«حين التقيته لأول مرة لم أفكر بأنني سأحمل في نفسي انطباعاً خليقاً بالمشاهدة عن أعماله، لكن رؤيتي تبددت عند رؤيتي الأولى لأعماله الفنية، التي وقفت أمامها ورفعت قبعتي لها احتراماً ولتلك الموهبة».
الحديث كان للفنان التشكيلي "كرم حيدر" عضو نقابة الفنانين التشكيليين في "السويداء" لموقع eSwueda وتابع بالقول: «لا شك بأن موهبة الفنان الشيخ "مروان نواف عزي" فطرية، وهي منظمة باتجاه ثقافي، لأنه قارئ للتاريخ والعلوم تحمل الصبغة الروحية وأهمها الملاحم، وبالتالي في كل عمل من أعماله تراه يغرز فيه حدثاً، أو واقعة، إذا ما حاورته تجد فيه فلسفة خاصة، لها مقوماتها الثقافية، وبعُدها الروحي، جمال الفكرة لديه دلالة الجمالية كونية، عكست بإصراره في أن تدخل الخلق والإبداع من نوع مختلف، في التعامل مع الخشب والجذر بدل البازلت أو الأحجار، كما هم النحاتون، يرسمون فكرتهم في تخييل باطني ويطبقونها على واقع ملموس، إلا أن الفنان "عزي" تراه عاشقاً للميل نحو رؤى انبعاثية في جوهر حياة الأشجار وجذورها بعد موتها، لعله يطرح أسئلة ما العبث الإنساني؟ وماذا يفعل الإنسان بالطبيعة؟».
إن أعمال الفنان الشيخ "مروان نواف عزي" تشير إلى أن الطبيعية هي المعلم الأول للإنسان منذ الأزل، وطالما تفاعل معها وتعلم منها وشكل ما يريد من مجسمات مستوحاة من عناصرها، مضيفاً عليها ما يراه مناسباً مؤكداً توافقه مع الطبيعة بعفويتها وبدائيتها الغنية بحرارة الحياة وشغبها، وهنا نرى نحاتاً فطرياً تناول ما لفت نظره من جذور الأشجار وجذوعها وأغصانها أيضاً، وأخذ يتحاور معها مؤكداً ما حاولت الطبيعة أن تقوله بعفوية ومباشرة، فشكل أعمالاً ذات قيمة فنية مميزة معتمداً على معرفته وثقافته الخاصة
ويتابع الفنان "حيدر" بالقول: «إن عبث الإنسان وقطعه للأشجار وهي الحياة، ليستمتع بقوته، مسخراً حطامها ناراً للتدفئة الخاصة به تارة، ولأغراض غير جمالية تارة أخرى، هي محض تصرف خاطئ ومبعث لإحباط ذات الإنسان الذي يحمل الجمال، لكن الفنان "عزي" يقف أمام أعماله التي بدأ بنمنماتها البسيطة يصنع حكايا وحيوات أخرى، ربما لم نجدها في الروايات التخييلية أو في عالم السرد، ليكون رائداً في النحت الخشبي، والحالة الانطباعية التي يحملها تحتاج إلى دراسة معمقة لتقديم رؤى موجزة عن أعماله الجميلة، كذلك هو يطرح أسئلة في أعماله بعد إنجازها، إذاً هو يسأل قبل العمل وبعده».
ولدى مشاهدة بعض من أعمال الفنان الشيخ "مروان عزي" أوضح النحات الدكتور "سمير رحمة" نائب عميد كلية الفنون بالسويداء بالقول: «إن أعمال الفنان الشيخ "مروان نواف عزي" تشير إلى أن الطبيعية هي المعلم الأول للإنسان منذ الأزل، وطالما تفاعل معها وتعلم منها وشكل ما يريد من مجسمات مستوحاة من عناصرها، مضيفاً عليها ما يراه مناسباً مؤكداً توافقه مع الطبيعة بعفويتها وبدائيتها الغنية بحرارة الحياة وشغبها، وهنا نرى نحاتاً فطرياً تناول ما لفت نظره من جذور الأشجار وجذوعها وأغصانها أيضاً، وأخذ يتحاور معها مؤكداً ما حاولت الطبيعة أن تقوله بعفوية ومباشرة، فشكل أعمالاً ذات قيمة فنية مميزة معتمداً على معرفته وثقافته الخاصة».
وفي رؤية فنية انتمائية للسنديان عبر أمين سر نقابة الفنانين التشكيليين بالسويداء الفنان "نضال خويص" عن علاقة أعمال الشيخ "عزي" بالبيئة المحلية قائلاً: «حين شارفت جذور السنديان على الاحتضار سارع بأدواته التقليدية البسيطة، لعله يفعل شيئاً حيالها، فحولها بنباهة وفطنة إلى مخلوقات وديعة تنبض بالحياة وتتناغم ألوان عروقها في كتلة نحتية بعيدة عن التكلف تلامس البيئة الشرقية بكل محتوياتها، وعندما جنحت تكويناته إلى التشخيص جعل الجذوع الخشبية تنتصب برشاقة ورصانة وتحولت في بعض سطوحها إلى وجوه في حالة تعبيرية توحي بالكثير من المشاعر والانفعالات، وتحيي في ذاكرتنا ذائقة بصرية متميزة للفنان "مروان عزي" النحات الممتلئ حباً للجبل والسنديان والذي أراد أن يصوغ قصيدته بعفوية وبلا مفردات لغوية فصارع ظروفه القاسية حتى انبثقت تماثيله الخشبية لتريح جسده المنهك وتبهج روحه التواقة إلى خلق الجمال وبكل إصرار ومحبة».
