من معين الإعلام والشعر وبعدهما السياسي والثقافي والاجتماعي، نهل الشاعر الدكتور "نضال قبلان" رسالة الإعلام ودوره، وإيقاع الشعر وأنغامه، في خطابه الإعلامي.
بتاريخ 24/6/2008 بيّن المحامي "عامر الخطيب" أن الدكتور "نضال قبلان" إعلامياً مميزاً بأدائه وحرفته لمهنة الإعلام فهو يعمل كصاحب رسالة ويهدف من رسالته تلك إلى ما يصبو إليه الإعلام، لذا جاء عمله مطابقاً لأهدافه وإنسانيته في عمله، بالإضافة إلى إتقانه لغة الإعلام بشاعرية فتراه يقيم علاقة ود واحترام بينه وبين ما يقدم من برامج، وعلى سبيل المثال "دائرة الحدث" الذي دخل عامه السادس وهو محافظ على رتابته واستمراريته بالإضافة إلى البرامج الأخرى التي قدمها على الفضائيات العربية.
وذكر الفنان التشكيلي "مجيد جمول": عرفت الإعلامي الدكتور "نضال قبلان" شاعراً فهو يجيد الكلمة الرقيقة المعبرة التي تحمل أكثر من بعدٍ فيزيائي وإنساني، وإيقاعه الشعري له أنغاماً خاصة ربما لأنه يحب الموسيقا ولهذا ترى القافية والجملة الشعرية متوازنة في شعره لكنه منغمس في بيئته المحلية إلى درجة أن الكم الأكبر من صوره ومفرداته اللغوية وتعابيره مستمدة من تلك المحلية لذا تكثر لديه الأنزياحات والدلالات الشعرية في إيقاع طربي حيناً وثوري حيناً آخر، فهو شاعر رقيق الحس والمشاعر وكثيراً ما يستخدم أسلوبه الشاعري في خطابه الإعلامي وقد يكون سبب نحاجه ذلك.
موقع eSuweda أجرى الحوار التالي معه:
** الشعر هو الأوكسجين الذي يتنفس به ومنه الشاعر لزوميات الحياة، والعلاقة مع الشعر مختلفة تماماً عنها مع الإعلام، لكن الشعر موجود في الإعلامي الشاعر، والمستمع الواعي يميز بين الإعلامي الشاعر وغير الشاعر، لأن لغة الإعلامي تتميز بالصور والتقطيع والإيقاع وطريقة تنفس مميز للإعلامي الذي ينظم الشعر، فالشعر هو موسيقا الكون، وروح الإنسان، وطريقة راقية في التعبير عن مكنونات النفس، العلاقة مع الشعر خاصة وقديمة ومتجددة.
** طبعاً الشعر ركن أساسي في الأدب والثقافة، وهو يتأثر بكل تطور، ونظراً للتحول الجذري الذي طرأ على مجتمعاتنا ثقافياً وفكرياً في الآونة الأخيرة فقد تأثر الشعر بهذه التغيرات الأمر الذي جعل بعض من الشعراء يمتطون صهوة التغيير ويحاولون تجييرها بشكلٍ إيجابي لكنهم قلة، والأغلبية انجرفوا مع تيارٍ قوي لعدم استعدادهم على هذا التغيير، وأعتقد أن الشعوب العربية عامةً، لم تكن تستعد لهذا الكم ولهذه الشراسة من التغيير وبالتالي فالشعر بعضه تأثر إيجابياً والآخر وقع في شبكة مفردات التغيير بسبب ثورة المعلومات والاتصال الجديدة والغزو الفكري الذي امتطى صهوة هذه الثورة التكنولوجية الجارفة.
** أنا لا أجد الوقت للعيش ليس مع الشعر فحسب بل مع عائلتي وأصدقائي كما أريد، لأن متطلبات العمل كبيرة إلى درجة تستهلك القسم الأكبر من الوقت والجهد الفكري والجسدي ولكن تبقى هناك نوافذ يدخل منها الشعر من دون استئذان بعض الأوقات، يدخل دون تهيئة، عندها تترك كل شيء وتتفرغ لهذا الزائر، متى تأتي اللحظة؟.. تأتي متى تريد ليس هنالك معايير علمية تحدد قدومها، قدوم هذا الزائر يحتاج للتفرغ إن لم يكن محبةً فرغماً عنك./ وابتسم ابتسامة لطيفة/.
