قدمت "السويداء" في القرن الماضي ثلاثة عمالقة وضعوا في تاريخ الموسيقا والغناء علامات وهم "الموسيقار الخالد فريد الأطرش، والمطربة اسمهان، ومطرب الرجولة فهد بلان"، الذين كانوا ركائز فنية في الساحة الفنية العربية موسيقا وغناء، ربما السويداء اليوم تجاوزت محليتها ليقدم على مسرحها ولأول مرة الأوبرا والغناء الأوبرالي، بصوت إحدى سندياناتها المصنفة من أهم خمسة أصوات عالمية الأوبرالية "سوبرانو" "لبانة القنطار".
وحول ما قدمته على مسرح مديرية الثقافة أوضح الدكتور "ثائر زين الدين" مدير الثقافة بالسويداء عبر الهاتف لموقع eSwueda قائلاً: «هي الحفلة الأولى من نوعها في السويداء، حيث قدمت الفنانة المتميزة "لبانة القنطار" عدة مقطوعات أوبرالية لكبار الموسيقيين العالميين، ولاسيما الروس، وقد استطاعت خلال ذلك أن تمتلك مشاعر القاعة، حيث ساد الإنصات العميق، والترقب وقد رافق الغناء عزف بيانو متميز للأستاذة "نتاليا كوتشوروفا"، من خلال ذلك كان جهاز الإسقاط يرسم على الشاشة السينمائية صورة لمؤلفين موسيقيين ونبذة عن حياتهم بالإضافة للنص المغنى باللغتين العربية والانكليزية ما يسر على الجمهور التلقي والتفاعل مع الكلمات والأداء الغنائي».
استطاعت المغنية المتألقة "لبانة القنطار" أن تتخذ من ثقافتها الغنائية عنصراً إضافياً في استقطاب الحضور، لأنها لم تكن مغنية من العيار الثقيل فحسب بل عمدت إلى أن تطرح فكراً ومعلومات فنية، خاصة أنها تقدم لأول مرة الأوبرا على مسرح السويداء، فهي تألقت حتى وصلت قلوب الحاضرين دون استئذان، الأهم أنها عرضت ما غنت على جهاز الإسقاط مع معلومات عن حياة كل مؤلف موسيقي، اذكر على سبيل المثال "سيرجي فاسيليفيش راخمانينوف"، 1873-1943 حيث قدمت شرحاً مفصلاً عنه
وحول الأداء الموسيقي والغنائي بيّن أستاذ الآلات الموسيقية "أسامة البني" في المعهد العالي للموسيقا قائلاً: «استطاعت المغنية المتألقة "لبانة القنطار" أن تتخذ من ثقافتها الغنائية عنصراً إضافياً في استقطاب الحضور، لأنها لم تكن مغنية من العيار الثقيل فحسب بل عمدت إلى أن تطرح فكراً ومعلومات فنية، خاصة أنها تقدم لأول مرة الأوبرا على مسرح السويداء، فهي تألقت حتى وصلت قلوب الحاضرين دون استئذان، الأهم أنها عرضت ما غنت على جهاز الإسقاط مع معلومات عن حياة كل مؤلف موسيقي، اذكر على سبيل المثال "سيرجي فاسيليفيش راخمانينوف"، 1873-1943 حيث قدمت شرحاً مفصلاً عنه».