ولدى سؤال الشيخ الفنان "مروان عزي" عن ولادة موهبته بيّن بالقول: «منذ بدأت بمطالعة الكتب التراثية الدينية والفلسفية، وما تحمله من مدارس فكرية وإبداعات وانبعاثات روحية في تكوين صناعة الموجود وتجسيده ليكون جزءاً من المكون الكلي للوجود، تأمل ملياً بالحياة أن ليس في هذا الوجود شيئاً ولد من لا شيء، بل يمكن صناعة أشياء وأشياء باستخدام العقل، والإنسان يملك خاصية من هذا العقل، وفي لحظة إبداعية عندما كنت عائداً إلى منزلي، شاهدت مجموعة من العاملين في جمعية أصدقاء البيئة، يقطعون جذور الأشجار المترابطة مع بعضها، فكرت في توحدها كيف يصنع منه عمل يجعل ذلك التوحد فكرة جمالية، مستذكراً نظرية الفيض والإبداع، إن الإنسان ينطوي على العالم، بالإشارة "للمعري" بقوله: "وتدعي أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر"، من هذه الفلسفة الوجودية، وتعمقي بالطبيعة الحزينة التي عاث الإنسان بها تخريباً جراء التقدم الصناعي والتقني، تسللت موهبة الفن التشكيلي إلي وهي لم تبلغ عقدها الأول، ولكوني من محبي الفن منذ الصغر، كانت الفرصة مواتية، بالتعامل جذر الأشجار وشعرت بإن البيئة وجدت لحماية الإنسان وعلينا المحافظة عليها، الأمر الذي جعلني أنقل تلك الجذور والتي قدر وزن بعضها بأكثر من 300 كيلوغرام، وبدأت بصناعة أشكال فنية فيها مبتدئاً بالمنمنات الصغيرة وصولاً إلى حجم كبير منها».
وحول اختلاف التعامل مع جذر الأشجار بين ما تحت الأرض وفوقها والعلاقة الفارقة بينهما أوضح الشيخ الفنان "مروان عزي" بالقول: «عندما نشتم الهواء النقي نشعر بقيمة الحياة، وبالتالي علينا أن نجسد ما في داخلنا من العواطف والشجون عبر الفنون التي تعكس ثقافتنا ومحليتنا، إن طبيعة جبلنا تتميز بوجود أشجار السنديان القديمة، ويصل متوسط عمر تلك الأشجار إلى قرن أو أكثر ومنها إلى أكثر من ألف سنة، وهي تمتد بجذورها في قاع الأرض مكتسبة الديمومة والحياة، والالتصاق والتماسك، وبالتالي الجذور التي فوق الأرض تتعرض للهواء، وتعرضها يفقدها خاصية التماسك ولهذا نراها متفرعة، بينما الجذور التي تحت الأرض ملتصقة ومتماسكة مع بعضها بعضاً، لذلك حاولت استغلال ما يقوم بفعله الإنسان في تخريب الطبيعة بقلع جذور الأشجار إلى أشكال فنية خاصة، أبعث فيها الحياة مجدداً وتحمل رسالة إنسانية جمالية تعبر عن مكنوناتها، دون استخدام أدوات كهربائية بل مواد تقليدية وهو "الإزميل الخشبي"».
وعن أعماله الفنية ومشاركته في المعارض بين الشيخ الفنان "مروان نواف عزي" بالقول: «هناك قطعة خشبية من الجذور بلغ وزنها 300 كيلوغرام، الأمر الذي جعلني أبحث في موسوعة "غينيس للأرقام القياسية" لأجد مكاناً لتلك القطعة، حيث وجدت سلحفاة وزنها 100 كيلو غرام، لكنني قمت بنحت سلحفاة بقطعة خشبية واحدة بلغ وزنها 150 كيلوغراماً، وهناك أكثر من مئة عمل موجود، ولدي طموح بأكثر من ذلك بكثير، أما عن مشاركتي فقد قدمت مواد فنية لخمسة معارض، وشاركت بأعمال عدة ذات طبيعة صامتة بعضها وبعضها الآخر متحركة في المعنى والفعل، وسعيت إلى نحت مجموعة تحمل دلالة، إذ قمت بنحت عمل بوزن 3 غرامات، ولغاية 300 كيلوغرام، وهذا ما جعلني أبحث أكثر في عظمة الوجود والتوازن الطبيعي والبيئي الذي يجب أن نحافظ عليه، أو تحويل تلك الجذور إلى إبداعات جمالية تعكس إرادة الإنسان، يقيناً مني إذا ما أراد استخدام عناصر الوجود في تأمل الموجود لإثبات وجود الخالق بجمالية صنعه وخلقه لفعل الإنسان المعجزات بعلم الجمال الطبيعي الذي هو جزء من جمال الخالق، على حد قول "أفلاطون": "إن الجمال على الأرض هو صورة من جمال المطلق أي الله"».
يذكر أن الفنان الشيخ "مروان نواف عزي" يهتم بجمع الكتب الفلسفية والتاريخية والدينية وأسس مكتبة قوامها يزيد على 1000 كتاب يطالع فيها بشكل يومي..