"ورد الشام، نازك، زهر القاضي، سلمى البني" وامرأة بدوية من العرب الرّحل، كن النساء الخمس اللاتي يردن نبع الماء، وتلاشت أجسادهن بقنابل الطيران الفرنسي ليصبحن أولى شهداء الثورة السورية الكبرى.
عن تلك الواقعة التاريخية بتفاصيلها تحدث الباحث المهندس "كمال العيسمي" عضو لجنة جمع تراث الثورة السورية الكبرى لموقع eSuweda قائلاً: «المرأة العربية لم تكن بعيدة عن المشاركة في معارك الثورة وربما كانت باكورة الشهداء أمام قافلة ممن روت دماؤهم أرض الوطن، ولعلها في العصر الحديث لم تأخذ حقها في تدوين أفعالها البطولية، فهي المناضلة والأم التي تملأ الحنايا بعطفها وحنانها وتنثر بعبيرها أريج الحب والسعادة وترسم الابتسامة على وجوه أبنائها وتضحي من أجلهم، وهي المربية والمعلمة والفاعلة في تنمية المجتمع، والحادثة جرت أثناء معارك الثورة إذ توقع الثوار من فرنسا تتبع تحركاتهم واستطلاعها وإرسال العيون خلفهم لمعرفة أماكن تواجدهم، وحين فاتها النجاح في إيصال خبر تغيير مكان تجمع الثوار، أرسلت الطائرات الفرنسية التي شاهدها الناس لأول مرة، وحين رأت تجمعاً لم تفرق بين رجال ونساء على برك الماء التي تكاد تكون ناضبة بسبب العوز الشديد للمياه في تلك السنة الشحيحة الأمطار فقصفته ظنّاً منها أنه التجمع المطلوب قصفه، لكن من قصفتهم كن نساء وربما لتشابه غطاء الرأس الأبيض بين الرجال والنساء، فجرح الكثير، وسقطت خمس نسوة شهيدات، وشاهد الناس وعانوا لأول مرة إرهاب قنابل الطائرات، وما تفعله المتفجرات من دمار وأشلاء، فقد تطاير اللحم البشري والتصق على جدران المنازل المجاورة. والشهيدات هنّ "ورد الشام ونازك وزهر القاضي وسلمى البني" وامرأة بدوية من العرب الرّحل، وكن أول دم سقى أرض الوطن في الثورة السورية وفاتحة شهدائها. بعدها غادر "سلطان الأطرش "إلى الأردن».
علمت من والدي أن جدتي "زهر" كانت ترد على عين الماء حين قصفت الطائرات الفرنسية القرية واستشهدت بالإضافة لها أربع نساء، كن باكورة شهداء الثورة السورية الكبرى من بدء انطلاق الثورة عسكرياً وإسقاط طائرتين في قرية "عرمان" حيث نزلت إحداهما في قرية "امتان"
ومن أحفاد الشهيدة "زهر القاضي" بين السيد "جمال القاضي" قائلاً: «علمت من والدي أن جدتي "زهر" كانت ترد على عين الماء حين قصفت الطائرات الفرنسية القرية واستشهدت بالإضافة لها أربع نساء، كن باكورة شهداء الثورة السورية الكبرى من بدء انطلاق الثورة عسكرياً وإسقاط طائرتين في قرية "عرمان" حيث نزلت إحداهما في قرية "امتان"».
وعن دور المرأة في القتال بين الباحث "زيد النجم" قائلاً: «هناك العديد من النسوة اللواتي قدمن بطولات حقيقية إضافة للواتي استشهدن قبيل الثورة، منهن على سبيل المثال المجاهدة "ترفه شاهين المحيثاوي" التي أخذت تطلق النار تارة من متراس شقيقها بعد أن كسرت ساقاه بشظايا الطيران الفرنسي، وتارة من متراس والدها بعد إصابته بست وثلاثين طلقة في جسده حتى تم إعلام الثوار ودحر الحملة الفرنسية في معركة "أرض الحطب"، وهناك "أم حمد بستان شلغين" التي باعت مصاغها ورهنت أرضها وباعت مئة رأس من أغنامها لتشتري ذخيرة وسلاحاً للقادمين من لبنان لمساندة الثوار فهدم "أندريه" القائد الفرنسي منزلها كي لا تكون قدوة لغيرها وحاول مفاوضتها للتراجع عن موقفها مقابل بناء منزل لها فأجابته ويدها خلف ظهرها لرفضها طلب مصافحتها قائلة: "قل لسيدك ما وقفت هذا الموقف من أجل بلدي كي أتراجع عنه.. ولا يمكن أن أمد يدي لعدوي"، فصعق من صلابتها وأدى لها التحية العسكرية، وقال لها: "لابد أنك جان دارك العربية"».
وعن حادثة زوجة المجاهد "سلمان حمزة" ونضالها بيّن الباحث "تيسير حمزة" قائلاً: «تجاوز نضال المرأة في جبل العرب حدود الجغرافية المحلية والعادات والتقاليد فهي لم تلتزم منزلها بل استطاعت أن تكون القدوة والنموذج الإنساني فهي الأم والزوجة والأخت، ولعل التاريخ سجل العديد في مدوناته عن دورها في ساحة القتال وصمودها في معارك الثورة السورية الكبرى، منها جدتنا وهي زوجة المجاهد "سلمان حمزة" فهي عملت على تضميد جراح الثوار القادمين من المعارك وآخرها في معركة "المسيفرة" حتى إن الدماء بللت ثيابها لكثرة ما ضمّدت من جراح.
وبعد ان أدت واجباتها الإنسانية خرجت لتسأل عن شقيقها وأولادها الخمسة حاملي الراية "البيرق" فأجابها الثوار والدموع تملأ المقل باستشهادهم جمعياً في معركة "المسيفرة"، عادت إلى المنزل لتجد زوجها التي كانت تضمد جراحه قد فارق الحياة أيضاً، فوضعت رأسها على صدره وسلمت روحها لخالقها، في حينها أسرع المجاهد الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" ليلقي نظرة على الشهيد وزوجته عندها قال: "إن هذه المجاهدة تستحق أن تسمى خنساء القرن العشرين بجدارة"، ودوّن هذه الحادثة في مذكراته إضافة للعديد من الأمثلة».