** كل هذه مع بعض هو إلهام وإبداع وحالة راهنة، لا تستطيع أن تختصر الشعر بتعريفٍ واحد من هذه التعاريف، ولكنه ليس دائماً حالة راهنة، الحب هو المحرض الأساسي وقوة الدفع الصاروخية للشاعر، إذا لم يكن هنالك جرعة غير اعتيادية من العاطفة، تكون حباً أو فرحاً، أو حزناً، لا يمكن أن يكون الشعر صادقاً، لأنه انعكاس لحالة تفاعلية غير اعتيادية لأحاسيس ومشاعر لمن ينظمه وبالتالي إذا كانت الكتابة صادقة فهي دون شك انعكاس لحالة حب من نوعٍ ما.. والحب يتجرد بعضه في حالة الوعي وأن اللاوعي عند الشاعر هو اللاواعي الواعي، والشاعر يسعى أن يعيش حالة اللاوعي وهو بكل وعيه، ربما هذه خصوصيات الشعر والشاعر، وإذا أردت أن يكون الشعر نتاجاً لحالة اللاوعي، ولكنه لا وعي مدروس وليس عبثياً أو اعتباطياً، والحب يبقى القوة الأهم التي تقف وراء الكتابة الصادقة سواء أكانت شعراً أو أي نوع من الأجناس الأدبية..
** لا أستطيع القول إن الشعر هاجسي، ولا الإعلام هاجسي، بل أقول إن الإعلام أصبح رسالة، والتزاماً، وقيمة عمل، وهو حب، وإلهام، ولن تكون إعلامياً ناجحاً ما لم تحبه، خاصة في حالتي، لأنني في دراستي الجامعية لم أدرس الإعلام، بل درست الأدب الإنكليزي، ولكن أكملت الجزء الأخير من دراستي في الإعلام، أما علاقتي مع الشعر فهي عضوية، روحية، فكرية، تختلف بعلاقتها مع أي موهبة أخرى، أحس أنه نافذة الروح والقلب، ربما الإعلام أقرب إلى الهاجس، والشعر مزيج من الموهبة والعشق وفن التعبير عن المستحيل وهو أكبر من الزمان والمكان.
** الاثنان معاً حركتنا الأدبية لم تكن مستعدة للثورة التي حصلت، وكانت من أوائل الضحايا لهذه الهجمة الثقافية، وأعتقد هناك أزمة شعراء وشعر، فالاستسهال من قبل الكثير ممن ينظمون الشعر قد قوض سمعته العطرة على مر العصور، ومن يدرس أدبنا يعلم أنه أغنى أنواع الآداب، والشعر أثبت عمقه ورسالته، وحاليا من صعب أن تقرأ لشاعرٍ غير معروف، شيئاً، يستوقفك، ولكن تبقى هناك لمع إبداعية لها بصماتها.
** نعم هي النبض، والذاكرة، والقيم، والتجذر، والعلاقة مع الوطن، والأهل، ومصدر القوة في وجه عوادي الزمن، هي كل شيء، وقد استفدت منها في حياتي، وفي شعري، وفي شخصيتي، وفي التصاقي، في كل ما يعني ذاكرتي، ومشاعري، وهويتي.
** الشعر نعم، ينسجم مع شخصيتي لأن هواياتي الموسيقا والخط والرسم في فترة من الفترات لكن هواية تطغى على أخرى، ولأنني أحب كل ما هو إبداعي، أبحث دائماً عن آلة موسيقية تقليدية، أو مصنوعات يدوية أثناء مهماتي الخارجية، لكن الشعر أقرب إلى شخصيتي من الإعلام، ربما في الإعلام أجدتُ أكثر من الشعر، لكنني لا أستطيع الحكم على نفسي بل مؤمن أن الإعلام رسالة والسلاح الأهم في معاركنا وعندما نجيد استخدامه نغير الكثير في تكويننا الفكري والنفسي والمعنوي وله قدسية برسالته لهذا يجذبني نحوه، لأننا إذا كسبنا المعركة الإعلام استطعنا مواجهة التحديات كبلد وأمة، وما يربطني بالشعر شيء أكبر مني ومن إرادتي واختياري، شيء موجود في جينات البشرية التي تكون شخصية "نضال قبلان".
يذكر أن الدكتور"نضال قبلان" يشغل مديراً للقناة الفضائية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ورئيساً للجنة الفضائيات العربية، وشاعر له ديوان بعنوان /فراشات غجرية/ ومجموعة شعرية أخرى قيد الطبع.