ربما كانت المصادفة أن يتم الاجتماع بين الموسيقار "فريد الأطرش" ومطرب الرجولة "فهد بلان"، ليس لأنهما ينتميان إلى منطقة واحدة في جنوب سورية "السويداء" فحسب، بل لأن هناك مفارقات واضحة فيما بينهما ليجتمعا معاً بطريق فني واحد ورحيلهما بيوم واحد.
فقد أوضح الملحن والمطرب "فوزي عليوي" لموقع eSuweda قائلاً: «ولد الموسيقار "فريد الأطرش" في قرية "القريا"، وولد مطرب الرجولة "فهد بلان" في قرية "الكفر" والقريتان لهما تاريخ نضالي قويم، والمفارقة هي أن "فريد" جاء في عصر العمالقة، وزاحمهم بفنه وتمرد بإبداعه على نمطهم التقليدي في التلحين، أما "فهد" فقد كسر حاجز التقليد في أداء الأغنية الشعبية وأخرجها من الرتابة المسرحية الثابتة في زمن العمالقة أيضاً».
ولد الموسيقار "فريد الأطرش" في قرية "القريا"، وولد مطرب الرجولة "فهد بلان" في قرية "الكفر" والقريتان لهما تاريخ نضالي قويم، والمفارقة هي أن "فريد" جاء في عصر العمالقة، وزاحمهم بفنه وتمرد بإبداعه على نمطهم التقليدي في التلحين، أما "فهد" فقد كسر حاجز التقليد في أداء الأغنية الشعبية وأخرجها من الرتابة المسرحية الثابتة في زمن العمالقة أيضاً
وتابع: «هناك مفارقات أخرى لا بد أن نتطرق إليها، وهي أن "فريد الأطرش" أضاف شيئا من شخصيته في المونولوج والطقطوقة والأوبريت السينمائية والقصائد والأغنية الشعبية الدارجة، والعزف على آلة العود الذي تفرد به وبأسلوبه في العزف، وجعل آلة العود آلة محاورة للأوركسترا كما في "حكاية غرامي" التي قدمها في "تركيا" ونال عليها جائزة أفضل عازف عود في العالم عام 1962، ما دفع المعلم الكبير "مدحت عاصم" أن يقول في عزفه عندما استمع إليه مصادفة في معهد "فؤاد الأول": «هو "أمين المهدي" في حلاوته، و"رياض السنباطي" في رقته، و"فريد غصن" في مقدرته، إنه عازف من طراز خاص، جمع الحلاوة والقدرة والرقة في ريشة واحدة».
ويقول الموسيقار "رياض السنباطي": "إن الملحن الذي لا يجيد العزف على العود بمهارة، ولا يساعده خياله الموسيقي على الارتجال- التقاسيم- لا يمكن أن يكون ملحناً».
أما "فهد بلان" فقد استطاع أن يبتدع لوناً جديداً في الغناء العربي، ويقدم الآهات المغناة بتدوين موسيقي، ليعمل على رسم شخصية و"كركتر" خاص بفنه وذلك حينما وقف على خشبة المسرح ولوح بمنديله وكتفه، وقد ساعده على ذلك طبقات صوته في "القرار" و"الجواب" بمساحة واسعة وبالتالي يسهل على أي ملحن التعامل معه، ما دفع سيدة الغناء العربي "أم كلثوم" أن تقول فيه: "إنه مغنى ،ولون، وأداء جديد في الغناء العربي".
ظريف لبنان الفنان "نجيب حنكش" لقب "فهد بلان" بمطرب الرجولة، كذلك أدباء وكتاب كالأديب "شوقي بغدادي" الذي قال فيه: من هو المطرب الذي يمكن أن نسمّيه سوريّاً حقاً بعد رحيل فهد بلان، من يملك صوته وأصالته وموهبته وقدراته الخُلقية والفنية الفطرية على اختراق الأوساط الفنيّة العربية جمعاء دون أن يضحي بشيء من أصالته؟»..
المفارقة الجميلة أن "فريد" اقتبس من تراث المنطقة الجنوبية في عدد من ألحانه، كذلك "فهد بلان" في غالبية أغانيه حتى أنه عندما رحل كان قد غنى "غالي علينا يا جبل".
والمصادفة أكثر شجوناً أن يلتقيا في رحيلهما بيوم مشترك إذ رحل الموسيقار الخالد فريد الأطرش مساء يوم الخميس في السادس والعشرين من شهر ديسمبر كانون الأول عام 1974، أما مطرب الرجولة فهد بلان شيع جثمانه يوم الجمعة الموافق في 26 ديسمبر كانون الأول 1997 عن عمر يناهز لكل منهما الرابعة والستين.
والجدير بالذكر أن الفنان "فوزي عليوي" هو من مواليد قرية "الصورة الكبيرة" ملحن وعازف عود ومطرب، يدرس على آلة العود في المعاهد الموسيقية له عشرات الألحان والقصائد المغناة حصل على جوائز عديدة، وأيضاً يشارك الفنانان في فائهما.