«ما تحدث به الأستاذ "جمال العباس" هو عملية تأريخ للحركة التشكيلية في المحافظة بجمالياتها وإبداعاتها وما واجهها من صعوبات ويواجه العاملين فيها، خاصة أن "العباس" يعد من أول الذين وثقوا وأرخوا للحركة التشكيلية في المحافظة، والتي بدأت تتبلور معالمها منذ نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات.
وقد وثق ذلك بذكر الأسماء التي تخرجت في كلية الفنون الجميلة منذ تاريخ إنشائها عام 1959،1960 وكان هو أول خريج أكاديمي من أبناء "السويداء" ممن تخرجوا فيها، ثم تبعته أسماء مثل "فؤاد أبو سعدة" و"عبد الكريم فرج"».
إن عدم وجود المدينة على خطوط المواصلات المفتوحة وضعف التعليم في المراحل الفائتة وضيق الاحتكاك والطبيعة الفلاحية التي كانت سائدة لدى أبناء المنطقة هو أهم أسباب تأخر وبطء الحركة التشكيلية في المحافظة
بهذه العبارات تحدث الأستاذ "إسماعيل الملحم" رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب "بالسويداء" لموقع eSuweda، عن اللقاء الذي جمع الأستاذ "جمال العباس" مع محبي الفن التشكيلي في المحافظة ضمن فعاليات مهرجان الجبل الأول.
الأستاذ "جمال العباس" قال لموقعنا: «لقد تحدث عن تاريخ الحركة التشكيلية وما أعتقد أنه موطن الجمال والإحساس في هذه الحركة ضمن محافظة "السويداء"، وهي البنية العمرانية للبيوت في المحافظة، والتي تمتاز بحجارتها السوداء ثم تلاقيها مع التربة الحمراء البركانية التي تحقق شكلاً من الانسجام اللوني، إضافةً إلى الخضرة الدائمة التي تميز أشجار البيئة، وكل هذا من العوامل التي أثرت في الحركة التشكيلية في المحافظة، كما تحدثت عن المؤثرات الأخرى بحسب تسلسلها التاريخي وبدأت من فترة ما قبل الوحدة بين البلدين الشقيقين سورية ومصر، وذكرت أثر الفنانين المصريين الذين قدموا إلى المحافظة في فترة ما قبل الوحدة وأثناءها وما لهم من دور بارز في تشكيل نواة الحركة التشكيلية في "السويداء" خاصةً بعد استقطابهم للشباب من خلال تأسيسهم نادي الفنون الجميلة عام 1959 الذي عمل على التعريف بالفن التشكيلي، وخلق حالة وعي بين الشباب المهتمين بهذا المجال، وقد بقي هذا النادي يزاول نشاطه حتى عام 1970 لينشئ بعدها مركزاً للفنون التشكيلية في المحافظة عام 1974».
ويتابع العباس عن التطور الذي شهدته حركة الفن التشكيلي بالقول: «إن الفن التشكيلي في المحافظة شهد تطوراً ملموساً منذ الستينيات حتى اليوم خاصة من الناحية الكمية إذ تملك "السويداء" أكبر عدد من الفنانين التشكيليين بالنسبة إلى عدد السكان بين المحافظات السورية كلها وهذا يعود لمساهمة أساتذة كبار لهم أيادٍ بيضاء على الحركة التشكيلية في المحافظة مثل الأخوين "فريد وسمير الجميّل" اللذين قدما من "لبنان" وساهما في إرساء تقاليد معارض الفن التشكيلي في "السويداء"، ومثل الأستاذ "سعد الدين الشواربي" الذي قدم من "مصر" مع مجموعة من الأساتذة المصريين ولعب دوراً أساسياً في غرس روح الفن التشكيلي لدى عدد من طلابهم في ذلك الوقت، وذكرت أيضا الفنان "خالد جلال" ابن الفنان "محمود جلال" والفنان "محي الدين طالو" والفنان "محمود نويلاتي" وهؤلاء قدموا من "دمشق" إلى "السويداء" وعملوا في مدارس المحافظة».
وعن الرسامين الشعبيين تاريخيا يقول: «الرسامون الشعبيون في المحافظة برزوا باستعمالهم أقلام الفحم والرصاص في رسم الطبيعة والوجوه التي زينت بيوت أهالي السويداء في أيامٍ قديمة وابرز تجربة هي التجربة الفريدة للفنان الشيخ "حمد سنيح" منذ عام 1930 في رسم الوجوه بأقلام الفحم والرصاص».
أما عن أسباب تأخر الحركة التشكيلية في الظهور فيقول: «إن عدم وجود المدينة على خطوط المواصلات المفتوحة وضعف التعليم في المراحل الفائتة وضيق الاحتكاك والطبيعة الفلاحية التي كانت سائدة لدى أبناء المنطقة هو أهم أسباب تأخر وبطء الحركة التشكيلية في المحافظة».