«تتميز مجموعة "لا يموت الأقحوان" للأديب "باسم عبدو" بحالتين ظاهرتين هما: طغيان الذاتية والألم الذاتي الواضح على بعض القصص، وثانيهما شيوع الهم الجمعي، المغمس بحس مأساوي يغلف القصص الأخرى»، الحديث للدكتور" غسان غنيم" أستاذ الأدب الحديث في جامعة دمشق لموقع eSyria بتاريخ 26/2/2009.
وأضاف بالقول: «إن المجموعة جديرة بالقراءة والتأمل، بما تمتلكه من سمات لغوية جيدة من حيث أدبية اللغة وبما فيها من فنيات جميلة في بعض قصصها كما في دفاتر الصباح مثلاً، حيث يعتمد القاص التقطيع الجيد الذي يستشعر فيه تقنية السينما فينجح في إعطاء قصته مزيداً من البناء القوي والفنية العالية، وعلى الرغم مما يشوبها من اختلاط بعض قصصها بفنيات الرواية إلا أنها جديرة بالقراءة والمتعة وتشي بقدرات مبدعها وتمكنه من فنه القصصي».
إن المجموعة جديرة بالقراءة والتأمل، بما تمتلكه من سمات لغوية جيدة من حيث أدبية اللغة وبما فيها من فنيات جميلة في بعض قصصها كما في دفاتر الصباح مثلاً، حيث يعتمد القاص التقطيع الجيد الذي يستشعر فيه تقنية السينما فينجح في إعطاء قصته مزيداً من البناء القوي والفنية العالية، وعلى الرغم مما يشوبها من اختلاط بعض قصصها بفنيات الرواية إلا أنها جديرة بالقراءة والمتعة وتشي بقدرات مبدعها وتمكنه من فنه القصصي
موقع eSyria التقى الناقد الدكتور"عاطف البطرس" وبين رأيه النقدي حول المجموعة بالحوار التالي:
** الانطباع الأول في مجموعة الأديب "باسم عبدو" "لا يموت الأقحوان" بعد قراءتها، التنوع السردي في نصوصها، وهذا يثير إشكالية "التجنيس"، ففيها تلوين حكائي يخضع للجنس الذي يكتبه المؤلف "الشكل وعلاقاته في تحديد المضمون" وعلاقة المضمون وحريته في اختيار أفضل شكل يعبر به عن نفسه "المؤلف"، الكاتب لم يذكر على غلاف المجموعة، وكما جرت العادة تحديداً للجنس الأدبي الذي يقدمه ألا ما جاء على الغلاف وهو للناشر "اتحاد الكتاب العرب" سلسلة القصة، إذ لن أدخل في متاهات المصطلح الأجناسي، لما فيه من تصنيف ومسطرة للنصوص لكن لابد من الاعتراف بخصائص تحدد هويته الأجناسية، وهي ثوابت فيه، وإن كانت خاضعة نسبياً للتغيير.
** لقد وجدنا في المجموعة ما يمكن أن نضعه في خانة "القصة القصيرة"، و"قصة قصيرة جداً"، لوجود مقاطع متناثرة وفيها كل مكونات القصة القصيرة جداً والتي لم ندخل في مغاليق تشكلها وشرعيتها، لكنها لون أدبي اكتسب شرعيته، وهناك خواطر وتداعيات سردية، وهي تتموضع بين القصة القصيرة جداً والبوح الشخصي "كأوراق بلا أسرار وبين القلب والذاكرة"، وهناك تداعيات منولوجية فكرية الطابع لصيقة بالمؤلف، وهي شكل من البوح أو النجوى، التركيز فيها على الدواخل "داخل النفس" مشبعة بالتجريدات أقرب إلى الخواطر، والقاسم المشترك أو الناظم للمجموعة على اختلاف تلاوينها السردية والاجناسية "هو اللغة" المختص به الأول لغة الكاتب في مجمل نصوصه تميل إلى تقانات الشعر، من تكثيف وإيجاز وانزياح وعمق وبعد في الدلالة والإثارة العاطفية العميقة "الانفعال" وتحتل اللغة مكان الصدارة، ومصادر البطولة عندما تضعف الحبكة الحكائية ويتراخى الحدث عندها تصبح اللغة وكأنها لم تعد وسيلة سردية وإنما تصبح هدفاً لذاتها، وهذا موضوع إشكالي بنائي في القصة وفي السرديات بشكل عام.
