يخوض جيل الشباب العاشق للتراث تجربة في إثبات شخصيته أمام الجيل المخضرم المعاصر لأحداث ماضية والذي من شأنه توثيق المرحلة السابقة بإبداع أدبي بأنواعه وأشكاله، والأهم أنه يسعى لتكريس ذلك الموروث الشعبي بإتقان استخدام أدواته كالعزف على آلة الرباب ومنهم الشاعر الشاب "سعيد جابر" الذي احب الرباب لأنها تمثل له التاريخ والتراث.
الشاعر المخضرم والمعمر "نواف أبو شهده" تحدث لموقع eSuweda قائلاً: «أتقن جيلنا العزف على الرباب لأنها الآلة الأكثر انتشاراً في الأوساط الاجتماعية، وهي معبرة عن شجون وهموم المجتمع، والناقلة للأحداث، من خلال قصائد التي كنا نغنّيها للشعراء الذين دونوا ووثقوا المرحلة الماضية بأمانة وصدق، واليوم ومع تقدم العلم بمجالاته كافة، من يهتم اليوم بآلة الرباب هم قلائل، ولهذا عندما استمعت إلى الشاب "سعيد جابر" شعرت بأن هذه الآلة تحيا من جديد على أيدي الشباب الذين يحملون الحب والاحترام لتراثهم الأصيل ويتقنون الأداء المميز بأصوات معبرة تصل للمستمع بالشكل المطلوب والمعاصر، و"سعيد" واحد من هؤلاء الذين يسعون إلى تكريس تلك الآلة وطرحها على الساحة الثقافية العربية والمحلية بلغة ولهجة ولحن معاصر، فهو يحاول أن يحسن أداء اللحن محاولاً البراعة في العزف كاستخدام التكنيك في الآلات الموسيقية الوترية».
يعتبر الشاب "سعيد جابر" من الشعراء الشباب الذين يتقنون أداء الكلمة الشعرية الشعبية بأبعادها الفكرية والثقافية والاجتماعية، ويستطيع أن يؤدي الشعر الشعبي بأوزانه وبحوره دون كسر فيه، مع حضور مميز في المحافل الاجتماعية والشعبية، وأن معظم قصائدي وصلت لكثير من أبناء المجتمع بأدائه، فهو من جيل الشباب المحافظين على قيم التراث الشعبي وأصالته، وفي سهراتنا التراثية أصبح حاضراً بثقة وجدارة
وعن إتقان "سعيد جابر" لأداء الشعر الشعبي أوضح الشاعر "هايل مهنا" قائلاً: «يعتبر الشاب "سعيد جابر" من الشعراء الشباب الذين يتقنون أداء الكلمة الشعرية الشعبية بأبعادها الفكرية والثقافية والاجتماعية، ويستطيع أن يؤدي الشعر الشعبي بأوزانه وبحوره دون كسر فيه، مع حضور مميز في المحافل الاجتماعية والشعبية، وأن معظم قصائدي وصلت لكثير من أبناء المجتمع بأدائه، فهو من جيل الشباب المحافظين على قيم التراث الشعبي وأصالته، وفي سهراتنا التراثية أصبح حاضراً بثقة وجدارة».
الشاعر الشاب "سعيد جابر" بيّن بالقول: «أنا أنتمي إلى قرية لها في تاريخنا المعاصر المواقف الإنسانية والاجتماعية والإبداعية، حيث نبغ منها باقة من الشعراء الذين شكلوا رقماً في شعرنا الشعبي وهي قرية "امتان"، كانت ولادتي عام 1974 إذ بعد أن درست في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية والمعهد الصناعي، لأب يعد القهوة المرة يومياً في مضافته، ويرداده كبار السن ليتداولوا الشعر الشعبي والأحاديث القديمة التي جرت في القرن الماضي، في هذا الجو الشعبي التراثي نشأت لتبدأ علاقتي مع الفن عن طريق الخط العربي، منذ صغري أحببت التراث الشعبي والأهازيج الشعبية بألوانه وأنواعه مثل "الجوفية والحداء وقصائد الفن، وخاصة عندما يؤدى على آلة الرباب التي تشعرني بالحنين إلى الماضي الأهل والأجداد، في جو مملوء بالحماس الإبداعي شكلت مجموعة من الشبان التي تهتم بالتراث وقرض الشعر الشعبي، واستطعنا أن نجد لأنفسنا حضور ضمن المضافات العربية في الجبل، من خلال السهرات الشعرية التي نمت مواهب إبداعية عديدة بتقييم القصائد والأداء للقصائد القديمة والحديثة الوطنية والغزلية والاجتماعية والوجدانية منها، ونتيجة حبي للتراث الشعبي بحثت في دفاتر الشعراء لتوثيق العيون منها واستقي منها في تعريفي للسهرات التراثية، بعد أن أصبح في مخزون ذاكرتي أكثر من مئتي قصيدة لأقدم أكثر من خمسين شاعراً وكل شاعر يتقدم بأبيات مختلفة».
