فريد الأطرش تلك الشخصية الفنية المبدعة التي تركت بصمة فريدة في صفحات الموسيقا العربية عبر ذلك العطاء الكبير الذي توج بالإحساس المرهف والنغمات الساحرة التي ملأت الدنيا عذوبة، والأسماع طرباً، جاعلة الجماهير تصفق إعجاباً لتلك الإبدعات التي وصلت إلى كل أنحاء العالم.
eSyria التقت الاستاذ زورو الهجري أحد المهتمين بحياة الراحل الكبير وموسيقاه وكان لنا الحوار التالي:
مادمت تركت لي حق اختيار البداية فسأبدأ من ولادة الفنان الكبير، حيث ولد فريد الأطرش في بلدة القريّا في جبل العرب عام 1915 وكان والده الأمير فهد الأطرش مديراً لناحية القريا حينها ثم انتقلت العائلة كلها الى مدينة حاصبيا في لبنان عندما عين والد فريد قائمقام هناك عام 1916 وفي عام 1918 انتقل مع عائلته الى بيروت. وعندما طالبت القوات الفرنسية باعتقال والد فريد عام 1924 ذهبت العائلة كلها بسيارة إلى حيفا وانتهى بهم المطاف في مصر، وكان من منحهم تأشيرة الدخول بعد منعهم لعدم حملهم أوراقاً ثبوتية الزعيم سعد زغلول الذي تدخل شخصيا في ذلك، وفي مصر دخل فريد المدرسة وسجل سرا في معهد للموسيقا وكان عمره آنذاك 10 سنوات فقط وقد بان عليه النبوغ فأتقن أصول الموسيقا والعزف وخصوصا على آلة العود.
ألحان فريد كلها مميزة وخاصة أنه تفرد بالمقدمة الرائعة في العزف على العود مثل أغنية (عش أنت) والأسلوب المتطور في أغنية (عدت يا يوم مولدي) بالإضافة إلى تميزه بالاهتمام بالتقنيات الفنية الراقية والدليل الفرقة الموسيقية الكبيرة التي كانت تصاحبه والتي وظفها للتعبير عن المضمون الدرامي للنص.
فريد الأطرش برأيي لم يكن يعزف على العود بل كان يحاوره وهو أفضل من حاور العود فمن يراقب ير أن الأسئلة التي كان يطرحها فريد كان العود يجيبه عليها عبر مضمون وجداني بالخطاب، ومجمل ألحان فريد كانت على مقام البيات وهو مقام الحب والعاطفة الجياشة.
من يقرأ حياة فريد الأطرش يعرف أنه شخص طيب قبل كل شيء والمنافسة هي علاقة صحية تنتج الإبداع ولكن من كان ينافس فريد كان يبدي أعجابه به، والمثل على ذلك الموسيقار عبد الوهاب الذي جهز ذات مرة في حفل موسيقي كبير الفنان عبد الحليم لمنافسة فريد الاطرش وكان على رأس الحضور في الحفل الرئيس جمال عبد الناصر وبعد أن غنى عمالقة الفن بهذه المناسبة قدم فريد وصلة (لقاء الأحبة) بعدها طلب الرئيس عبد الناصر من فريد أن يغني المارد العربي ورد الموسيقار فريد بأنه جاهز ولكن بحاجة إلى فرقة موسيقا عسكرية فقال عبد الناصر نحضرها وفعلا أدى فريد الأغنية بنجاح بالغ أعجب الحضور، وقالت السيدة أم كلثوم بعدها: والله فريد يستاهل التكريم. ومثال آخر أن المطرب عبد الحليم في إحدى المقابلات التلفزيونية المصرية قال: أنا معجب بألحان فريد الأطرش وأتمنى أن أكون مثله لأنه مبدع في الأداء والغناء والألحان.
قدم الموسيقار فريد الأطرش 32 فيلماً هي من روائع السينما العربية وتنقل خلال تصويرها بين مختلف أقطار الوطن العربي ولكن كان يخص مصر ولبنان وخاصة أنهما كانتا عاصمتين للفن العربي وقتها.
في هذا الموضوع عندما سئل الموسيقارقال: إن أسمهان دخلت الفن تحت ظروف خاصة وشاركتني أعمالي لكنها أبدعت مع أنها لم تكن تريد احتراف الفن ثم أضاف: كل ألف سنة يجود الزمان بصوت مثل صوت أسمهان وعندما فجع بوفاتها بظروف غامضة حزن عليها حزناً أليماً وغنى لها الأغنية الشهيرة التي يقول مطلعها:
يا منى روحي سلاماً من غريب يا دار أسالك أين حبيبي
حكم الدهر علينا بالنوى وغدا الحزن على الماضي نصيبي
- أخيراً هل من كلمة؟
إذا كان لابد من كلمة فهي شكر وعرفان لهذه الأسماء التي ستبقى محفورة على جدار الزمن عبر كل التاريخ ومنها اسم الموسيقار الكبير فريد الاطرش.