** ما نلاحظه على المجموعة، التفاوت الواضح بين قصصها فيما الجامع بين قصص "فردة حذاء، الصداع، وبين قصة أبو رضوان"، ودائماً أو حكاية "الشيخ عبد الله"، أنهما لنفس الكاتب مع اختلاف في المستوى، وقياساً إلى أعمال الكاتب نلمس تراجعاً للهم السياسي وبروز الهم الاجتماعي الإنساني، مع المحافظة على الهم القومي والتوحيد بين نضالات الشعب "الفلسطيني"، و"العراقي واللبناني" فالعدو واحد، كما في "سعد يعود إلى بغداد" والدلالة واضحة بين "سعد ابن أم سعد"، و"سعد العراقي" واللغة فنية، ولديه بروز فكرة الموت في أكثر من قصة متمثلة بالقبر والسؤال هل أصبح الموت يشكل هاجساً للكاتب؟ وهل هو قضية شخصية وجودية، أم دلالية سياسية اجتماعية يمكن تعميمها؟
فهو موت حضاري تاريخي، وما علينا ألا البحث عن القبر، يمكن أن نتوقف عن ظاهرة "الرصيف" كمكان في النصوص وسيرورة لتدافع الناس وحامل لهمومهم وشاهد على خذلان، والهجرة من الريف إلى المدينة التي عولجت في أكثر من قصة "هذا المساء، الرحيل، العقال" ليس بمقدورنا أن نتوقف عند القصص جميعها، وتقتصر على أهمها فنياً، مع الاعتراف بعدم مصادرة حق الآخرين في الاختلاف، والمشكلة ذائقة وثقافة، وليس صدفة أن تفوز قصة "فردة حذاء" بجائزة ففيها الكثير من التكثيف الدلالي السردي، وغنى الموضوعات وتداخلها فهي تعرض أشكال الاستبداد والطغيان والقمع وتصور شقاء الوالدين في البحث عن ابنهما المفقود، والسبب كما سنعرف هو رمسه "وردة حمراء" على سبورة الصف هذه الوردة التي أصبحت أخطر من قنبلة ذكية "الربط بين العدوان الخارجي والاستبداد الداخلي"، قصة "سعد يعود إلى بغداد" على ما فيها من فيض عاطفي وحمولة فكرية إلا إنها لفتة ذكية من الكاتب، "أم سعد" وحدة المقاومة وبشاعة العدو مهما تستر بمظاهر إنسانية" ، وإن كانت قصة "سعد يعود إلى بغداد" ارتقت إلى مستوى "فردة حذاء" من حيث البناء والدلالة، وتكاد تكون "الصداع" تنفرد بموضوعها فهي قصة نفسية تخرج من السرب "الاجتماعي السياسي النضالي، وحتى الشخصية وفيها استخدام التقانات القص ، التداعي، التذكر، مع الواقعية المكسوة بثياب غرائبية أسطورية "تموز" قصة لا شك متأثرة بالفرويدية وبتراجيديا حول مفاهيم الكبت والحرمان والإشباع التعويض التصعيد الحلمي "الهواجس والواقع" والكاتب لا ننسى انتماءه إلى الماركسية فهل خرج عن ماركسيته، أنه تطعيم وتلقيح مثمر للماركسية الفرويدية "الفن لا يعرف الانغلاق".
وفي "دفاتر الصباح" من القصص اللافتة في المجموعة، وتتميز بقدرة الكاتب على الإبهام بالواقع "العنصر السيري" واللغة السردية المخملية، وتجريد المعاني والأفكار واستخدام التداعي والتذكر، إضافة إلى مشاركة الرصيف كشخصية محورية في البناء السردي للقصة ثم الحلم وتوظيفه بالعودة إلى الواقع، العاصفة والشجرة المنتصبة "الدلالة والرمز" قصة شفافة شخصية إنسانية يتمازج فيها العام بالخاص بفنية ممتعة.
*ما جديد الأديب "باسم عبدو" في هذه المجموعة عن سابقتها من المجموعات؟
** في المجموعة عدد من النصوص تتداخل فيها المفكر به، المجرد مع المحسوس "الواقع مع الخيال" الوهم مع الحقيقة متجسداً في الحياة اليومية للكاتب، يتعالى المعيش مع المتخيل، ليشكل بناء فنياً سردياً، ولعل هذا جديد الكاتب "باسم عبدو" وإضافته الجريئة ومغامرته التجريبية في حوارية وتداخل المجرد والمحسوس وقصة في ذاكرة الليل، الحول: "بين القلب والذاكرة، ومحبرة ملأى بالأحلام" المثال على ذلك، بلا شك تكمن أهمية المجموعة في التجريب والخروج عن المواصفات والمحددات المسبقة.