق وأنا حاضرة معه، وقد شد انتباهي جمال الطبيعة الفراتية وتنوعها، كما أدهشتني هذه الحضارات المترامية على كامل وادي الفرات، والتي لا تعد ولا تحصى، فوراء كل حجر ثمة حكاية عظيمة علينا التقاطها من بين أوراق التاريخ، وفوق كل شبر يجثم مجد لا نحتاج إلى جهود كبيرة للتعرف عليه.
وأضافت: ثمة أسباب أخرى وراء تسجيلي لهذه الرحلات، منها ما هو شخصي، متعلق بولعي بالكتابة وتوثيق اللحظات الكبيرة في حياتي، وهذه الرحلات هي إحداها، ومنها ما هو أدبي صرف، على اعتبار أن هذه الرحلات تشكل مادة أدبية غنية لكل أديب أو فنان أو باحث،
وهناك أيضاً محبتي لتراث منطقتي وتقاليدها وعاداتها...وثمة.. ثمة الكثير..».
ربما لم تستطع فوزية المرعي إكمال رحلتها هذا العام، بسبب توعكها الصحي المفاجئ، ما اضطرها للانسحاب في منتصف الطريق، ومغادرة الفريق في دير الزور، عائدة إلى بيتها في الرقة، لكنها مصرة على التواجد في الرحلة القادمة... وفي كل الرحلات التي تقيض لها.