وعن تميز أمسية السويداء عن أمسياتها أوضحت الفنانة العالمية "لبانة القنطار" قائلةً: «تكمن خصوصية هذه الأمسية في نفسي لأنها في السويداء أولاً، وثانياً لأنها أول حفلة أوبرا تقام فيها على الإطلاق، لكن الذي جعلني أفرح جدا الحضور المميز وإنصاتهم وكأنهم يستمعون للأوبرا منذ زمن بعيد، وهي ظاهرة جميلة جدا ومفرحة، إن تجاوبهم وتلقيهم للغناء العربي يعود بالحكم لثقافتهم الموسيقية الكلاسيكية، وبحكم علاقتهم مع وسائل الإعلام التي تخلق الثقافة العامة، لكن المفارقة حتى في الغناء العربي، أنّ التلقي أضعف عندما تكون المقطوعة غير معروفة من قبل الجمهور، فهذا الجمهور يطالبك دائماً بشيء يعرفه هو ويحفظه في ذاكرته، وهو يبحث عن نكهة الفرفشة أكثر من السماع الكلاسيكي والتفاعل مع الصوت. فنحن ليس لدينا تقاليد للسماع، وهذا يحتاج إلى تدريب وأن يتحوّل السماع إلى جزء من ثقافتنا ومن عاداتنا الحياتية واليومية، ولهذا عمدت إلى تقديم التثقيف الموسيقي حول كل مقطوعة، لأن القطعة غير المعروفة حتى ولو كانت عربية، غير مهمة عند جمهورنا، ولا يوجد لديه فضول لمعرفتها، لذلك أنا مصرّة أن أقدم في كل برنامج أو حفلة عدداً من الأغاني غير مطروقة قبلاً، بهدف استخدام المعرفة والعلم وأنا مصرة أن يكون البرنامج دائماً في هذا السياق، وليس فقط برنامجاً لإرضاء الجمهور وإشباع حالة الفرفشة لديه. يجب أن ننبش ضمن مخزوننا الثقافي، ضمن مكتبتنا الموسيقية، حتى لو كانت مقطوعات دون غناء، يجب أن يتعوّد الجمهور على ثقافة السماع وعلى تقاليد الاستماع، ولأنني وجدت في جمهور السويداء كل الذائقة الرفيعة استخدمت عرض نبذة عن كل مؤلف مع ترجمة الأوبرا التي أود غناءها منه على سبيل المثال "أنطونين ليوبولد دفوراك"، 1841-1904 المؤلف التشيكي للموسيقا الرومانسية، الذي وظف إصطلاحات وألحان الموسيقا الشعبية "لمورافيا" ولموطنه "بوهيميا"، وتشمل أعماله أوبرات، موسيقا السيمفوني والكورال والحجرة، وتشمل أعماله الأكثر شهرة: سيمفونية العالم الجديد خاصة الحركات الثانية والرابعة، وكذلك الرقصات السلافية والرباعي الوتري "الأميركي"، وكونشرتو لآلة التشيلو "بي مينور"، أوبرا "روسالكا" التي كتبها الشاعر "ياروسلاف كفابيل" 1868-1950 النص التشيكي القائم على حكايات الجن "لكاريل يارومير إربين" و"بوزينا نيمكوفا"، "روسالكا" هي جنية صغيرة في الميثولوجيا السلافية تسكن عادة في بحيرة أو نهر، "روسالكا" هي إحدى الأوبرات التشيكية الأكثر نجاحاً وهي تمثل حجر الزاوية في برنامج حفلات دور الأوبرا التشيكية. والتي تقول ترجمتها إلى العربية: "أيها القمر في أعالي السماء، ضوؤك ينير البلاد البعيدة ، تطوف أرجاء العالم، تدخل بيوت الناس في أصقاع الأرض، أيها القمر، ابق في مكانك للحظة، اخبرني، آه أخبرني أين حبيبي، أخبرهم أرجوك أيها القمر الفضي الذي في السماء، أنني أعانقه بقوة، وأنه ولو لبرهة أن يذكر أحلامه، أنره في مكانه البعيد، أخبره آه أخبره أنني أنتظره هنا، اسأله، إن كان يحلم بي، فلتوقظه ذكراي، فلتوقظه ذكراي، أيها القمر لا تختف لا تختف"، عندما أدرك الجمهور معنى النص المترجم وقدم له غناءً، تفاعل معي حتى ظننت نفسي أنني على أهم مسارح الأوبرا في العالم».