هو وعد قطعه الراحل "صلحي الوادي" للأستاذ "معين نفاع" عندما كان طالباً في العام الأول في المعهد العالي للموسيقا، بأن يؤسس معهداً في "السويداء" ويسلمه إدارته بعد تخرجه.. وهو الذي أدهشه بتعلمه العزف على آلة صعبة مثل التشيللو بمفرده ودون مدرس.
ومع مرور الأيام بدأت الفكرة تترسخ لدى الراحل "الوادي" وهو يرقب تميز أبناء "السويداء" وتمكنهم من أدواتهم في العزف والغناء بشكل فردي، ليقابل محافظ "السويداء" آنذاك للحصول على الموافقة لتأسيس معهد موسيقي يعمل على صقل مواهب أبناء المحافظة وتنميتها، وبالفعل تقرر إنشاء معهد موسيقي في "السويداء"، ثم نهضت فكرة لدى مديرية المعاهد الموسيقية بافتتاح معهد في كل محافظة ليكون معهد "فريد الأطرش" في محافظة "السويداء" هو الثالث بعد معهدي "دمشق" وحلب".
البيانو.. لأني لم أتعلم العزف جيداً على الكمان وأشعر بأنه صعب
موقع eSuweda زار المعهد والتقى عدداً من طلابه ومدرسيه في الحوار التالي:
"وليد الشعار" من مواليد عام 1995م قال عن انتسابه للمعهد: «بدأت الاهتمام بشكل فعلي بالموسيقا منذ عامين، ما دفعني للتعلم على آلة البيانو، اتبعت عدداً من الدروس الخصوصية لمدة عام وتابعت تعلم المقطوعات بمفردي، وعند افتتاح المعهد تم قبولي في السنة الثانية مباشرة، والآن أتابع دراستي. حيث أعطاني المعهد فرصة ثمينة لمتابعة دراسة الموسيقا وزيادة خبرتي في عزف البيانو، فأنا أدرس في مدرسة المتفوقين ولم يكن الوقت الذي أخصصه للتدريب على العزف قليلاً نسبياً، ولكني الآن أخصص وقتاً أكبر ما يعود عليّ بالفائدة أكثر».
أما عن طموحه للمستقبل؟ فأضاف: «أطمح لدراسة الهندسة وستبقى الموسيقا هي هوايتي التي أحبها كثيراً وأعمل على تطوير مهاراتي فيها باستمرار».
أما "علاء الجمال" من مواليد عام 1992م، لم يتقدم للانتساب في المعهد لأنه تجاوز السن المسموح به، ولكنه يتواجد بشكل مستمر في المعهد للتدريب وعنه قال: «والدي عازف كمان وهو الذي شجعني على تعلم العزف، اتبعت عدداً من الدروس الخصوصية ودرست على يد الأستاذ "معين نفاع" مدير المعهد حالياً، وأنا دائم الزيارة للمعهد وأتدرب مع زملائي ورفاقي المنتسبين تمهيداً لفحص المقابلة في المعهد العالي للموسيقا».
الأستاذ "معين نفاع" تحدث عن افتتاح المعهد وشروط القبول فيه قائلاً: «تم افتتاح معهد "فريد الأطرش" للموسيقا في "السويداء" في 26/10/2009 وبدأت الدراسة فيه في 14/2/2010.
يتم القبول في المعهد بقرار من لجنة القبول وقرار من مجلس المعهد بعد نجاح الطلاب في الاختبار الذي تجريه اللجنة، فقد تقدم للمعهد بعد تأسيسه 402 طالباً وتم قبول 190 طالباً، وانتقل ثلاثة طلاب من أبناء "السويداء" من معهد "صلحي الوادي" في "دمشق" لمتابعة دراستهم هنا، ليصبح عدد المقبولين 193 طالباً فقط، وهذا ما فرضه علينا ضيق المكان.. لو كانت مساحة المعهد أكبر وعدد الغرف فيه أكثر لاستقطبنا عدداً أكبر من الطلاب، ومن لا يتم قبوله لا يكون بالضرورة غير موهوب، ذلك لأننا نستقبل الأكثر تميزاً بين المتقدمين».