وعن بدايته بالعزف أوضح قائلاً: «قدم لي أحد الأصدقاء الرباب هدية، وعندما زارني الشاعر "نايف أبو دقة" وشاهدها أصر عليَّ لأعزف وقدم لي يد المساعدة بذلك، ومن حبي لها وإصراري على التعلم بدأت عزف بعض الألحان، ونتيجة السهرات الاجتماعية المتكررة التي كان يحضرها الشاعر المخضرم "نواف أبو شهده" الذي يعتبر من أهم الشعراء الشعبيين والعازفين على آلة الرباب، كنت أتابع عزفه وألحانه التي يغنيها ويؤديها بصوته الجميل، محاولاً أن أستقي تلك الألحان بالطريقة التي يعزف بها دون المساس في طبيعية اللحن، حتى عزفت أمامه لأول مرة، شجعني وطلب مني الاستمرار لصقل هذه الموهبة، كنت أقوم بزيارته بين الحين والآخر لاستفيد من ألحانه الجديدة، ولما بدأت أفرض نفسي في السهرات الاجتماعية كان رفاقي هم أول المشجعين لي حتى استطعت تقديم مجموعة من القصائد التراثية غنائياً في سهراتنا الاجتماعية ولعديد من الشعراء، الأمر الذي دفعني إلى أن أحفظ أكثر من مئتي قصيدة في الشعر الشعبي والفصيح».
ولدى سؤاله حول عزفه على الرباب والفرق بينها وبين آلة الكمان أوضح قائلاً: «الأمر الذي دفعني أن أتعلم العزف على الآلة الرباب، أنها تحمل قيم وتاريخ البيئة الاجتماعية التي انتمي إليها، وتساهم في توثيق والتدوين الأحداث والوقائع في تاريخنا المعاصر، وتكريسها الفنون التراثية بأنواعها المختلفة، كما وجدتها آلة موسيقية يمكن لها أن تكون حوارية بين الآلات الأخرى كالكمان على سبيل المثال إلا أنها أكثر حضوراً في الأوساط الاجتماعية والشعبية، فهي من الآلات التي يصعب العزف عليها لأنها لا تحمل سوى سلم موسيقي واحد إما بطبقة القرار أو الجواب، وبالتالي أنغامها محدودة الطبقة الصوتية، بينما الكمان لها أربعة أوتار ويمكن أن يجول العازف بين المساحات والطبقات الصوتية، خاصة أنها في الأصل آلة غربية وأصبحت شرقية بعد أن أدخلوا عليها التعديلات اللازمة لتتضمن الأرباع الموسيقية وتصبح شرقية، لكن الرباب آلة عربية الأصل والمنشأ وهي تحتوي على وتر واحد وعازفها إن لم يملك المهارة والبراعة في العزف لا يستطيع تقديم الألحان عليها وبشكل خاص الفلكلورية منها، ولها خاصية عندما تؤدى عليها ألحان الشروقي أو الهجيني ترى من يستمع إليها ينصت لكلمات أشعارها ويمعن بألحانها لأن أغلبية الألحان وليدة المناطق البيئية المحلية، وعلى سبيل المثال عندما نقول عن لحن الزوبعي في الشعر الشروقي نقوله لأنه ينسب إلى قبيلة زوبع، كذلك الغياثي، أو العماري، الخ، وأرى أنها وحدت بين القبائل العربية في الماضي والحاضر، والكمان تدرس ضمن مناهج تعليمية بالمعاهد الموسيقية لكن الرباب لا يوجد لها معاهد تعليمية، ولهذا فهي آلة تحمل علاقة وجدانية خاصة بينها وبين من يعزف عليها».
يذكر أن الشاعر "سعيد جابر" له إسهامات في المراكز الثقافية حول التراث الشعبي، وهو عضو في جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث.