بين الألوان والريشة واللوحات المتعددة، وفلسفة الحياة، وانكسار الذات، والغوص في الفضاء الإبداعي، بمدارس إبداعية منسجمة ومختلفة بين واقعية الصورة وخيال الفنان ومنهجه، يقف تمرد الإبداعي إلى جانب الفنان التشكيلي "جمال العباس" ليعالج بريشته لوحات تحمل من التأمل ما تحمل من الإعجاب، وتترك أسئلة متعددة بين الخيال والواقع والنهج.
عندما يذكر الفنان في الأوساط الثقافية لا بد وأن يأخذ حيزاً من التفكير لدى الفئات المثقفة، ولهذا فإن الحديث عن أحد مؤسسي الحركة الفنية بالسويداء ذو شجون كبيرة لأن الفنان "جمال العباس" على حد قول الفنان التشكيلي "عامر الخطيب" لموقع eSwueda: «هو واحد من المبدعين الذين رسموا خطاً معرفياً وثقافياً، أرخ ودوّن الحركة الفنية، وواكب تطورها، من خلال محاضراته وساهم بنشر مدرسة لوحاته، التي تعبر عن ذكريات ووقائع ربط بها الماضي بالحاضر، وأعاد للذاكرة المحلية منظومة العادات والتقاليد القديمة، بأدواتها ومستلزماتها البسيطة، خاصة في مجال الصناعة اليدوية، مؤكداً الحاجة لمنمنمات الحجارة البازلتية قانعاً ذاته بهدف أن العالمية تبدأ من المحلية، إذ عمل على تجسيد المدرسة الكلاسيكية التجريدية، بثقافة انتمائية لصخور قريته وبلدته، فهو وإن بدا منشغلاً في الأفق الرحب، إلا أنه عاشق للألوان الطبيعية ذات النكهة المحلية، فهو مصور بارع يتصارع مع اللون حتى أصبح جزءاً منه، يتناغى معه بصوت شجي، محاوراً بين الشكل والمضمون، فهو انطباعي الفكرة، مدمجاً عصارة إبداعه بواقعية خاصة من بيئته».
هو واحد من المبدعين الذين رسموا خطاً معرفياً وثقافياً، أرخ ودوّن الحركة الفنية، وواكب تطورها، من خلال محاضراته وساهم بنشر مدرسة لوحاته، التي تعبر عن ذكريات ووقائع ربط بها الماضي بالحاضر، وأعاد للذاكرة المحلية منظومة العادات والتقاليد القديمة، بأدواتها ومستلزماتها البسيطة، خاصة في مجال الصناعة اليدوية، مؤكداً الحاجة لمنمنمات الحجارة البازلتية قانعاً ذاته بهدف أن العالمية تبدأ من المحلية، إذ عمل على تجسيد المدرسة الكلاسيكية التجريدية، بثقافة انتمائية لصخور قريته وبلدته، فهو وإن بدا منشغلاً في الأفق الرحب، إلا أنه عاشق للألوان الطبيعية ذات النكهة المحلية، فهو مصور بارع يتصارع مع اللون حتى أصبح جزءاً منه، يتناغى معه بصوت شجي، محاوراً بين الشكل والمضمون، فهو انطباعي الفكرة، مدمجاً عصارة إبداعه بواقعية خاصة من بيئته
موقع eSwueda التقى الفنان التشكيلي "جمال العباس" أستاذ في كلية الفنون الجميلة بالسويداء وكان معه الحوار التالي:
** رغم إحساسي بأنني لم أكن في يوم من الأيام بخيلاً على نفسي بنشاطها وحركتها وحيويتها سواء في مجال تدريسي للفن أو نشاط معرض خاص، إلا أنني أشعر بأن رسالتي ما زالت غير مكتملة، ويعذبني طموحي الذي أشعر بأنه أكبر مني بكثير، لكنني أحاول وأفكر وأبحث عساني أصل يوماً ما إلى ما يطمئنني أن رسالتي كان فيها شيء يستفيد منه الآخرون، وتترك أثراً في الواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي، إضافة إلى كتاباتي التشكيلية فقد بدأت مبكراً، في اختيار العديد من المواضيع لتوسيع دائرة الذوق الفني، وأقول مبكرة في المحاضرات، إضافة إلى سعيي منذ تخرجي لتأسيس منتجعات فنية تخدم طالب الفن والمتذوق للجمال وطالب الدراسة.
