«كتب بالحاسة المتقدة والعاطفة الدافئة!»، هذا ما قاله الطالب الدارس "وسام وهبي" لمراسل موقع eSuweda بتاريخ 21/2/2009.
وأضاف في دراسته حول الشاعر "فؤاد كحل": «رائع جداً أن تكون شاعراً تكتب بالحاسة المتقدة والعاطفة الدافئة والإلهام العبقري وأروع من هذا أن تجمع إلى حبر القلم مداد الدم والعرق والمعاناة فتكون شاعراً، ومقاتلاً يكتب بالكلمة والرصاصة!».
يا فجرَ كلّ ولادةٍ/ أمطر على أرواحهم/ وأشعل بقايا جمرهم/ وأبزغ على الأجيال راياتٍ/ فيشرقَ من توقدّها/ الحسام..
ويتابع في دراسه: «من خلال هذا التطلع، وعبر هذه المعاناة والتصور لمفهومي الكلمة والرصاصة ولد شعر المقاتل الشاعر الذي لم يفهم الحياة على أنها استراحة بين الميلاد والموت.. كما لم يفهم الشعر على أنه فيضان نفس طافتْ كأسُها بعد امتلاء هذياني بل أدرك الحياة على أنها ميدان عراك ونضال يومي حضاري وعلمي ميدان سباق مع الأجمل والأكمل والأروع...».
وحول أسباب اختيار الشاعر "كحل" يقول: «لم يلق الشاعر العربي السوري (فؤاد كحل) اهتمام الدارسين مع أنّه تجاوز العقد الخامس من عمره- ما خلا بعض الدراسات الجزئية التي لا تشكل دراسة مستقلة في إنتاجه- أما بقية الدراسات التي تناولته فقد كانت تتناول بعض الجوانب الفنية في شعره ضمن دراسات عن الشعر السوري قديمة وحديثة ولكن معظمها كان إعادة لما قيل في الشاعر هنا أو هناك وعن حياته وأعماله».
يقول "وسام وهبة": «هو شاعر عربي سوري ولد في محافظة "السويداء"- قرية "سهوة بلاطة" عام 1949، عضو في "اتحاد الكتاب العرب" منذ عام 1975، صدر له الديوان الأول بعنوان "صرخات للرقص العاري" عام 1974، والديوان الأخير بعنوان "مجَازُ البَجَعاتْ" عام 2006، وبينهما صدر له عشرون كتاباً منها شعراً "عصافير الدم"، "حصار الحب والموت"، "مجهولة الينابيع"، وكتابين نثريين هما: "منازل كوكب أزرق" من منشورات "وزارة الثقافة"– "دمشق"– 1995، والثاني صدر مؤخراً وهو بعنوان "في فلك الغموض والوضوح"– من منشورات "وزارة الثقافة"– "دمشق"– 2007.
وعن مكانته الشعرية يقول: «إن القارئ لشعر ونصوص "فؤاد كحل" يعي تماماً أنّه مبدع من مبدعي سورية وحالة بارزة من حالات الشعر العربي الحديث فقد كتب القصيدة العربية الحديثة بشقيّها: التفعيلة، والنثر. وتتناول الدراسة "تقنيات أو آليات بناء الصورة الشعرية" عند "فؤاد كحل" على الشكل التالي:
"الحركة الخارجية" ويعني بـ"الحركة" تلك الشعورية المتبادلة بين المبدع والمتلقي، اختراع المبدع لسكون اللقطة، وانفعال المتلقي ودهشته تجاهها، وبكلمة أدق هي نبض "الصورة الوصفية" عند الشاعر، فالصورة الوصفية تضج بالحركة ولها دورها الفاعل في إعادة تشكيل الموجود على أسس جديدة، ولها ظلالها الفاعلة في نفوسنا كمتلقين، وقد امتلأ شعر "فؤاد كحل" بتجسيد المشهد من خلال تفعيل اللفظة وتوليف الصورة الإبداعية المتخيلة حتى يشرك المتلقي في النظر العقلي إلى مشهد والتحديق فيه عبر مخيلته، ومن ذلك مقطوعة له بعنوان "قلب" ديوان "مجاز البجعات"(ص 5 ) يقول فيها:
«طيّرت قلبها امرأةٌ/ حام فوق ربيع القلوب وحامْ/ ثم حطَّ على غصنٍ مزهر/ لم يكن مدركاً/ لدغات الظلام/ فهوى فجأةً/ وهو لم يبتدئ بالغرامْ...».
إذاً نحن أمام "دينامكية الكون الشعري"، حيث أخذ من الجزيئات ليدير الحركة في الأشياء.. فالحركة، ركن هام من أركان تكون "الصورة الفنية" والشاعر هنا استفاد من كل ما يحرك الصورة ويفتح مغاليق الخيال.
"الجمع بين المتناقضات": إن تكوين الصورة الجديدة أصبح يرحب بالجمع بين المتناقضات ونجد في شعر "فؤاد كحل الكثير" من الجمع بين المتناقضات لتكوين "الصورة الجديدة" التي تعبر عن الأزمة الذاتية للشاعر وأزمة العصر الذي يعيشه الشاعر نفسه، يقول في قصيدة له بعنوان "مع النور" ديوان "مجاز البجعات" (ص 135): «لا أحد.. لا شيء/ إلاّ ويمضي كمجيئه في النور/ الحبُّ والكراهية والقلوبْ/ الموت والحياةْ/ الذكورةُ والأنوثة ُ والمواسم/ القبلُ والطعنات/ الولادات والأجساد والقبور/ الأغوار والشواهق....».
فالجمع بين الحبِّ والكراهية يجعل المعنى غنياً بعطائه المتجدد ومن ثم فهو يومئ في هذه الصورة إلى عجز الكلمة عن تبيان ما يحس به، وقوله "الولادات والأجساد والقبور"، "الأغوار والشواهق" يجمع بين الحياة والموت من جهة، وبين العزَّةِ والهوان من جهة أخرى وصولاً إلى الرمز المراد "الثورة والهدوء"– "التوتر والاستسلام"، فقد اختفت المعاني المستهلكة وأصبحت اللفظة مالكة القدرة على البث والإيحاء لأنها منحت نبضاً جديداً وساخناً من قبل الشاعر، ومما يضيف إلى المعاني ثراءً توظيف الشاعر للعناصر البيئية بحيث تعطي قصيدته بعداً جمالياً له خصوصية تدلنا على فهم الشاعر الدقيق لواقعه المعيش.
"الرمز والأسطورة": وعنه يقول الدارس: «إنهما يستحقان دراسة منفصلة، خاصةً أن نجاح الشاعر في استخدامهما بات دلالةً على عبقرية الشاعر ومقدرته الإبداعية وثقافته، وشعر فؤاد كحل يفيض بهذين النمطين الحديثين».
فهو- أي الشاعر- أحد القادرين على خلق رموز تتشكل عضوياً مع القصيدة وتتجاوب مع إيحاءاتها فلا تبدو وحدة مضافة خارجة عن سياق القصيدة، والشاعر يسعى لتخليص الرمز من "دلالته المعجمية" فعلى سبيل المثال كما في قصيدة "كحل" بعنوان "يقظة الشهداء" ديوان "مجهولة الينابيع" (ص 27): «يا فجرَ كلّ ولادةٍ/ أمطر على أرواحهم/ وأشعل بقايا جمرهم/ وأبزغ على الأجيال راياتٍ/ فيشرقَ من توقدّها/ الحسام..».
أما "الأسطورة" فقد أفرد لها الدارس بحثاً مستقلاً.