أما عن كيفية توزيع الطلاب وعدد ساعات الدراسة، فأضاف: «يقبل الطلاب من عمر السابعة إلى الثانية عشرة، والذين يعزفون على الآلات الموسيقية، يدخلون في السنة الأولى للدراسة، وباقي الطلاب الذين لا يجيدون العزف فيتم استقبالهم في المرحلة التحضيرية، وهناك من دخل السنة الثانية نظراً لتميزه.
يبدأ الدوام في المعهد متزامناً مع دوام المدارس، لكن بما أنه افتتح في الشهر العاشر فكان لابد من تعويض الطلاب عما فاتهم من دروس، لذلك نقوم بالتدريس حالياً في فصل الصيف.
يوجد في المعهد خمس غرف، ويدرس فيه 17 مدرساً، لكل مدرس حصة درسية مدتها نصف ساعة، ولكل طالب ثلاثة دروس أسبوعية يتم تحديدها بالتنسيق بين المدرس والطالب، تم استقطاب معظم المدرسين من خارج المحافظة للتدريس في المعهد بموجب علاقات شخصية مع مدرسي المعهد رغم الأجور الضئيلة التي يتقاضونها».
وعن الصعوبات تابع قائلاً: «العائق الوحيد والذي يحد من تطورنا والنهوض بمستوى عملنا واستقطاب أكبر عدد من مميزي المحافظة، هو ضيق المكان وقلة عدد الغرف المخصصة للتدريس، فأنا كمدير فتحت غرفتي لإعطاء الدروس بشكل دائم، ولا يوجد غرفة مخصصة للمدرسين فقط، كل الغرف يتم استخدامها للتدريس، كما نعاني من مشكلة عدم وجود مستخدم، فنحن كمعلمين نخصص أسبوعياً ثلاث أو أربع ساعات للقيام بأعمال التنظيف الضرورية».
مدة الدراسة في المعهد خمس سنوات وهناك معايير يتم اتباعها للطلاب المتميزين لمتابعة دراستهم، وقد تحدث عنها الأستاذ "معين" بقوله: «بعد دراسة خمس سنوات يحق للمتخرج بمعدل 80% من المرحلة الأولى أن ينتقل إلى المرحلة الثانية ومدتها أربع سنوات، والمتخرج من هذه المرحلة بمعدل 90% ينتقل إلى المرحلة النهائية ومدتها (سنتان) والمتخرج منها بمعدل 95% يحق له دخول المعهد العالي للموسيقا من دون فحص مقابلة.
تدرس في كافة الآلات الموسيقية باستثناء الآلات الكهربائية، آلات الأوركسترا كاملة وآلات التخت الشرقي والتي هي "الناي والقانون والبزق والعود والرق" إضافة إلى الغناء الشرقي، وقد أقام المعهد حفلتين موسيقيتين كنوع من النشاط الفني للطلاب واحدة في المركز الثقافي العربي في "السويداء" عزف فيها ثلاثون طالباً والثانية أقيمت في النادي البيئي بقرية "عرى"».
يتم إعطاء الدروس في المعهد للأطفال بحضور أولياء أمورهم، وقد التقى موقعنا من الأهالي السيدة "رولا شقير" مدرسة لمادة "الرياضيات" ووالدة الطفل "رشيد شقير" 8 سنوات قالت: «جاء افتتاح المعهد فرصة ذهبية لاستقطاب المواهب الفنية والموسيقية وبمختلف الأعمار وصقلها وتوجيهها بالاتجاه الصحيح، لاحظت أن ابني "رشيد" ومنذ طفولته لديه حس موسيقي وتذوق فني يبدو جلياً عند استماعه لأي مقطوعة موسيقية وللأغاني التي نسمعها باستمرار مثل أغاني "فيروز" و"أم كلثوم" وغيرهم.
أحببنا تطوير مهاراته منذ الصغر وتم تسجيله في المعهد من عمر 7 سنوات وبدأ العزف على آلة البيانو لمدة عام كامل، وحالياً هو في عامه الثاني ويتعلم العزف على آلة الكمان».
"رشيد" العاشق للموسيقا أجاب عن سؤالنا: أياً من الآلتين أحبها أكثر؟ ببراءة وعفوية: «البيانو.. لأني لم أتعلم العزف جيداً على الكمان وأشعر بأنه صعب».