على الرغم من حرارة الكلمات وتدفقها الانسيابي فرضت الشاعرات في مهرجان الشعر الثالث الذي أقيم في السويداء يوم الأحد، 12/4/2009 حرارة المناسبة كتحية لنساء "غزة وبغداد"، ولأن الشعر مرآة الأمة فلم تجد "مادلين اسبر" بداً من إلقاء التحية على طريقتها لتلك النساء القابعات في الأسر الكبير:
«أدون الزمان فتتكلم الصور/ وتخرج الأشياء من الجدران/ من بين سطور التاريخ/ تمضي أصواتنا/ ويبقى صداها/ كزنبقة على الأغصان».
قد أكون بحيرة بلا ملامح/ وأرضاً بلا قمح/ فكن رغيفي
وتابعت الشاعرة "وفاء دلا" تقطف من نسائم "قاسيون" ورداً لذلك الرحيل وكأنها تشبهه بالجبل الأسطوري الذي يحيي العشاق ويتستر على تلك السعادة الأبدية: «عيناي تستعذبان الرحيل/ أرتب بالياسمين المهفهف شعري/ وأرسم من سوسن الكلمات/ ملامح ثغري/ "أحبك" كم كتبت نشوانة في الصباح/ تحت نسائم قاسيون».
وأهدت "غادة فطوم" لروح "محمد الماغوط" قصيدتها معلنة سقوط حصان "طروادة" غير أنها عادت وأكدت أن "الماغوط" لا يمكن أن يمحو ذكراه الموت، لأنه صديق الكلمات ومهندس كل أنغام الفقراء ورغيف خبزهم حيث قالت: «على مشارف دمشق/ انتظرت لقياك/ أنا الصبية التي اتشحت بالسواد/ قالوا طروادة وحصانها/ أعلنا الرحيل/ يا صديق الكلمات».
ولم تكن الشاعرة "ليندا عبد الباقي" في تنوعاتها الشعرية غير فاكهة المهرجان بقصائدها التي أضفت على الحضور متعة ورغبة في المزيد، وكأنها تؤكد أن الشعر قادر على أن يكون سجاناً، ولكنه سجان إنساني يمرح ويضحك ويصادق فهي في إحدى قصائدها تطلق صرخة الحب للرجل وتدعوه ليكون رفيق الأيام والعمر: «قد أكون بحيرة بلا ملامح/ وأرضاً بلا قمح/ فكن رغيفي».
واختتمت "ميسون شقير" المهرجان بقصائد أخاذة نقلت فيها الحضور إلى مسالك لم يألفوها من قبل، ففي قصيدة "سجود" خرجت عن المألوف بقولها: «بصلصالي صنعت يداك/ كل التماثيل والآلهة/ بيديك حملت كل التماثيل والآلهة/ مطرقة حيث رفضت السجود».
وختمت بقصيدة "اعتراف":
«أنا لا أموت/ إذا تعريت في الخريف/ لكن أذبح لآخر الجذور في الربيع إذا لم أورق».