آمن بالمسرح واستسلم لسحر الأضواء على هذه الخشبة التي يعرف جيداً أن أعمدتها حامل أساسي للفن، فلم يكن "معن دويعر" ليبتعد عن هذه الساحة ليبقى المسرح لديه صورة دائمة التجدد للحياة وليقول باختصار «هذا المسرح هو حياتي ...».
مع مجموعة من الشبان كانت البداية فمن وجهة نظره كانت "السويداء" أرضا خصبة أنتجت جيلاً عشق اللعبة المسرحية وتغلغل بها، هذه الحالة تحدث عنها المخرج والفنان "معن دويعر" لموقع eSuweda كصفحة من تجربة سنقرأ فصولا رسمها معه أساتذة مسرحيين ورفاق الدرب.
أنا من جيل "معن دويعر" وقد عملنا في أعمال مشتركة كثيرة لكنه كان مدربا ً لي في عدة مفاصل أثرت على تطوير طاقتي التمثيلية، لأدخل من خلاله على عالم الارتجال على المسرح وكيف يمكن للممثل أن ينتج عملاً مسرحياً بطريقة الارتجال، لأن "معن" أتقن هذا الفن ولازال الدارس والمتابع الذي يعشق العمل المسرحي على أرضية ثقافية عالية تجعله من المخرجين القادرين على إنتاج نص مسرحي متطور بمادته وبمؤديه
وبما أن المسرح يقتضي رؤية جماعية تعتصر فيها تجربة الفريق فإن المخرج "طلال الحجلي" يظهر أهمية تعاطي "معن دويعر" مع العاملين في المسرح وقدرته على تقبل النقد والاستماع وقال:
«كان اللقاء الأول مع "معن دويعر" في عمل اسمه "سيرة الحب " حيث تابعت العمل بدعوة منه وكانت لي بعض الملاحظات التي كانت بداية للحوار بيننا، وما لفت نظري أنه يستمع للآخر باهتمام ويتجاوب مع الملاحظة والنقد مادام هذا النقد يصب في مجرى العملية الإبداعية، في هذه اللحظة شعرت أنه ينتمي للشريحة المبدعة التي تحمل هاجس يومي للعمل للتجديد للبحث، رغم أنه لازال في مرحلة الشباب لكنه من وجهة نظري يمتلك فكراً منفتحاً على الآخر خاصة الكتاب والمسرحين، ويفضل متابعتهم والاستفادة من تجاربهم وهذا الحديث عنه كمخرج، وفي مجال التمثيل الذي يتقنه "معن" فقد كانت لنا أعمال مشتركة وكان صاحب البطولة في أعمال مسرحية أخرجتها منها"طبيب رغماً عنه" وبشكل عام فمن يعمل مع هذا الشاب يلاحظ بحثه الدائم في محاور الدور والتفاصيل وكيف يجمعها ليخلق النموذج والشخصية التي يرغب أن يقدمها للآخر هذا الاهتمام من وجهة نظري يؤهل لظهور الفنان والمخرج القدير».
و"معن" الذي رافق جيل من الشباب الحالم بمسرح جميل قارب بين منابع الحياة الثقافية والاجتماعية التي هيأت لدخولهم لهذا العالم النابض بالحياة وقال: «لا أحد ينكر على محافظة "السويداء" ما وصلت إليه من تطور ثقافي وفكري انعكس بشكل أو بآخر على الحياة الاجتماعية التي كانت مورداً قريباً من وجهة نظري لكل الفنون والآداب، فكيف لا نعشق المسرح ونحن أبناء مجتمع كانت مدرسته "المضافة" التي كانت تشكل المصدر الإعلامي والثقافي لكل من يرتادها فقد كنا أطفالاً نرافق الكبار ويكفي أن تسرد حكاية واحدة بالطريقة الشعبية والمتداولة لتعرف أن هناك طقساً فريداً، فأنت إذا ما أصغيت ستلاحظ أن من يتحدث ضمن هذا الحشد يمتلك الجرأة والقدرة وفي المحيطين أدب الإصغاء والاستماع، وكنت أشعر أن جمهور المسرح يقارب هذا الجمهور، وكانت فرصة التعاطي مع المجتمع نوع من التعليم والتدريب على الحوار والحديث بصوت جهوري والتواصل معه، ومن خلال المحاولات الأولى التقيت برواد المسرح في هذه المحافظة لأنضم لهم كممثل في عام 1986 ومن هؤلاء الأساتذة "طلال الحجلي" و"عادل عبيد" و"بنيامين حميدان" وشاركت بعدد من الأعمال المسرحية التي بدأت مع الشبيبة واتحاد العمال والمسرح الجامعي ومن ثم ونقابة الفنانين ومديرية الثقافة والمسرح الجوال والمسرح القومي ومن هذه الأعمال "قضاء آدم " "وجبل السنديان "و"المفتش العام" و"الدكتاتور" و"سلالم" و"حامد بيك" وعدد كبير لا مجال لطرحه لكن هذه الأعمال نلت على جزء كبير منها جائزة أفضل ممثل وهذا ما جعلني أكثر التصاقا بهذه الخشبة لأطور تجربتي في التأليف والإخراج».
