الكاتب والأديب "باسم عبدو" هو عضو في اتحاد كتاب العرب ومدير تحرير جريدة النور، يعمل إضافة إلى أنه راوٍ وقاص ناقداً مرهف الحس في نقد الأدبي.
يذكر الناقد الدكتور "عاطف بطرس" بتاريخ 10/7/2008 أن الأديب "باسم عبدو" يجيد النقد الأدبي بلباقة الأديب وشاعريته، وهو من الأدباء النشيطين في الإنتاج الأدبي، يتميز إنتاجه بأنه قريب إلى الواقع المنسجم مع حياته وواقعه، وهو يتقن كتابة القصة والرواية بروح تحمل المعاصرة، يحمل الصور البيانية والمفاجئة في قصصه، يتعمد الاستعارة بحرفة، وإيقاعه الهادئ يساعده على التقاط الصور الجميلة في معالجة القصص بحبكة فنية.
وبين القاص "رياض طبره" أن الأديب "باسم عبدو" هو واحد من الأدباء الذين عاشوا معاناة الفقر وظلم الحياة واستفاد من تجربته، حتى كوّن خطاً إبداعياً في قصصه ورواياته وبالتالي لم يكن مبتذلاً، بل عاشق حقيقي للحياة ولكن بروح المثقف الواعي المتزن الذي يعرف ماذا يختار وكيف يختار جملته وأدبه.
موقع eSuweda زار الأديب "باسم عبدو" ومعه أجرى الحوار التالي عن حياته وأدبه:
** قبل شهرين من نكبة حزيران/48/أي في /16/ آذار عام/1948/، كانت الصرخة الأولى، وتفتحت عيناي في فضاء قرية تتوسط بين حوران وجبل العرب اسمها "خربا" التابعة منذ ثلاثينيات القرن الماضي إلى محافظة السويداء، أنتمي إلى أسرة فلاحية فقيرة تتألف من صبيين وخمس بنات، وأنا أصغر إخوتي، وفي ذاك الزمن منذ ستين عاماً كانت الأرض المصدر الرئيسي لحياة الناس في قرى لا تعرف الكهرباء، ويشرب أهلها الماء المجمع في برك إضافة إلى القهر الذي يمارسه "الإقطاع الصغير" وإذا أمطرت السماء حصد الفلاحون الحبوب والعدس والحمص والشعير، وتزوج من كان ينتظر سنوات الغلال والخير، وإذا أمحلت تأجل الزواج إلى سنة أو أكثر، وقريتي كغيرها من قرى جبل العرب وحوران، بيوتها من الحجر البازلتي لكونها منطقة بركانية، أما شجرة الكينا العملاقة في بيت جارنا فهي الوحيدة الصامدة منذ أكثر من قرن في كل حينا... ضخمة وعالية... تتجمع العصافير صباحاً على أغصانها وتغني لنا، تبشرنا بالندى في صيف يتلظى بالحرارة والشقاوة والتعب... والفلاحون ينهمكون في الحصاد ونقل المحصول على الجمال، والدرس في البيادر.
أنهيت المرحلة الابتدائية في مدرسة القرية... وكانت مدرسة موزعة في غرف مستأجرة في بيوت متباعدة عن بعضها، وتابعت تعليمي: الصف السابع في السويداء والثامن في درعا وبعدها في الثانوية الأهلية بدمشق.
** لم أعاصر حياة الفقر وحياة العوز كإخوتي.. كان والدي (1900-1965) لا يملك من الأرض شبراً واحداً، كان يملك قوة الجسد، كان متعلماً ينظم القصيد ومثقفاً على مستوى (الكتاب المقدس) مناقشاً لرجال الدين من أشباه الأميين.
عمل والدي في "المرابعة" عند الملاكين، وكان حصاداً ماهراً، يقارع وحيداً سنابل القمح، ولا أحد في المنطقة يجاريه في الحصاد، بأجره تؤمن في سنين الخير المؤونة للبيت من الملبس والبرغل والطحين... وإذا كان الموسم سيئاً يشد حزام الرحيل وينطلق في اليوم التالي لانتهاء الموسم مشياً إلى فلسطين للعمل في البيتون والعتالة.
