الزميل الصحفي "سليمان الدبيسي" يرى أن "رياض طبرة" كاتب يسير بخطا واثقة نحو التألق، فيظهر جلياً بيئته المحلية ومدى ارتباطه بموروثه الشعبي والتاريخي، ولا شك أن تجربته مع الحياة أكسبته قدرة فنية في معالجة النص الأدبي الذي يكتبه، كأنه يعيش حياة الناس من حوله.
ويضيف: عندما تقرأ نتاجه الأدبي تحس بتجربته الغنية التي تنبع منها قصصه، ويسعى إلى إظهار مكنون ذاته بما يحمل من شاعرية، فتراه تارة يكتب القصة وتارة يكتب ومضات شعرية، إضافة إلى إجادته في الكتابة الإعلامية، إذ تراه يؤكد في عدد من مقالاته انتماءه إلى جذوره الأصيلة.
موقع eSuweda خصّ الأديب رياض طبرة بهذا الحوار الجميل:
** لابد من وجود هذا التأثير على القصة من حيث النوع أو التصنيف، ولكن لا أدري إلى أي مدى يكون هذا التأثير قاتلاً بمعنى أن يفقد القاص القدرة على التمييز بين الخبر القصصي والقصة بشروطها الفنية وبنائها العام. مع التأكيد على أن القصة خبرٌ بالأساس يتم تناوله بطريقة قصصية قد تعمد إلى التهويل والمبالغة أو التشويق والإدهاش أو كل ذلك معاً.
** القصة القصيرة مساحة واسعة من الحدث المتناول ببنية فضفاضة لم تتفق الآراء حول هذا البنيان بعد أو هناك خروج عام عن المفهوم العام للقصة القصيرة وبنائها الأدبي... أما الالتزام فإنه غير وارد في إطار هذا الثوب الفضفاض الذي نلبسه للحكايا وطولها وقصرها.
** الاستطراد السردي علة من علل القص في زمن لم يعد قادراً على الإصغاء للمطولات والحشو واللغو وقد يكون من الصعب على القاص في المرحلة الأولى أن يتخلص من الاستطراد السردي فالإيجاز والتكثيف وإيصال الفكرة بأقل تكاليف ممكنة من الكلمة والعبارة والصورة غاية صعبة المنال على المبتدئين.
** هناك تجارب قصصية ظهرت في السنوات الأخيرة وفازت بجوائز وبعضها لم يفز، ولكنها شكلت تطوراً مهماً على الساحة الثقافية ولو أنها- وهذا أمر افتراضي- جاءت قبل عقود من الزمان لكان أصحابها من الرواد حقيقة لا مجازاً وهنا استشهد بقاصين ممن اطلعت على نتاجهما الإبداعي هما "نصر محسن" و"رسلان عودة"، وهذه الإشارة لا تعني عدم وجود شواهد كثيرة على ما ذهبت إليه...
** بعد القصة القصيرة من الطبيعي أن يتجه الكاتب إلى الرواية لأنه يكون قد وضع قدمه على الدرجة الأولى في السلم الأدبي، ولدي مشروع بأن أكتب الرواية بشروطها الفنية كما كتبها الرواد ولا أتعجل في ذلك، فقد اتجهت آنفاً إلى الشعر ربما لأنه كان حبيساً في الصدر وآن له أن يظهر على بعض السطور.
** هناك تأثير إيجابي للعولمة يجب أن نتمسك به ونعمل على جعله الأصل في التأثير والتأثر، فليس كل ما جاءت به العولمة رديء وسيئ ويرمي إلى اقتلاع الهوية الثقافية.
العولمة لا تقتلع إلا من لا يقف على أساس متين من الهوية والانتماء، وهي قديمة لكن سطوتها في ظل عالم الاتصالات بدت أكثر تأثيراً.
أما السلبيات فهي في أن تكون ثقافتنا هشة قابلة للانكسار تحت أي تأثير مهما كان كبيراً أو صغيراً.
** لا أعيش لحظة غربة أبداً ما دمت أكتب، وبإمكاني أن أحقق المعادلة الديكارتية على هذا النحو: أنا أكتب إذاً أنا موجود...
والقصة تأتي للقاص كما القصيدة عند الشاعر تلح في الولادة، يبدأ المخاض عسيراً كما في كل الولادة، ولكن بعض القصص تهبط مكتملة وهذا لا يعني أنها لم تمر بمرحلة المخاض، ولكنه مخاض غير مرئي وهنا أدعو القصة بالثمرة الناضجة التي اكتملت على أمها، أما ما عدا ذلك فقد يكون ولادات بفعل الهرمونات، كأن يداهم الوقت القاص فيعمد إلى التعجل في إنجاز إبداعاته، ولا تخلو تجربة قصصية من هذا الاستعجال أو ذاك الاستسهال الذي يطغى أحياناً ويطفو على السطح ولو لأسماء معروفة في المشهد الثقافي المعاصر.
** هناك من يحاول زرع اليأس في النفوس، وهذا هو أخطر دور للكلمة يمكن أن يمارس، فإذا أضيف إلى عملية مدروسة للتشكيك بالهوية من الانتماء تكون الكلمة خنجراً مسموماً.
** الإعلام سلاح ذو حدين، هناك عبارة قد تكون مكررة وممجوجة من كثرة الاستعمال والترداد دون إدراك، ولأننا لا نجيد استخدام كل أسلحتنا نظل نتطلع إلى الاستخدام الأمثل ذلك أن جبهة الأعداء قطعت أشواطاً بعيدة في استخدام أسلحتها، والصحف تقوم بدور كبير في هذا المجال ولكن من يقرأ في الوطن العربي إذا كان هناك نحو/70/ مليون أمي ومثلهم من الأطفال؟.
الأديب "فرحان الخطيب" قال في رياض طبرة: القاص الصحفي رياض طبرة هو الإنسان الصافي، كشلال ماء الجبل، قطرات من الندى التي تعشقت أزاهير الوطن، سخّر اللغة لتكون عجينة متماسكة لمعاناة، وأي معاناة، فبدأت تنزاح ينابيع أفكاره جملٌ مشرقة كما يتمنى الحياة، وجمل تعب كما يحب أن يغادرها إلى فسحة أرحب».