«من الخطأ الشائع اعتبار أن كتابة القصة هي فن التدريب على كتابة الرواية، مع العلم أن فن القصة هو فن مختلف تماما عن فن الرواية، وليس غريباً أبداً أن يكون الكاتب المبدع لا يجيد الفنين معاً، "فنجيب محفوظ" مثلا كاتب وروائي كبير ولكنه لم يكن قاصاً كبيراً، و"يوسف إدريس" كان قاصاً موهوباً ورواياته متواضعة، وأنا لا أعتبر نفسي كاتب قصة ولكني أعتبر أي كاتب روائي».
هي إجابة الكاتب الكبير "خيري الذهبي" على الأسئلة التي وجهها له موقع eSuweda في لقاء خاص على هامش محاضرته التي ألقاها في المركز الثقافي العربي في مدينة "شهبا" الأربعاء 14/5/2008 والتي تمحورت حول رواية الكاتب العالمي "سرفانتس" وحواره الشيق مع "سيدي حامد" الشخصية التي ابتدعها الذهبي في حوار حول الشرق والغرب والآخر وهي التي ألقيت في فرنسا واسبانيا.
يقول الأستاذ "خيري الذهبي" إنه تأثر في حياته كروائي بالكاتب الروسي العظيم "ديستوفيسكي" من خلال قراءته المعمقة له، وهناك كتاب آخرون مثل "نجيب محفوظ" ولو بصورة اقل.
وعن علاقته بالتاريخ والإسقاطات التي يقوم بها في كتاباته قال: نحن امة مصابة بانفصام في الشخصية، ونحن أكثر الناس الذين نقول إننا صنعنا التاريخ، مع أننا لا نعرف إلا القليل عنه مثال "الخلفاء الراشدون" نحن نعرفهم فقط لكي نصوب إليهم الأخطاء، فنقول فلان أخطأ في كذا وكذا، وإذا انتقلنا إلى الأمويين عرفنا منهم ثلاثة خلفاء ونسينا الباقي وهكذا إلى أن يأتي عصر الاحتلال العثماني فلا نعرف عنه شيئاً كان التاريخ أسود حالكاً وغارقاً في الظلمة.
هذا الجهل المرعب في التاريخ شيء أصبح لا يحتمل، فنحن الآن ندخل في صراع الهوية مع الإسرائيليين ومع الأتراك ومع الإيرانيين، علينا أن نعرف من نحن وكيف نعيد تكوين شخصيتنا؟.
وقال: إن عمله الآن كمستشار في وزارة الثقافة ينصب على القيام بمشروع ضخم، هو عبارة عن آفاق ثقافية دمشقية وهي كتب تؤرخ لبلاد الشام قبل الإسلام وبعد الإسلام، وأول العصر المملوكي وآخره وقبل وصول الغازي "تيمورلنك" ومعه وبعده، والفترة "الإسماعيلية" وهي ليست كتب تاريخية معاصرة وإنما نصوص كتبت في حينها أي شهادات كتبت في ذلك الزمان وبعضها يكشف لأول مرة.
وأضاف: هناك كتاب سوف أصدره قريبا اجمع فيه مؤرخين: واحد شامي والآخر مصري، عن الغزوات "المغولية" وصولا إلى الأتراك والقرن التاسع عشر، حيث سأصدر كتابا لمؤلف فرنسي زار سورية عام 1926 وهو ينشر لأول مرة والمحاولة لسد الفراغ التاريخي في رؤوسنا جميعا.
وعن "دمشق" وماذا فعلت بنا قال: دمشق لنا جميعا هذا التاريخ العظيم الذي لا يوجد في أي بلد آخر في العالم إلا هنا نحن لسنا غرباء عن بعضنا بعضاً، نحن أهل بالدم والعقيدة فدمشق لنا جميعا.