بدأت أرى عدداً من الشعراء الذين أحبهم يتراجعون بسرعة بعد أن بلغوا سن الشيخوخة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الشاعر الذكي هو من يستثمر فترة شبابه بشكل كبير ويمتلك الشجاعة كي يتوقف عند عمر معين.
كلمات لطيفة ومعبرة أوصلها لنا الشاعر الدكتور ثائر زين الدين خلال لقائه مع موقع eSuweda في حوارنا الآتي:
البدايات دائما تتشابه، فمعظم الشعراء الموهوبين يبدؤون نظم الشعر مبكرا، ويكتبون الكثير من القصائد في سنوات الطفولة واليفاعة. أما بالنسبة لبداياتي فكانت مع القصة والحكايات في سنوات المدرسة الأولى.
ومن أهم المؤثرات في حياتي الأدبية هي الحب.. لقد كنت محاطاً بالحب في طفولتي رغم وضع أسرتي السيئ ماديا..
ولابد من الإشارة إلى ما يتعلق بقراءاتي تلك التي لم تكن موجهة أو مدروسة من قبل الكبار، ففي الصف الخامس مثلا قرأت (دعاء الكروان) ومازلت اذكر إلى الآن دهشة البائع حين سألته عن الكتاب والعروض البديلة التي قدمها لي.
لا أعتقد أن لشعري مستوى فنياً واحداً ولا يمكن أن يتحقق ذلك لأي شاعر. على ما اعتقد هناك قصائد عندي أحس بأنني أجدت فيها، وهناك قصائد أحبها مع أنها ليست الأفضل لدي، أما بالنسبة لكتابة الشعر الرديء فسأقول ما قالته الشاعرة الروسية مارينا سفيتايفا، حين سئلت سؤالا مشابها، قالت: (الشعر الرديء كالحصبة من الأفضل أن يصاب به المرء في الطفولة).
لقد قرأت الكثير من روائع الأدب الروسي من غوغول وبوشكين وصولا إلى ماياكوفسكي..
وحين سافرت إلى بلاد أولئك العظام وضعت نصب عيني هدف أن اطلع على تراث تلك البلاد ما استطعت وحين شعرت أنني أتقن الروسية بدأت أترجم بعض النصوص التي اخترتها، فأعجبني كثيرا عشق الكتاب الروس الطبيعة واكتنز أدبهم مفرداتها الجمالية كما أعجبني تشبع النتاج الأدبي لكتاب تلك البلاد بتجارب الحياة، أعجبتني قدرتهم على رصدها بكل تفاصيلها وإعلاؤهم القيم الإنسانية الخالدة في صراعها مع الإيديولوجيات المختلفة بمحدوديتها ومحاولتها الهيمنة على الذات الفردية!.
اعتقد، على الأغلب يتصاعد المنحني البياني لشاعرية الشاعر حتى نقطة معينة هي نقطة النضج وهي متفاوتة ومختلفة من شاعر لآخر، ما يؤلمني اليوم على سبيل المثال أنني بدأت أرى عددا من الشعراء الذين أحبهم يتراجعون بسرعة بعد أن بلغوا سن الشيخوخة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الشاعر الذكي هو من يستثمر فترة شبابه بشكل كبير ويمتلك الشجاعة كي يتوقف عند عمر معين.
الثقافة في السويداء بألف خير، وهي ناهضة بي ومن دوني، إن مجرد النظر إلى نسبة عدد الأدباء والشعراء والمثقفين (ولا أتحدث هنا عن المتعلمين) إلى عدد سكان الجبل يقدم لنا صورة جيدة عن حالنا الثقافي، فقد استطاعت المؤسسة فيما مضى من سنوات أن تلعب دور المنبر المفتوح لكل الأصوات الحريصة على تقديم ثقافة ديمقراطية جادة ومسؤولة هدفها البناء لا الهدم وستستمر المديرية بدورها هذا ضمن الخطط التي ترسمها وزارة الثقافة.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من سؤالك، فالتنسيق بيني وبين رؤساء المراكز الفرعية دائم، ونستعرض أسماء الأدباء والمفكرين الذين سنقوم بدعوتهم، والمعارض الفنية التي سنستضيفها والأفلام التي سنقوم بعرضها وما إلى ذلك.
هذه الفكرة قديمة جدا في وزارة الثقافة وقد عملت بها جميع المديريات في القطر.
وأحببت منذ تكليفي بهذه المهمة أن أعيد الروح لهذه الفكرة، إن أصدقاء المركز الثقافي في السويداء أو صلخد أو شهبا أو في المراكز الأخرى هم تقريبا الجمهور الدائم والمتابع للفعاليات كافة أو لمعظمها ولكونهم موجودين بهذه الصورة فلماذا لا نسميهم أصدقاء المركز، ولماذا لا نستمع إلى آرائهم ووجهات نظرهم واقتراحاتهم فيما يتعلق بالأنشطة التي نقدمها، وهذا شكل من أشكال ديمقراطية الثقافة.
كل ما أريد قوله: باعتقادي أن هذه المجموعة تعكس تطورا كبيرا في عملي على القصيدة من النواحي الفنية والتقنية والأسلوبية، وربما الفكرية أيضا.
وأرجو أن يرى القراء الذواقة فيها ما يحسن صورة الشعر والشعراء هذه الأيام. وكل عام وانتم بخير.
يذكر أن الدكتور ثائر زين الدين ولد في مدينة السويداء عام 1963 حصل على الإجازة في الهندسة الميكانيكية من جامعة دمشق كلية الهندسة. عمل مدرسا في المعهد المتوسط الصناعي في السويداء منذ 1986 – 1989 إلى أن أوفد عام 1989 إلى الاتحاد السوفيتي للحصول على الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية.
حصل على الدكتوراه في العلوم التقنية PH.D من معهد خاركوف البوليتكنيكي وعاد إلى الوطن عام 1993.
عضو في اتحاد الكتاب العرب ويعمل الآن مديرا لمديرية الثقافة في محافظة السويداء ومن إصداراته:
(ورد) مجموعة شعرية 1989 – (لم يجئ بعد المساء) شعر 1996 – (أناشيد السفر المنسي) شعر 1998 – (أبو الطيب المتنبي في الشعر العربي المعاصر) دراسة 1999 – (قارب الأغنيات المخاتلة) دراسة 2001 – (بين هاويتين) شعر مترجم 2000 – (الدوق وقصص أخرى– اوهنري) مجموعة قصصية مترجمة 1995. (مذكرات طبيب شاب) ترجمة (مشترك) 1995 – وأخيرا (في هزيم الريح) طبع نهاية 2003.