** منذ البداية وحتى يومنا هذا أعتبر أن الإنسان الحضاري الذي يعمل ويساهم ويؤرخ هو هدفي، لذا جاءت جل أعمالي تتحدث عن هذا الإنسان بطريقة أو بأخرى فهو الحامل الحقيقي لما أستشعره من قيم جمالية ونهضوية وحضارية، وموجود في أعمالي بشكل دائم إن بواقعيته أو بتعبيريته أو برمزيته، أو حتى في التشكل اللوني المساحاتي فهو يبرز سريعاً أحياناً ويتوارى أحياناً، تاركاً أنفاسه أو رموزه، في معادلة لونية شغلتني منذ البداية، وجدتها في العديد من المواقع أوقفتني وجعلتني دائماً أبحث في صيرورتها، شروق الشمس، غروبها، السجاد، البسط، صبغ الصوف، والصناعات اليدوية، أتشارك مع تلك المواقع بألوان صريحة وحارّة، رافقتني هذه الألوان إلى يومنا هذا.
ورغم القلق والحيرة والكآبة التي تتنامى قبل الوقوف أمام لوحتي وقبل أن أتناول أدواتي أشعر بأن الفرج قادم عندما تولد لوحتي، فأشعر بأن الدنيا كلها لا تسعني، وأعتبر أن الحياة تستحق أن نعيشها وفيها من الجماليات ما يعجز المتابع عن تعداده، ولكن لا تكتمل هذه الجمالية إلا عندما يكون الفرد في حالة العطاء للآخر فهو يعلن من خلال هذا العطاء أنه حي يرزق ويستشعر وجوده جمالياً بنفس القدر الذي يستشعر فيه هذا الجمال عند الآخر ويساهم في توصيله إليه، أتألم وأصاب بالخيبة ولكنها لا تعمر في نفسي فهي سريعة الزوال عندما أذكر نفسي أن القادم سيحمل الأفضل دائماً.
** لي رؤية بالألوان رغم أن هناك العديد من النظريات لعل أبرزها النظرية التي أخذت تسميات معنية كاللون الأزرق إلى الصفاء، والأبيض إلى النقاء، والأخضر للربيع، والأحمر للثورة والدماء، إلا أنني أخالف هذه النظرية، وقد كتبت في هذا المجال الكثير أن اللون دلالة أساسية في الشعور الذاتي، فما الذي يمنع أن تكون لوحتي عن الربيع جل ألوانها بالأحمر، وربما كان اللون الأسود وهو لون حيادي ومستقل يشعرني بالفرح ولا يشعرني بالحزن أو التشاؤم، ودليل أن المجتمعات ترتدي الأزياء السوداء تعبيراً عن الحزن، بينما المجتمعات في أفريقيا تعبر عن حزنها باللون الأبيض، بيد أن المجتمعات الأخرى تفضل اللون الأسود بشكل عام على باقي الألوان، واختيار اللون ذائقة ذاتية.
ويغذي هذه الرؤية المخالفة للطبيعة الفيزيائية للون مثلاً اللون الأبيض يعطي البرودة ولكن عندما تجد إنساناً ما يرتدي لباساً أبيض في فصل الشتاء وربما أثناء الثلج لا تستغرب لأن هذا الشخص يشعر بدفء خاص يعيش في داخله يهزم البرودة الخارجية، أي هناك شعور نفساني خاص.
تجدر الإشارة إلى أن الفنان "جمال العباس" بدأ معرضه الأول في سبعينيات القرن الماضي، أقام أكثر من ثلاثين معرضاً خاصاً وفردياً وجماعياً وثنائياً، إضافة إلى معارض خاصة تشاركية في خارج القطر في "الجزائر، قبرص، بلغراد، موسكو، برلين، ليبيا، الاردن، قطر، لبنان" وهو أول من أسس قسم الرسم في فرعي الطلائع والشبيبة وعمل مدرساً فيهما مجاناً، وأول من دعا إلى ملتقى النحت الدولي في السويداء، وبانوراما بازلتية بأضخم مقاس من صخور البازلت.