عن هذه التجربة يضيف "معن دويعر" بقوله: «لازلت ممثلاً لأنني أؤمن بأن القراءة الصحيحة للتمثيل تولد موهبة الإخراج، ولأنني أرى أننا نلتقط خيوط الحياة مما نقدم من شخصيات ونصوص لامكان لها إلا المسرح وعلى الرغم من أنني شاركت في عشرات الأعمال التلفزيونية منها "رايات الحق" "كلاكيت" "قرن الماعز" "سيف بن ذي يزن" و"حاجز الصمت" وغيرها وفي مجال السينما بفلمين هما: "الهوية" و"الطحين الأسود"، لكن حلمي لازال هنا على خشبة هذا المسرح الذي بدأت منه، لأتحول لفكرة التأليف والإخراج هذا المجال الذي شغلني وأعددت نفسي للخوض فيه لأنه بالنسبة لي محور جديد أطمح لتجسيده بكل ما جاور أحلامي لسنوات طويلة فقد ألفت وأخرجت عدة أعمال منها : "أسأل روحك "و"سلمى" و"درس خاص" و"هوى شرقي" وغيرها تلك الأعمال التي اشعر أنها مرحلة أولى لتجربة أنتظر منها الكثير، وليبقى المسرح محور أولي لعلاقتي مع الفن، وما تنوع المشاركات مع التلفزيون والسينما إلا بهدف تأمين نوع من الاستقرار المادي الذي يدعم وجودي على خشبة المسرح خاصة في هذه المحافظة التي كبر فيها جمهور المسرح بشكل متوازي مع تطور الأعمال التي جعلت هذه الخشبة مضاءة لعدة مواسم خلال العام الواحد وهذا ما يجدد الأمل فينا ويدفعنا لتقديم الجديد للجمهور الذي ينظر العروض المسرحية».
الارتجال على المسرح تجربة خاضتها الممثلة "فادية أبو ترابي" مع "معن" المخرج والممثل بقولها: «أنا من جيل "معن دويعر" وقد عملنا في أعمال مشتركة كثيرة لكنه كان مدربا ً لي في عدة مفاصل أثرت على تطوير طاقتي التمثيلية، لأدخل من خلاله على عالم الارتجال على المسرح وكيف يمكن للممثل أن ينتج عملاً مسرحياً بطريقة الارتجال، لأن "معن" أتقن هذا الفن ولازال الدارس والمتابع الذي يعشق العمل المسرحي على أرضية ثقافية عالية تجعله من المخرجين القادرين على إنتاج نص مسرحي متطور بمادته وبمؤديه».
الجدير بالذكر" أن"معن دويعر" من مواليد "السويداء" 1969وهو عضو نقابة الفنانين في سوريا ورئيس فرع نقابة المنطقة الجنوبية لنقابة الفنانين وعضو مؤسس لفرقة مديرية الثقافة للفنون المسرحية في "السويداء" وأكثر أعماله المحببة تلك التي يقوم من خلالها بالإشراف الفني على دورات إعداد ممثل للتقدم للمعهد العالي للفنون المسرحية وإعداد كوادر ترفد الفرق المسرحية في "السويداء".