تمرد والدي على الإقطاع صاحب الملكية الكبيرة من قرية "عرى" المجاورة لقريتي وكان يملك/14/ فداناً (الفدان يساوي 250 دنماً) في إحدى المرات عندما نهره وضربه على ذراعه بالبارودة الفرنساوية، فكُسرت البارودة وبقيت ذراع والدي سليمة، وبدأ يلاحقه ليدفعه ثمنها، لكن هذا لم يحصل.. فكتبت أول قصة "الحصاد القسري" ثم أبدلت العنوان إلى (الأخمص الخشبي) وهو عنوان المجموعة الأولى.
** في دمشق كان رحيل والدي بعد مرضه بتصلب الشرايين، فباع المحصول والماعز وبقرة وحيدة، واشترى لنا منزلاً بخمسة آلاف ليرة في حي الطبالة عام 1965 لكن بعد تسعة أشهر مات، وقبل انتقال والدي إلى دمشق كنت أسكن مع أخي الذي كان من المتفوقين في الشهادة الثانوية (الأول على دفعته في درعا والسويداء) ولم يتم إيفاده إلى مصر لدراسة الخدمة الاجتماعية بسبب الانفصال، فافتتحت الوزارة معهداً عالياً درس فيه أربع سنوات وكان يتقاضى راتباً جيداً آنذاك، ونسكن في غرفة في منطقة الشعلان وهو الذي أرشدني إلى المركز الثقافي بأبي رمانة، فأمنت خمسة ليرات عند مسؤول المكتبة وكنت أتردد إلى المركز وأقرأ الكتب الأدبية والثقافية.
** نعم وأنا في نهاية المرحلة الإعدادية، فأنجزت قراءة كتب لجبران ونعيمة والمنفلوطي وروايات السوريين وعرب، وهكذا علماً أنني لم أستوعب تماماً هذه الكتب لصغر سني، ولكني اكتسبت معرفة تخزنت وحملت لي الفائدة الكبيرة... وتابعت هذه المسيرة في المرحلة الثانوية، وفي العام الدراسي 1967- 1968 حصلت على البكلوريا، وتابعت تعليمي في جامعة دمشق- كلية الآداب- قسم الجغرافيا وتخرجت عام 1975، كتبت أول قصة عام 1968 ونُشِرت في مجلة (الرافقة) التي صدر منها أربعة أعداد فقط، بعد أن تخرجت، تزوجت.. أنتجت رواية بعد تسريحي من الجيش بعنوان (جسر الموت) وكان يسمى (الجسر الواطي)، ونشرها اتحاد كتاب العرب عام 1997، وهكذا وبعد جهود وتقديم عدة مسابقات رفضت فيها، كان حظي الذي لا يقدر بثمن أنني نجحت في مسابقة المدرسين وعينت في الحسكة (تل تمر) وبقيت هناك عامين مدرساً لمادة الاجتماعيات.
من أعماله الأدبية:
صدر له أول كتاب (مجموعة قصصية) بعنوان (الأخمص الخشبي) عام 1991، ومجموعة ثانية بعنوان (وجه وقمر) عام 1992 وقبل عضواً في اتحاد الكتاب عام 1993، ثم صدرت رواية (ألوان قزحية) عام 1994، ورواية (جسر الموت)1997، عن اتحاد الكتاب ومجموعة (الصفعة) عام 1999، ومجموعة قصصية بعنوان (دائرة الضوء) عام2000 عن اتحاد الكتاب العرب، ثم رواية (احتراق الضباب) عام 2003 عن دار نينوى، ورواية (زهرة في الرمال) عن اتحاد الكتاب عام 2006، ومجموعة قصص (اعترافات) عام 2006، وقصص (لا يموت الأقحوان) عام 2008عن اتحاد كتاب العرب.
وقد نشر في الصحف المحلية والعربية (الكفاح العربي- الخليج- النداء- السياسة الكويتية- مجلة الكويت وغيرها) حوالي سبعمئة مقالة وقصة قصيرة وزاوية ثقافية حتى تاريخه، شارك بعشرات الأمسيات والمهرجانات والندوات النقدية في المراكز الثقافية السورية وفروع اتحاد الكتاب في المحافظات السورية أيضاً، حصل على الجائزة الثانية في مسابقة نقابة المعلمين عام1994 والجائزة الأولى في مسابقة "ماجد أبو شرار" عام 1999، عمل أمين سر جمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب العرب لعامي 2005-2006 وهو الآن مدير تحرير جريدة النور منذ عام 2006.